"الحرب النفسية" بين حزب الله وإسرائيل.. جدار صوت وحفلات

بشكل يومي، يتابع اللبناني محمد سيف الدين، 54 عاما، الأنباء والأخبار الآتية من جنوب لبنان وقطاع غزة، ويقول إن "إسرائيل غير قادرة على شن حرب ضد لبنان، لكنها في الوقت نفسه تمارس أساليب الرعب من خلال إطلاق تهديدات يومية واستخدام وسيلة خرق جدار الصوت".

بالنسبة للمواطن المتقاعد من أحد الأسلاك العسكرية اللبنانية، فإن الحرب النفسية اليوم هي الطاغية وتجعل المواطنين يرتعبون كثيرا من المعارك الكبرى، وتاليا يطالبون بأي حل مهما كان.

وسط كل ذلك، هناك سؤال أساس: ما هو التعريف المبسط والعلمي للحرب النفسية؟ يقول الخبير الاستراتيجي اللبناني هشام جابر لبلينكس إن الحرب النفسية هي سلاح يستخدمه طرف ضد عدوه، وذلك للتأثير على معنوياته من خلال أساليب وخطط دعائية ومنشورات وعمليات أخرى.

جابر الذي يُدرس علم "الحرب النفسية" في الكلية الحربية التابعة للجيش اللبناني، يقول إن "الحرب النفسية توازي الحرب الميدانية، وهي تسبق عادة العمليات العسكرية، وحين تكون هناك معارك تستمر بالتوازي معها"، ويضيف "أيضا الحرب النفسية تستمر حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية، فإذا كان هناك انتصار، يتم اعتماد تلك الحرب للاستثمار في ذاك الانتصار، وإذا كانت هناك هزيمة، يكون دور هذه الحرب للتخفيف منها".

يوضح جابر تفاصيل أساسية عن الحرب النفسية التي يصفها بأنها "تطورت كثيرا"، ويوضح:

• هناك شق من تلك الحرب يُسمى "العمليات النفسية" ويستعمل لتوجيه رسائل للصديق وللبيئة الحاضنة وللداخل.
• الوسائل التي تستخدم خلال الحرب النفسية عدة، منها الإشاعات التي توجه نحو الشعوب أو باتجاه الجيوش العسكرية.
• الحملات الدعائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي باتت تعتبر وسيلة أساسية من وسائل الحرب النفسية وسط التطور التكنولوجي.
• الحرب النفسية يمكن أن تكون وسيلة لتسريع الحل، خاصة إذا حققت أهدافها قبل اللجوء إلى الميدان من خلال إرغام طرف ما على القبول بشروط الطرف الآخر من دون حرب.

اعتماد إسرائيل للحرب النفسية ضد لبنان ليس جديدا، لكن جابر يعتبر أن الأساليب تغيرت كثيرا، ويقول التالي:

• إسرائيل تعمد باستمرار على بثّ الإشاعات والتهديدات.
• لدى إسرائيل ناطقون عسكريون يتحدثون العربية.
• إسرائيل تستخدم وسائل رعب مختلفة، مثل خرق جدار الصوت الذي يساهم في التأثير على المواطنين ويرعبهم من فكرة الحرب.

لكن هل نجحت إسرائيل في حربها النفسية ضد لبنان؟ يعتبر جابر أن تل أبيب نجحت إلى حد ما في حربها النفسية ضد لبنان، وذلك من خلال إحداث شقاق بين اللبنانيين وتأسيس خلاف حول جبهة جنوب لبنان ودور حزب الله فيها.

أما بالنسبة لحزب بالله، فيقول جابر إن لدى المنظمة "إعلامها الحربي" الذي تعمل على توسعته.

جابر توقف عند فيديو "الهدهد" الذي بثه حزب الله قبل نحو أسبوعين، وعبره أظهر قيام طائرة مسيرة تابعة له بتصوير منشآت عسكرية حيوية إسرائيلية في حيفا. هنا، يقول الخبير الاستراتيجي إن هذا الفيديو كان مهما من ناحية الحرب النفسية التي يخوضها حزب الله، إذ أظهر أهدافا استراتيجية كبيرة.

يوضح جابر أن أوجه الشبه بين الحرب النفسية الحالية، وتلك التي تم اعتمادها خلال حرب يوليو 2006 بين لبنان وإسرائيل، هي نفسها، لكن الأساليب تطورت كثيرا.

في المقابل، يعتبر جابر أن "حزب الله" والجماعات الأخرى الموالية لإيران، لديها سلبيات كثيرة في الحرب النفسية وعلى الصعيد الدعائي، ويوضح التالي:

• الدعاية التي يستخدمها حزب الله موجهة فقط لجمهوره لرفع معنوياته، وأيضا موجهة للجمهور الإسرائيلي عند استخدام اللغة العبرية.
• التقصير الأساس يكمن في أن حزب الله نسي أن هناك رأيا عاما غربيا يجب التوجه إليه، وهذا الأمر يتطلب استخدام لغات عديدة في الخطابات مع وسائل إعلام مختلفة تتحدث بلسان الشعوب الغربية.
• يرى جابر أيضا أنه من الخطأ تماما رفض حدوث مواجهة بين ضيف إسرائيلي وآخر عربي عبر شاشات التلفزة، ويقول "الحرب النفسية تحتاج أيضا لمواجهة تبرز وجهة النظر. الأساس هو أنه لا يجب أن يتحاور الضيفان بشكل مباشر لأن هناك مقاطعة ورفض للتخاطب المباشر بين العرب والإسرائيليين، لكن يمكن للضيف العربي أن يرد على الإسرائيلي من خلال إبراز وجهة نظره عبر المذيع، وهذا أمر أساسي".

أغلب المواطنين في لبنان يتابعون الأنباء الواردة من جنوب لبنان، فهناك دمار يومي وضحايا. في المقابل، يظهر شق آخر باستمرار الحفلات والمهرجانات، كما أن الأنشطة الاجتماعية قائمة ولم تتبدل. فما الأسباب وراء ذلك؟

المتخصصة في مجال علم النفس بنين بريطع تفسّر لبلينكس مدى تأثير الحرب النفسية والدعائية على الجمهور اللبناني، وتوضح التالي:

• فئة كبيرة من المجتمع اللبناني تأقلمت مع ما يجري، والدليل على ذلك هو أن الحياة داخل لبنان لم تواجه الشلل، فالحفلات مستمرة، حتى أن الحركة التجارية على حالها في غالبية المناطق اللبنانية.
• الوضع النفسي حاليا لدى المجتمع اللبناني مختلف عن الفترات الأولى من اشتباكات جنوب لبنان التي بدأت يوم 8 أكتوبر الماضي، مشيرة إلى أنه في البداية كان القلق مسيطرا بشدة، لكن مع الوقت، تراجع تأثيره.

في المقابل، تعتبرُ المتخصصة في علم الإجتماع بالجامعة اللبنانية هند حمية، أن الحرب النفسية في لبنان تؤثر على مناطق اجتماعية أكثر من أخرى، وتضيف "تأثير الحرب النفسية يكون كبيرا في المناطق القريبة من جنوب لبنان حيث تدور الاشتباكات، بينما هذا التأثير يتراجع كلما ابتعدنا عن الجنوب وتحديدا في المناطق الآمنة".

حمية تقول لبلينكس إن اعتماد إسرائيل على "خرق جدار الصوت" فوق المناطق اللبنانية، جعل البعض يخشى الحرب كثيرا، مشيرة إلى أن ذلك أعاد إظهار مصطلحات في الوسط الاجتماعي تدل على قلق نسبي ومعين مثل "قرّبت الحرب".. "رح تولع بالآخر".

لكن في المقابل، ترى حمية أن لبنان استطاع شن حرب نفسية بسيطة جدا ضد إسرائيل عبر:

• الموسم الصيفي وإقامة المهرجانات
• إجراء الامتحانات الرسمية