"GPS السماء" يخدع الطيارين

في البداية، اقتصرت أزمة GPS السماء على التشويش الذي يمنع وصول الإشارات الصادرة عن أقمار تحديد الموقع الجغرافي، إلا أنها باتت أكثر حدة وخطورة، ما يجعل من الصعب مكافحة الإشارات المغلوطة، إذ تتلقى الطائرات إحداثيات وأوقات وارتفاعات خاطئة.

تشمل دوائر الأزمة الجغرافية محيط أوكرانيا منذ اندلاع الحرب مع روسيا قبل عامين، وشرق البحر الأبيض المتوسط، والممر الجوي فوق العراق، وذلك بحسب الطيارين والمسؤولين، الذين أجرت وكالة فرانس برس مقابلات معهم.

في البداية، سرعان ما يدرك طاقم الطائرة أن الإنذار كاذب، وذلك وفقا لما يؤكد مدير إحدى شركات الطيران، الذي تحدث مع وكالة فرانس برس، شريطة عدم ذكر اسمه.

ولكن لأن التحذير غالبا ما يتعلق بخطر داهم، تطلب شركات الطيران من طياريها القيام بمناورات طوارئ مع العودة والتحليل، وفي حال ظهور التنبيه مرة أخرى وعدم الكشف عن أي خطر، فإن الحل الوحيد في هذه الحالة هو إيقاف الإنذار الكاذب، والاعتماد على أنظمة أخرى تظل تعمل للكشف عن الأخطار المحتملة.

ولا يغطي نظام جي بي إس الشائع، سوى نظام الملاحة العالمي عبر الأقمار الصناعية (GNSS)، الذي يديره الجيش الأميركي.

ولكن يوجد نظامان آخران؛ غاليليو الأوروبي وغلوناس الروسي.

وعلى متن الطائرات، تعد أنظمة (GNSS) هي الأداة الرئيسية التي يمكن للطيارين الاعتماد عليها لتحديد مواقعهم، ولكنها ليست الوحيدة.

منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حذرت وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA) من زيادة الاضطرابات المتعلقة بنظام GNSS، وذلك حتى في مناطق بعيدة عن دائرة الصراع، مثل فنلندا والبحر الأبيض المتوسط.

ونبهت أنه في بعض الحالات قد تؤدي تلك الاضطرابات إلى تعديل مسار الرحلات أو تغيير الوجهة، وذلك لعدم إمكانية تنفيذ هبوط آمن في مثل تلك الظروف.

أما اللجنة المنظمة لشروط الصحة والسلامة لطياري الخطوط الجوية الفرنسية، فنشرت الشهر الماضي تحذيرا مما وصفته بـ"الخطر الجسيم والوشيك" المتعلق بخداع نظام (GPS)، وقدرت أن هذه الظاهرة تؤثر على ما يصل إلى 3.7 رحلة جوية من بين 1000 رحلة.

في أواخر يناير الماضي، كشفت وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA) عن شراكة مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، وهو اتحاد شركات الطيران الرئيسي في العالم الذي يضم أكثر من 300 شركة، وذلك لمواجهة الخداع والتشويش.

وقال القائم بأعمال المدير التنفيذي لوكالة سلامة الطيران الأوروبية، لوك تيتجات: "توفر أنظمة GNSS مزايا هائلة للطيران فيما يخص زيادة سلامة العمليات، في مجال جوي مشترك مزدحم".

وأضاف: "لكننا شهدنا ارتفاعا حادا في الهجمات على هذه الأنظمة، الأمر الذي يشكل خطرا على السلامة.. وعلى المدى الطويل، نحتاج إلى ضمان مشاركتنا في تصميم أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية المستقبلية".

أما المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي، ويلي والش، فقال: "نحن بحاجة إلى التنسيق وتبادل لبيانات سلامة GNSS؛ وتوجيهات إجرائية عالمية لحوادث GNSS من الشركات المصنعة للطائرات، بالإضافة إلى التزام الدول بالاحتفاظ بأنظمة الملاحة التقليدية كنسخة احتياطية في الحالات التي يتم فيها خداع GNSS أو التشويش عليها".

وتشمل الأنظمة التي يشير إليها والش، أجهزة إرسال على الأرض تبث إشارات لاسلكية تساعد الطائرات على تحديد مواقعها.