كيف يحمي نصرالله "نووي إيران" من لبنان؟

قالت مصادر إيرانية لرويترز إن نصرالله ركّز في حديثه مع قاآني على أنه لن يُقحم إيران في هذا الصراع مؤكّدا أن "هذه هي معركتنا"، وتحييد إيران عن الصراعات الإقليمية ضرورة، خاصة في الوضع الراهن.

تدرك إيران أن الصراع مع إسرائيل لمساندة حزب اللّه، في حال كثّفت ووسّعت إسرائيل ضرباتها، قد يؤدي إلى أضرار جسيمة، وفقا لما أكدته مصادر إيرانية لرويترز.

لهذا اللقاء أبعاده الاستراتيجية أيضا، لأنه يوضح أن إيران تتعرّض لضغوط، ما يدفعها إلى تجنّب الخوض في الحرب والاكتفاء بدعم جماعاتها، مثل حماس وحزب الله والحوثي، عن بعد، من دون التدخّل مباشرة.

حتى أنه بعد تنفيذ حماس لعملية "طوفان الأقصى" في الـ٧ من أكتوبر، وفي حين توقّعت مساندة إيرانية، إلاّ أن البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة صرّحت حينها، أن هذه العملية فلسطينية، واكتفت برسائل الدعم.

وعندما حاولت إيران وصف "طوفان الأقصى" بأنه ردا على مقتل قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، سرعان ما تراجعت عن ذلك، وشدّدت على أن هذه العملية فلسطينية بالكامل.

يرجّح الباحث من مركز واشنطن الاستراتيجية والدولية، في حديثه مع رويترز، جون ألتران، أن سبب إصرار حزب اللّه وإيران الابتعاد عن الحرب هو تقديرهما أن الحرب في لبنان "تتزايد ولا تتراجع".

لذلك، أقرّ مسؤول أمني إيراني أن تكلفة التصعيد في وجه إسرائيل قد تكون باهظة بالنسبة للجماعات المتحالفة مع إيران، مبررا أن مشاركة إيران قد تخدم إسرائيل عبر استمرار وجود القوّات الأميركية في المنطقة، بحسب رويترز.

علاوة على ذلك، تتخوف إيران من ضرب منشآتها النووية التي تستغلها كورقة تفاوض أساسية مع الولايات المتحدة الأميركية. فالحرب الإقليمية قد تهدد هذه المنشآت وهذا ما لا تريده إيران بطبيعة الحال.

أوضح مصدر من داخل السلطة الإيرانية لرويترز أن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، لا يريد تدخّل بلاده في الحرب لما قد يؤثّر ذلك على الرأي العام الإيراني خاصة أن الشعب يشعر باستياء من النظام الحاكم.

وقال الباحث البارز في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية باليمن، عبدالغني الإيراني، إنه لو اقتصرت الحرب مع إسرائيل لخاضها الإيرانيون، لكنهم يعلمون أنه في حال اتسعت دائرة الحرب، ستتدخل الولايات المتحدة الأميركية حتما.

قبل اللقاء مع نصرالله، ترأس قاآني اجتماعا في إيران جمع قادة العمليات من فصائل اليمن والعراق وسوريا و٣ ممثلين عن حزب الله ووفد من الحوثيين، ولوحظ غياب قادة من حركة حماس عن الاجتماع.

خلص الاجتماع إلى اتفاق كل المشاركين على أن إسرائيل تريد توسيع دائرة الحرب وأنه يجب تجنب الوقوع في هذا الفخ.

لا بد من الإشارة إلى أن منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، لم تدخل إيران بصراع مباشر مع إسرائيل وأكدت المصادر الإيرانية لرويترز أنه لا توجد رغبة بتغيير ذلك.

لم يكفل المبعوث الأميركي إلى لبنان، آموس هوكستين، الهدنة في جنوب لبنان في حال اتُفق عليها في غزة.

وهذا ما أكدته أيضا المسؤولة السابقة في المخابرات الإسرائيلية، سيما شاين، وترأس حاليا برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي، لرويترز، قائلة إن الخطة الإسرائيلية تؤيد مواصلة الحرب على الحدود مع حزب اللّه، حتى في حال الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة.

وبدا ذلك واضحا مع تكثيف إسرائيل لغاراتها خلال الأيام الماضية على جنوب لبنان، ليصل عدد القتلى حزب اللّه إلى 200 قتيل.

إسرائيل لن تحيد عن الجنوب قبل تراجع عناصر حزب الله عن الحدود، وفقا لرويترز.

في نفس الوقت، ورغم تهديد إسرائيل بشنّ غزو برّي على لبنان، إلاّ أنها لا تسعى إلى توسيع نطاق الأعمال القتالية لأنه سيستنزف موارد إسرائيل العسكرية.

هذا لا يعني أنها ستقفل الجبهة في الجنوب، لا بل ستعمل على توسيع ضرباتها العسكرية وتعدد جبهات القتال، والقصف على مدينة بعلبك يعتبر دليلا على ذلك.

أما حزب اللّه، فقد أشار سابقا إلى استعداده لوقف توجيه ضربات على المناطق الإسرائيلية بمجرّد أن توقف إسرائيل هجماتها على غزة.

لذلك، تعمل الولايات المتحدة، عبر هوكستين، بالتعاون مع فرنسا، على تقديم مقترحات ديبلوماسية لنقل مقاتلي حزب الله من المنطقة الحدودية وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي ساهم في إنهاء حرب يوليو عام 2006.

وسلّم لبنان، الجمعة، عبر وزير الخارجية، عبداللّه بو حبيب، الفرنسية المبادرة على رسميا ردا المتعلقة بوضع تصور للاستقرار في جنوب لبنان، مؤكدا عدم رغبته في الحرب.