"رسالة تحذيرية" في تركيا.. سوريون يحزمون الحقائب مجددا

وصل سالم إلى مدينة إسطنبول في عام 2017، وحصل على بطاقة "الحماية المؤقتة".

وقبل هذه الرحلة سلك ذات الطريق، بعدما أصبح على يقين أنه لم يعد "لديه خبزة في البلد".

ورغم أنه ترشح للحصول على الجنسية التركية، ما زال طلبه معلقاً منذ 5 سنوات.

ويضيف لبلينكس: "أحببنا تركيا لكنها لم تحبنا.. الاستقرار نعمة كبيرة.. فقدناها وواجهناها بالتأجيل.. لكن كان لابد من اتخاذ القرار".

يوضح أن اتخاذه قرار الهجرة إلى فرنسا بعد قبول طلبه، يرتبط بعدة أسباب مترابطة:

الأول: أنه "لاجئ وغير لاجئ" في ذات الوقت، في إشارة منه إلى غياب أي تعريف لحالته في البلاد.

الثاني: خيبة أمله في الحصول على الجنسية، بعدما تعلّقت كل الطلبات، دون معرفة أسباب ذلك، وما إذا كانت ستستأنف أم لا.

الثاني: لتأمين مستقبل طفلتيه بكل بساطة، وفق حديثه.

ويردف بالقول: "أنا كبرت وقادر على تحمّل التعتّير (الهموم ومطبات الحياة) لكن طفلتاي لن ترحماني في المستقبل لو ظلّت الحالة كما هي".

كما يضيف أن قرار الهجرة يتعلق بما آلت إليه البلاد في العامين الماضيين.

وأشار إلى ارتفاع معدل خطاب الكراهية ضد الأجانب، وما رافق ذلك من تضييق و"ترحيل".

لا تختلف قصة السوري الآخر سليمان كثيراً، لكن جزءاً من الأسباب يرتبط بالحملات التي شنتها السلطات التركية مؤخراً.

يمتلك الشاب بطاقة "حماية مؤقتة" أيضاً، لكنها صادرة عن ولاية غازي عنتاب بينما يقيم في إسطنبول، وهو ما يضعه أمام خطر الترحيل إلى شمال سوريا.

يقول لبلينكس: "بدء الحياة من جديد في فرنسا أهون علي من أعود مرغماً إلى الجحيم".

وعلاوة على ذلك لم يعد مرتبه الشهري المقدّر بـ20 ألف ليرة تركية يكفي لدفع ثمن إيجار المنزل.

ويضيف: "البلد هنا تأخذ منك ولا تعطيك وفي النهاية تجد نفسك عند النقطة صفر".

لم يتمكن سليمان من الزواج وبات يبلغ من العمر 38 عاماً.

ورغم أنه لا يتأمل كثيراً على الجانب الاقتصادي، يعتقد أن قراره "حكيم" وخطوة كان لابد من أن تتخذ منذ زمن.

يقيم في تركيا أكثر من 3 ملايين سوري، وينقسم هؤلاء ضمن 3 فئات:

الأولى: يحملون بطاقة "الحماية المؤقتة" أو كما تعرف بـ"الكيملك".

الثانية: يحملون بطاقة الإقامة السياحية أو إقامة العمل.

الثالثة: حاصلون على الجنسية التركية، ولا يتجاوز عددهم حاجز 200 ألف شخص.

وتظهر الأرقام الحديثة الصادرة عن "رئاسة الهجرة التركية" أن الأرقام الخاصة بالسوريين باتت تتضاءل بالتدريج وشهراً بعد آخر.

ويرتبط ذلك بالحملات الأخيرة التي شنتها السلطات تحت عنوان "مكافحة الهجرة غير الشرعية".

وتتعلق أيضاً بالخطط التي تعلنها الحكومة صراحة، حيث تقول إنها تنوي إعادة "مليون لاجئ سوري إلى بلادهم وبصورة طوعية"، فيما توثق منظمات حقوقية حالات "ترحيل إجباري".

بينما وصل سالم وسليمان إلى فرنسا وبدءا حياة جديدة، ينتظر سوريون آخرون "هدوء الموج"، كما تحدث اثنان منهم لبلينكس.

لا تعتبر الهجرة بصورة نظامية باتجاه الدول الأوربية خياراً متاحاً بالنسبة للكثيرين.

وعلى أساس ذلك يتجه معظم من استنفذ مدخراته وخياراته في تركيا لركوب البحر، في رحلة تشوبها الكثير من المخاطر.

ويتخللها دفع مبالغ طائلة، تحدد بشكل وسطي بـ10 آلاف دولار للراكب الواحد.

الرحلة تبدأ من السواحل التركية باتجاه اليونان، ومن ثم بجواز سفر مزوّر إلى أي دولة أوروبية يختارها، كما يشرح السوري بلال سمّان لبلينكس.

ويقول إنه تواصل مع "مهرّبين"، وأخبروه أن "الطريق سيفتح في بداية الشهر المقبل".

ويشير إلى ذلك حازم أبو حلقة، ويضيف لبلينكس أنه اتفق على كل الترتيبات مع أحد "المهرّبين"، وينتظر "اتصال" يبلغه فيه بساعة تحرك "اليخت" على حد تعبير الأخير.