الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.. تاريخ دموي من الصراعات

في عام 1982، شنت إسرائيل غزوا كبيرا أطلقت عليه اسم "عملية السلام للجليل" بهدف معلن وهو تدمير الجهاز العسكري والسياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.

أسفر القصف الجوي الإسرائيلي عن مقتل الآلاف من المدنيين بينما حاصرت قواتها بيروت، وأصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارات يدعو إلى الانسحاب الكامل والفوري وغير المشروط للقوات من لبنان.

لكن إسرائيل واصلت حربها، مستشهدة بأهداف سياسية وعسكرية عليا، احتلال أجزاء كبيرة من البلاد، حسب هيومن رايتس ووتش.

أدى الاحتلال الإسرائيلي لبيروت إلى إنشاء جماعات مقرها في المقام الأول الضواحي الجنوبية لبيروت، ووادي البقاع، وقرى جنوب لبنان.

وفي عام 1985، أعلنت هذه الجماعة التي أطلقت على نفسها اسم "حزب الله "الكفاح المسلح لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان"، وعندما انتهت الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1990 ووافقت الفصائل المتحاربة الأخرى على نزع سلاحها، رفض حزب الله ذلك. وذكر حزب الله أن أسباب رفضه هو استمرار احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية واحتجازها للسجناء اللبنانيين، وفقا للمنظمة.

شنت إسرائيل مرتين خلال التسعينيات عمليات جوية وبرية كبرى، بهدف معلن هو وقف إطلاق صواريخ حزب الله على إسرائيل وجعل من الصعب على حزب الله الاستمرار في استخدام جنوب لبنان كقاعدة لمهاجمة القوات الإسرائيلية.

كانت العملية الأولى من هذا النوع، في أواخر يوليو 1993، والتي أطلقت عليها إسرائيل اسم "عملية المحاسبة"، دامت 7 أيام. وأسفرت العمليات الإسرائيلية عن مقتل نحو 120 مدنيا لبنانيا، وإصابة ما يقرب من 500 آخرين، وطرد ما يقدر بنحو 300 ألف قروي ولاجئ فلسطيني من منازلهم مؤقتا.

وفي ذلك الأسبوع، أطلق حزب الله 151 صاروخا عبر الحدود، وفقا للسلطات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل مدنيين وإصابة 24 آخرين.

وانتهى القتال الذي دار عام 1993 باتفاقات غير رسمية من القواعد بين إسرائيل وحزب الله تحظر الهجمات على المدنيين. ولكن بحلول عام 1996 انهارت هذه القواعد تماما، حيث اتهم كل جانب الآخر بارتكاب انتهاكات متكررة.

في ١١ من إبريل 1996، بدأت إسرائيل عملية عسكرية كبرى في لبنان، أطلق عليها اسم "عملية عناقيد الغضب". وبحلول نهاية العملية في السابع والعشرين من إبريل، كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية قد أسفرت عن مقتل 154 مدنيا وإصابة 351 آخرين.

ووفقا لمسؤولين إسرائيليين، أطلق حزب الله 639 صاروخا على إسرائيل. ولم تقع وفيات بين المدنيين الإسرائيليين، رغم إصابة ٦٢مدنيا، بما في ذلك 3 في حالة خطيرة، وفقا للجيش الإسرائيلي.

وانتهى الصراع باتفاق مكتوب بين سوريا ولبنان وإسرائيل، برعاية أميركية - فرنسية. ووفقا لفهم الولايات المتحدة للاتفاق، فقد نص الاتفاق على ما يلي:

• لن تقوم الجماعات المسلحة في لبنان بشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا أو بأي نوع من الأسلحة على إسرائيل.

• لن تطلق إسرائيل أي نوع من الأسلحة على المدنيين أو الأهداف المدنية في لبنان.

وعلاوة على ذلك، يلتزم الطرفان بضمان عدم تعرض المدنيين للهجوم تحت أي ظرف من الظروف، وعدم استخدام المناطق المأهولة بالسكان المدنيين والمنشآت الصناعية والكهربائية كأرضية لشن الهجمات.

ومن دون انتهاك هذا التفاهم، لا يمنع أي طرف من ممارسة حق الدفاع عن النفس.

وقد انخفض معدل الحوادث العنيفة في أعقاب الاتفاق.

وبحلول شهر مايو 2000، سحبت إسرائيل قواتها من جنوب لبنان، قائلة إنها أنهت احتلالها الذي دام ١٨ عاماً. واعتبرت السلطات اللبنانية أن انسحاب إسرائيل كان غير مكتمل، في إشارة إلى منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها، واستمرار إسرائيل في احتجاز السجناء اللبنانيين، وهي المبررات التي استخدمها حزب الله آنذاك لمواصلة نشاطه.

في الثاني عشر من يوليو 2006، أدى حادث جديد بين حزب الله والقوات الإسرائيلية إلى تصاعد الأعمال العدائية في لبنان وإسرائيل، مما أدى إلى مواجهة مسلحة كبرى. بدأ الموقف عندما أطلق مقاتلو حزب الله صواريخ على مواقع عسكرية إسرائيلية وقرى حدودية بينما عبرت وحدة أخرى من حزب الله الخط الأزرق، فقتلت 8 جنود إسرائيليين وأسرت اثنين، وفق الهيئة الدولية للصليب الأحمر.

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إيهود أولمرت، هذا الأسر بأنه عمل من جانب دولة لبنان ذات السيادة التي هاجمت إسرائيل ووعد "برد مؤلم وبعيد المدى"، وألقت إسرائيل باللوم على حكومة لبنان في العملية، حيث تم تنفيذها من الأراضي اللبنانية وكان حزب الله جزءًا من الحكومة.

وردًا على ذلك، نفى رئيس الوزراء اللبناني آنذاك، فؤاد السنيورة أي علم بالعملية وأعلنت حكومة لبنان في رسالة مؤرخة 13 يوليو 2006 موجهة إلى الأمين العام ورئيس مجلس الأمن، أن "الحكومة اللبنانية لم تكن على علم بالأحداث التي وقعت وتجري على الحدود اللبنانية الدولية" وأن "الحكومة اللبنانية ليست مسؤولة عن هذه الأحداث ولا تؤيدها".

ومنذ 13 يوليو 2006، هاجمت القوات الإسرائيلية لبنان جواً وبحراً وبراً. ونفذت القوات البرية الإسرائيلية عدداً من التوغلات على الأراضي اللبنانية. وصرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، دان حالوتس قائلاً: "إذا لم يتم إعادة الجنود، فسوف نعيد عقارب الساعة إلى الوراء عشرين عاماً".

وفي أغسطس 2006، اعتمد مجلس الأمن القرار 1701 الذي دعا من بين أمور أخرى إلى "وقف كامل للأعمال العدائية استناداً، على وجه الخصوص، إلى وقف حزب الله الفوري لجميع الهجمات ووقف إسرائيل الفوري لجميع العمليات العسكرية الهجومية". وفي اليوم نفسه، اعتمد مجلس حقوق الإنسان، في جلسة خاصة، القرار S-2/1، الذي أدان الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ودعا إلى إنشاء لجنة تحقيق.

واتفق طرفا الصراع على وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 14 أغسطس 2006.