وثائق بلينكس.. هكذا خطط داعش لاقتحام "سجن غويران" في سوريا

تكشف الوثيقة عن مكالمة هاتفية جرت بين مسؤول في التنظيم يدعى "عثمان"، يبدو أنه قد قتل بالنظر إلى ذكر عبارة "تقبله الله" عقب اسمه، وبين أعضاء التنظيم داخل السجن، ذكروا فیه أن البوابة الأمامية محصنّة على عكس البوابة الخلفية.

يعلّق المعتضد بالله: "لا أستبعد هذه الفرضية، لأن غالب التحوطات الأمنية تتركز على البوابة الأمامية للمكان لكونھا محل الدخول والخروج، أما السور الخلفي فغالبا ما یكون ھشا".

يضيف: "لذا وفي حال كون ھذه المعلومة صحيحة بالفعل؛ فيكون العمل بتوجيه وتفجیر سیارتین مفخختين نحو السور الخلفي لإيجاد ثغرة واسعة في بناية السجن تسمح لهروب أكبر عدد ممكن بوقت سريع".

يوصي زعيم التنظيم في سوريا بامتلاك سيارات وملابس كتلك التي تستعلمھا القوات الكردية، بھدف السماح بدخول المھاجمین مدينة الحسكة بشكل آمن.

كما یشیر إلى ضرورة إضافة سیارة "فان" تكون محملة بالأسلحة الخفيفة وإن أوقفتھا الحواجز یقول قائدھا: "إنھا أسلحة إرھابیین تمت مصادرتها بعد مداھمة إحدى مستودعاتھم"، وفق الوثیقة.

ويرى الشامي، أن العربات التي تقل المهاجمين يجب أن تكون مفخخة وتستخدم لتفجير بوابة السجن بعد أن يترجل منھا عناصر داعش قبل البدء بالھجوم على الأبراج، فیستھدف الانتحاري الأول البوابة الأمامية فیما یستھدف انتحاريان البوابة الخلفية.

يوصي الشامي بأن لا یبلغ عناصر التنظيم بالداخل بساعة الصفر للھجوم، خصوصا مع الاختراق الكبير الذي يعاني منه التنظیم والذي تسبب بالإطاحة بالكثير من قياداته.

ويكون تفجیر البوابة الأمامية ومھاجمة الأبراج ھي ساعة الصفر للسجناء في الداخل للتحرك، وفق خطة یضعونھا بأنفسھم، بحسب ما جاء في الوثيقة.

يشدد زعیم داعش في سوريا على ضرورة أن يأخذ عناصر التنظيم في سجن غويران رھائن معھم خصوصا من المقاتلات والقیادیین في قوات سوریا الدیمقراطیة وجلبھم في أي مكان یتوجه إلیه عناصر التنظیم.

وحول وجهة سجناء التنظيم بعد الخروج من السجن، يوصي الشامي بأن تكون لمناطق المسیحیین في الحسكة لاستعمال آلیاتھم وعرباتھم، ویؤكد مجددا أن من الضروري أخذ رھائن مسیحیین، خصوصا من النساء ورجال الدین.

يؤكد "الشامي" أن على عناصر التنظيم التوجه والاندفاع نحو مناطق سيطرة القوات الكردية فيتجه جزء نحو القامشلي شرقا، والرقة غربا وطريق M4 جنوبا لمحاولة السيطرة على مدينة عين عيسى، وإحكام السيطرة على شمال ووسط الجزيرة السوریة.

يعتقد الشامي، بحسب الوثيقة، أن تركيا لن تمانع في سيطرة التنظيم على المناطق المحاذية لقواتھا ھناك خصوصا أن داعش سيكون حاجزا بینها وبین القوات الكردية.

يقول الشامي إن مناطق دیر الزور ستسقط تلقائیا، ودعا عناصر التنظیم لعدم التوجه لھا كي لا تستخدم القوات السورية وروسیا والملیشیات المتحالفة معهما، ذلك ذريعة لاستھداف مناطق شرق الفرات، إلا في حالة التنسيق بين التنظيم ومقاتليه المنتشرين في الصحراء جنوبا.

تبين الوثيقة محاولة التنظیم توسعة رقعة القتال لتشتيت القوات الكردية، بالاعتماد على عدد الخارجين من السجن، وهو ما لم یتحقق.

عرج الشامي على دور التحالف الدولي وأكد بأنه لن یعمل كما في السابق، وسیقتصر على الغارات الجویة فقط.

كما تحدث عن دور العشائر والسكان قائلا عن نظرتھم للقوات الكردية بأنھا "لیست كما كانت من قبل، فقد صاروا منبوذين كثيرا من قبل العشائر العربیة".

وأكد الشامي أن وصاياه غير ملزمة لكنه طالب بتقریر أولي تفصیلي عن العملیة وأین وصل التجهیز لها آنذاك.

من سیاق الأحداث حینها، یبدو أن التنظیم اعتمد الكثير من النقاط الواردة في الوثيقة، إلا أن الخطة لم تتم كما أرادها التنظیم، فالمسلحون لم ينجحوا بتوسعة رقعة المعركة كما لم یخرج العدد الذي توقعته الوثیقة بـ5 آلاف سجین.

وانتشر مسلحو داعش في الأحياء المحيطة في السجن لا سیما غويران والزھور والمفتي وحوش الباعر، حيث دارت معارك عنيفة لعدة أیام شاركت بھا قوات التحالف.

لكن نجح عدد من قياديي التنظيم وعناصره في الخروج فرادى من الحسكة ووصلوا إلى قواعد التنظيم في الصحراء فیما توجه آخرون نحو تركيا وفقا لتقارير نشرت حينها.

واحتفى إعلام داعش وقتھا بالعملية وأفردت صحيفة النبأ الإلكترونية الناطقة باسم التنظيم عدة صفحات لما سمتھا "ملحمة غويران".

وأحجمت الصحیفة عن ذكر تفاصيل العملية وعدد العناصر الذين نجحوا بالفرار لكنھا اكتفت بالكشف عن عدد المھاجمین من الخارج وھم 12 مسلحا.

وذكرت أن خسائر القوات الكردية وصلت إلى 266 قتیلا بینھم مدیر السجن، فیما ذكرت الأخیرة أنھا قتلت نحو 200 من عناصر التنظيم.

واستخدم عناصر تنظيم داعش، بحسب روایاته، سیارتین مفخختین يقودهما انتحاريان، أعقبه ھجوم من ثلاثة محاور كما أحرق مسلحوه مستودعات المحروقات في سادكوب قرب السجن لإضعاف تدخل الطيران الأميركي.

كما ھاجمت مجموعة أحد مقرات قوات "الأسايش" القريبة من السجن وقطعت مجموعة الطرق المؤدية للسجن لمنع وصول التعزيزات العسكرية وھذا يتطابق إلى حد كبیر مع الخطة التي اقترحھا قائد داعش حسب الوثيقة.

ولا يبدو أن عملیة سجن غويران أضافت قوة على الأرض للتنظيم نظرا لقلة عدد الذین نجحوا بالفرار، لكنھا أخذت بعدا إعلاميا ومعنويا لعناصره عقب الخسائر المتوالية التي تلقاھا، ولم يكن آخرھا مقتل زعیم التنظیم "أبو إبراھیم القریشي" بعد أیام فقط من ھجوم الحسكة خلال عملیة أميركية خاصة في بلدة أطمة شمالي غرب سوريا.

لطالما اعتمد التنظيم منذ نشأته في العراق على عملیات اقتحام السجون لإخراج سجنائه وكذلك لإثبات العھود التي یقطعھا قادته على أنفسھم بإطلاق سراح أتباعھم المعتقلين.

وأواخر عام 2007 اقتحم تنظيم داعش في العراق، سجن شمالي الموصل في عملية خاطفة أدت لتحریر 150 سجينا.

كما أعلن بعدھا بسنوات عن حملة "ھدم الأسوار" التي أنھاھا بھجوم على سجني أبو غريب والتاجي في یولیو 2013 نجح لھا بإخراج المئات من عناصره من "أبو غریب".