لبنان ومجلس الأمن.. هل تحقق الشكاوى أي نتائج؟

تتقدم الدول بشكاوى إلى مجلس الأمن في حال شعرت أن سلامها مهدد، ويحق لكل دولة عبر مندوبها الدائم لدى مجلس الأمن، تقديم الشكاوى على أن تكون مدعّمة بإثباتات يمكن البناء على أساسها.

بدوره، يعمل مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوًا، 5 منهم دائمون يتمتعون بحق الفيتو (إبطال القرارات)، على إصدار الحكم المناسب.

فيما يتعلّق بشكاوى لبنان، قالت المحامية الخبيرة بالقوانين الدولية، زينة واكيم، في حديثها مع بلينكس، إن الحد الأقصى للإجراءات التي يمكن أن يتخذها مجلس الأمن هو فرض عقوبات على إسرائيل، ولكن يُعتبر هذا الخيار مستبعدًا ما دامت الولايات المتحدة تحتفظ بحق استخدام الفيتو.

لذا، اعتبرت واكيم أنه لا جدوى لهذه الشكاوى، وأنها مجرّد "حبر على ورق" ما دامت الدولة المتّهمة لن تلتزم بأي من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن.

يتوافق رأي المحامي والأستاذ المحاضر في القانون الدولي، أنطوان سعد، مع واكيم، إذ أوضح لبلينكس أن السقف الأعلى الذي يمكن لمجلس الأمن أن يصل إليه هو توجيه إدانة معنوية لإسرائيل على خرقها قرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة لوقف النزاع بين لبنان وإسرائيل عقب حرب يوليو 2006.

لن تجدي هذه الإدانة نفعاً، لأنها لن تتّخذ مساراً قانونياً ولن تفرض على إسرائيل أي أحكام، كما يحصل في محكمة العدل الدولية، على سبيل المثال.

مع ذلك، أكّدت واكيم أنه في حال قرّر مجلس الأمن فرض عقوبات على إسرائيل، سيكون له وقعه عليها، خصوصا أن هذه العقوبات قد تفرض على أفراد أيضاً، أي ليست محصورة بالدول.

تكمن أهمية العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن، في تدابيرها، إذ تتراوح بين عقوبات اقتصادية وتجارية شاملة، وحظر الأسلحة وحظر السفر والقيود المالية أو السلعية، بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة.

ونوّهت واكيم إلى أن هذه العقوبات قد تُرفع في حال تحسّن سلوك الدولة أو الفرد.

وكانت الأمم المتحدة قد فرضت عقوبات على 31 دولة أو نظام حول العالم، منذ عام 1966، منها روسيا بسبب حربها على أوكرانيا.

منذ رفع جنوب أفريقيا لدعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، التابعة أيضاً للأمم المتحدة، وأصبح السؤال عن سبب عدم اتخاذ خطوة مماثلة.

تتميز محكمة العدل الدولية بأنها تحاكم الدول، وليس الأفراد، لذا، يمكن للدولة اللبنانية مقاضاة إسرائيل أمام هذه المحكمة، وفقا لـ"المادة 9 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية" بحسب المحامي فاروق المغربي.

أشادت واكيم بالأحكام التي أصدرتها محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل فيما يتعلّق بالدعوى المرفوعة ضدّها من جنوب أفريقيا، باعتبارها سابقة لم تحدث من قبل.

أردفت واكيم قائلة: "إننا نقلّل من أهمية هذه الأحكام وتبعاتها"، وأضافت أن الشهادات التي قدمتها الدولتان تشير إلى أن إسرائيل قد تكون بخطر.

لأنطوان سعد وجهة نظر أخرى، إذ يعتبر أن أحكام المحكمة غير مجدية لأنها لا تطبّق على أرض الواقع مستنداً إلى إصدار المحكمة الدولية بضرورة هدم "جدار الفصل العنصري" الذي يفصل بين إسرائيل وغزة عام 2004، لكن ذلك لم يحصل قط.

لذا فحتى الأحكام، برأي سعد، عبارة عن إدانة معنوية. أما السبب الذي لا يدفع الحكومة اللبنانية لرفع دعوى أمام المحكمة الدولية، فيقول: "لعدم رغبتها بالاعتراف بـ"دولة" إسرائيل، خاصة أن المحكمة الدولية تحاكم دولا".

ويكمل: "علماً أن الحكومة نفسها اعترفت ضمناً بدولة إسرائيل عندما رسّمت الحدود البحرية معها في 27 أكتوبر 2022، وعندما وافقت على القرار 1701 عام 2006".

الجدير بالذكر أن السفير اللبناني السابق للأمم المتحدة، نواف سلام، انتخب رئيساً لمحكمة العدل الدولية في فبراير 2024، وعندما كان عضواً في المحكمة صوّت ضد إسرائيل في قضية الإبادة الجماعية الحالية.

وعندما كان سلام سفيراً دائماً للبنان لدى الأمم المتحدة، قدّم عددا من الشكاوى ضد إسرائيل أيضاً.