شتاء الحرب.. أعداء جدد ينضمون لروسيا ضد أوكرانيا

في ملجأ دافئ بالقرب من خط المواجهة الشرقي، كان الجندي الأوكراني ديميترو يراقب فأراً يستنشق الهواء ثم يندفع خلف أغطية بلاستيكية عازلة للجدران والسقف.

وقال الرجل، البالغ من العمر 36 عاماً، الذي يشغّل قاذفة صواريخ متعددة ذاتية الدفع من طراز BM-21 "غراد": "لم أر أي فئران في الشتاء الماضي، لكن في الخريف وأوائل الشتاء كانت هناك أعداد كبيرة". وفي داخل الملجأ، كانت 3 فئران ميتة عالقة في فخ الغراء.

ويقول فولوديمير، قائد الوحدة البالغ من العمر 45 عاماً: "المشكلة هي أنهم يقضمون الكابلات"، مشيراً إلى الكابل المستخدم للاتصال بالإنترنت عبر القمر الصناعي ستارلينك. وبحثًا عن الدفء والطعام، تتغذى القوارض أيضًا على ملابس الجنود.

من جانبه أفاد ديميترو لوكالة فرانس برس: "زوجتي اشترت لي هذه السترة الشهر الماضي فقط، وبدأ الفأر يأكلها بالفعل".

تنشر الفئران على خطوط المواجهة الأمراض التي تجعل الجنود يتقيؤون وينزفون من أعينهم، بحسب شبكة سي إن إن، ما يشل القدرة القتالية ويعيد خلق الظروف الصعبة التي ابتليت بها القوات في حرب الخنادق خلال الحرب العالمية الأولى.

وتشرح جندية أوكرانية، تدعى "كيرا"، كيف عانت كتيبتها في الخريف الماضي من "وباء الفئران" في أثناء القتال في منطقة زابوريجيا الجنوبية.

وتقول: "تخيل أنك تذهب إلى السرير، ويبدأ الليل بفأر يزحف إلى بنطالك أو سترتك، أو يعض أطراف أصابعك، أو يدك".

وأضافت: "تحصل على ساعتين أو 3 ساعات من النوم، اعتماداً على حظك". وقدرت أن هناك نحو 1000 فأر في خندقها المكون من 4 جنود. وتؤكد: "لم تكن الفئران من تزورنا، كنا نحن ضيوفهم".

كان مأوى ديميترو المخفي عن الأنظار تحت الغابة، يمتد لمساحة نحو 20 مترًا مربعًا وكان مفروشًا بأسرّة بطابقين ويحتوي على مطبخ، والأهم من ذلك، مدفأة سيارة صغيرة تعمل بالديزل وإمدادات كهربائية تعمل ببطاريات السيارات.

وكانت درجة الحرارة في الداخل نحو 20 درجة مئوية مقارنة بالصفر في الخارج. كانت السماء رمادية والهواء رطبًا وباردًا بعد هطول أمطار متواصلة في الأيام الأخيرة.

وقال ديميترو، وهو يستذكر الشتاء الماضي: "تجمد كل شيء في جسدي. وعندما عدت، ارتديت كل ما تمكنت من العثور عليه.. 3 أزواج من السراويل، والعديد من السترات".

وأضاف، وهو يضع قبعة صوفية زرقاء على أذنيه: "كنا دائما مستعدين للقتال. كنا نطلق النار باستمرار طوال اليوم. كان الجو باردا جدا".

بالإضافة إلى البرد والفئران، يؤدي فصل الشتاء إلى تجريد الأشجار من أوراقها، وبالتالي كشف مواقع القوات الأوكرانية أمام كاميرات الطائرات المسيرة الروسية.

كما تصعّب الطرق الجليدية عملية نقل أنظمة الأسلحة، وفي بداية فصل الشتاء، تتعطل المركبات أيضا.

وقال فولوديمير: "الآن هناك طين. وفي وقت لاحق سيكون هناك ثلوج".

وعلى بعد بضعة كيلومترات، بالقرب من باخموت، قال الطبيب الذي يستخدم علامة النداء العسكرية، أوسماك، إنه مستعد بصورة أفضل لهذا الشتاء.

وفي الطابق السفلي من المنشأة الطبية ذات الجدران الصلبة التي يديرها في الخطوط الأمامية، عزل الموظفون الأبواب والنوافذ باستخدام صوف معدني وألواح.

قال الطبيب "أوسماك": "في الشتاء الماضي، كان العمل أصعب بكثير، لأنه لم يكن لدينا الوقت الكافي للحصول على المعدات المناسبة. كنا نعمل في البرد".

وأوضح أنه في الغرف المستخدمة لعلاج المرضى، يجب أن تكون درجة الحرارة "28 أو 29 أو 30 درجة مئوية"، وذلك لأن الجرحى يعانون أحيانًا فقدان الدم وانخفاض حرارة الجسم بعد قضاء فترة طويلة في العراء.

ومع انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، قال الطبيب إنه يتوقع رؤية حالات صقيع.

لكنه قال إنه لاحظ كيف أن المزيد من الجنود يستخدمون الآن أكياس تدفئة الأيدي الكيميائية، وهي أكياس تحتوي على مزيج من المواد كالماء والملح والحديد والفحم، وتولد حرارة عند تعرضها للأكسجين.

وقال: "عندما يأتي الجرحى، حتى في مثل هذا الوقت، غالبًا ما ترى أنهم يضعون تلك الأكياس على أجسادهم وتحت ستراتهم وقفازاتهم".