إسرائيل تحرج أميركا وتجبرها على "سياسة الصمت"

انتقدت صحيفة واشنطن بوست "صمت واشنطن" مع تزايد الإدانة العالمية للهجوم الإسرائيلي على رفح، وقارنت الصحيفة بين موقف الإدارة الأميركية بعد قرار محكمة العدل الدولية الذي دعا إسرائيل إلى وقف هجومها على الفور" في رفح، وموقف مماثل للمحكمة نفسها في مارس 2022، والذي أمر روسيا بـ"التعليق الفوري للعمليات العسكرية" التي بدأتها للتو في أوكرانيا.

وتقول الصحيفة، في تقريرها، إن الولايات المتحدة "التي تفتخر بكونها رائدة عالمية في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي" التزمت الصمت بشكل واضح بعد أن أمر محكمة العدل الدولية.

وكان غياب أي بيان علني من إدارة بايدن يناقض حكما مماثلا تقريبًا أصدرته محكمة العدل الدولية في مارس 2022، والذي أمر روسيا بـ"التعليق الفوري للعمليات العسكرية" ورحبت وزارة الخارجية حينها بشدة بالقرار ودعت موسكو إلى الامتثال.

كيف تبرر واشنطن موقفها؟

رفضت الإدارة الأميركية أي مقارنة بين الموقفين، مشيرة إلى أن أحدهما بدأ بهجوم على إسرائيل من قبل "مجموعة تصنفها واشنطن إرهابية والآخر بغزو غير مبرر من قبل دولة عضو في الأمم المتحدة لدولة أخرى"، بحسب الصحيفة.

وأوضحت واشنطن بوست أن مجلس الأمن القومي الأميركي سمح للمتحدثين الرسميين بالرد على أي أسئلة بشأن الموقف الأميركي بجملة واحدة: "لقد كنا واضحين وثابتين بشأن موقفنا بشأن رفح".

خلال العامين الماضيين، قاد كبار المسؤولين الأميركيين حملة وصفتها الصحف الغربية بالشجاعة لحشد العالم ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ تمت الإشادة ببايدن ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، في الداخل والخارج لتوحيد الحلفاء تحت راية القيادة الأميركية معولين بذلك على المبادئ الأساسية للقانون الدولي وحقوق الإنسان، بحسب موقع مودرن بولسي.

وفي الوقت نفسه تحرص الولايات المتحدة على مصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، وتؤيد هدفها المتمثل في تدمير حماس وتوفير ذخائر لخدمة هذا الهدف، مما دفع جزءا كبيرا من قادة العالم للاعتقاد أن إدارة بايدن تمكن إسرائيل من حملة عسكرية إسرائيلية فتاكة لا يمكن تبريرها.

الموقع سلط الضوء على سلبيات تمسك الإدارة الأميركية بدعم إسرائيل مستشهدا بالخبير في مجموعة الأزمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، ريتشارد جوان الذي قال: "لا يوجد مسؤول أميركي في الوقت الحالي يؤيد هذا الوضع".

والقلق من واشنطن بشأن دورها في الصراع يمكن أن يؤدي إلى تعقيد الأهداف الدبلوماسية الأخرى للولايات المتحدة، على الأقل في المدى القريب، وبحسب الموقع، فإن مديرة معهد الدراسات الدبلوماسية في جامعة جورج تاون، باربرا بودين، أكدت أنه بالنسبة للعديد من الحلفاء كان الموقف الأميركي من غزة يتناقض تماما مبادئ الدفاع عن أوكرانيا.

مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، تحدث لأسوشيتد برس شرط عدم الكشف عن هويته، برر التقييم الداخلي للإدارة الأميركية على مبدأ أن القوات الإسرائيلية لم تنتقل بعد إلى وسط مدينة رفح، وهو الأمر الذي سيشعل غضب واشنطن حيث أن وسط المدينة هو البؤرة الأكثر كثافة سكانية.

في الوقت نفسه تغيرت "لهجة البيت الأبيض" وشهدت تحولا ملحوظا هذا الأسبوع بعد عودة مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان من زيارة إلى إسرائيل، حيث قال إنه اطلع على "التحسينات" في الخطة الإسرائيلية للقضاء على حماس في رفح.

وبحسب أسوشيتد برس فإنه خلال محادثات سوليفان مع نتنياهو ومسؤولين آخرين، أخذ الجانب الإسرائيلي العديد من مخاوف بايدن بشأن خططه بشأن رفح في الاعتبار، وفقا لمسؤول كبير في الإدارة طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه المسألة الحساسة.

شدد المسؤول أيضا على أن الولايات المتحدة لم تعطِ الضوء الأخضر للخطة الإسرائيلية، لكن التغييرات التي وضعها المسؤولون الإسرائيليون على الخطة تشير إلى أنهم يأخذون مخاوف بايدن على محمل الجد.

صحيفة الغارديان البريطانية سلطت الضوء على واقع عملية رفح، باعتبار أن الولايات المتحدة إما أنها أقنعت إسرائيل بالفعل بتعديل خططها لجعلها مقبولة، أو أنها تعمل وفق سياسية مواجهة الأمر الواقع الإسرائيلي المتمثل في استمرار الاجتياح بغض النظر عن اعتراضات واشنطن.

وترى الصحيفة أن التهديد الأميركي بمعارضة غزو رفح كان مفيدا في محاولة إقناع الجانبين بالموافقة على وقف إطلاق النار، واللجوء لحل عن طريق المفاوضات، ولكن عندما انهارت المحادثات، لم تجد الإدارة الأميركية حلا لمنع إسرائيل من الهجوم على آخر ٤ كتائب لحماس، بحسب ما تزعمه تل أبيب.