صفقة أميركية مرتقبة للتهدئة بين حزب الله وإسرائيل

منذ ٣ أشهر تقريبا، وواشنطن تحاول تهدئة الأجواء المتوترة على جانبي الحدود اللبنانية- الإسرائيلية خوفا من انزلاق البلدين إلى حرب شاملة، بل سعت واشنطن إلى إبرام اتفاق لترسيم الحدود البرية بين البلدين، في ما يشبه الاتفاق السابق حول الحدود البحرية.

وجاءت الزيارات المتكررة للمستشار الرئاسي الأميركي لأمن الطاقة العالمي، آموس هوكستين، إلى بيروت، ضمن جهود الوساطة بين البلدين، وعلى ما يبدو أنه تمّ التوصل إلى تفاهمات حول 7 نقاط، بينما مازالت 6 نقاط عالقة بين الطرفين، وهو ما يحول دون الاتفاق النهائي.

ووفقا لمصادر دبلوماسية أميركية، فإن جهود الوساطة قد لا تأتي ثمارها بسبب شغور منصب الرئيس في لبنان، وهو المنصب الذي ظل شاغرا منذ ما يقرب من عامين، وتؤكد واشنطن على أن اختيار الرئيس هو أمر ضروري في النهاية للموافقة على اتفاق الحدود وأي اتفاق مستقبلي مع إسرائيل.

وأوضح مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، أنه رغم أن قيادات الحرس الثوري الإيراني، والتي تتحكم في قرار حزب الله، كانت تفضل تجنب الحرب الشاملة ولو جزئيا بين حزب الله وإسرائيل، للحفاظ على القدرات العسكرية القوية للحزب، ولردع الهجمات الإسرائيلية على إيران نفسها، ولكن يبدو أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة على منشأة القنصلية في دمشق سوف تغيّر حسابات طهران.

وقال "من غير المستبعد أن ينطلق الانتقام الإيراني الوشيك من داخل لبنان نفسه وهو ما سيجر المنطقة لحرب جديدة ولذلك يجب على واشنطن التدخل بسرعة".

ودعا شينكر في دراسة إدارة بايدن للتدخل فورا لرأب الصدع على جانبي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية لمنع الإنزلاق للحرب الشاملة.

ونبّه الدبلوماسي الأميركي السابق، الذي شغل منصبه في الخارجية الأميركية حتى 2021، إلى أن إدارة بايدن تسعى إلى التوسط في وقف إطلاق نار والتوصل إلى اتفاق أوسع نطاقا يبقي بموجبه حزب الله جميع قواته على بعد 7 كيلومترات من الحدود. وفي المقابل، تنهي إسرائيل بعض عملياتها الجوية فوق لبنان.

وكشف شينكر، عن أن إسرائيل تنظر إلى النزاع مع حزب الله بأنه أمرا لا مفر منه، لكنها تعترف بأن الدولة تحتاج إلى الوقت للسماح لاقتصادها بالتنفس مجددا وتجديد ترسانتها استعدادا لحرب صعبة في الشمال مع حزب الله، حيث أن أي نزاع مع حزب الله سوف يكون أكثر صعوبة وتدميرا.

وعلى الجانب الآخر، فإن حزب الله لا يريد الحرب في الوقت الحالي، وليس من الواضح إذا كان الحزب يريد فعليا ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، لأن هذه النتيجة من شأنها أن تقوّض مبرراته للحفاظ على ميليشياته الضخمة والسيطرة على الدولة اللبنانية.

أضاف شينكر أن تشجيع إدارة بايدن لحزب الله بقبول التهدئة، والموافقة على ترسيم الحدود، في مقابل عرض واشنطن دعم سليمان فرنجية، مرشّح حزب الله المفضّل لرئاسة الجمهورية في لبنان، أمر محفوف بالمخاطر.

وقال: "دعم فرنجية يشكل مناورة غير حكيمة لن تؤدي إلا إلى تعزيز جهود حزب الله المتقدمة أساسا للسيطرة على الدولة اللبنانية".

وكشف شينكر، أن الاقتراحات الأخرى التي تشملها الصفقة المرتقبة مثل، ضمان رواتب الجيش اللبناني، وتطوير جنوب لبنان اقتصاديا، كلها أمور إيجابية، مضيفا أنه "من المرجّح ألا يقبل بها حزب الله، الذي لطالما سعى إلى منع الاستثمار في لبنان من أجل إبقاء قواعده وناخبيه معتمدين عليه بشكل حصري".

من جانبه قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن واشنطن ترى أن الوقت قد حان لكي يمضي لبنان قدما في اختيار رئيس وتشكيل حكومة.

وأضاف ميلر، في تصريحات لبلينكس من العاصمة الأميركية، أن الشعب اللبناني يحتاج ويستحق رئيسا وحكومة يستطيعان تفعيل الإصلاحات الحاسمة اللازمة لمساعدة لبنان على إعادة بناء اقتصاده، ويمكنهما تمثيل مصالح لبنان على الساحة الدولية.

وردا على سؤال حول احتمال دعم واشنطن لمرشح مدعوم من حزب الله كجزء من صفقة لتهدئة التوترات مع إسرائيل، سواء كان "فرنجية" أو أي مرشح آخر، فضّل ميلر ترك الباب مفتوحا أمام الاحتمالات كافة، قائلا: "الأمر متروك لزعماء لبنان المنتخبين لاختيار رئيس وتشكيل الحكومة".

الدكتور في مركز ويلسون الأميركي، جو معكرون، كان قد كشف لبلينكس في وقت سابق عن أنه لا أفق لإجراء محادثات بشأن الحدود اللبنانية- الإسرائيلية في ظل الأوضاع الإقليمية الحالية.

وتابع معكرون، أن إدارة بايدن تحاول التلويح بالمفاوضات والصفقات لترسيم الحدود البرية، كحافز للبنان للحفاظ على الهدوء على الحدود مع إسرائيل.

وأشار إلى أن المحادثات الحدودية مرتبطة بالانتخابات الرئاسية المتوقفة في لبنان، وهو ما يشير بوضوح إلى عدم جدية مثل تلك المفاوضات.