حرب الرصاصة والقلم.. إسرائيل تطارد الصحافيين في غزة بالقتل

رغم التحذيرات الدولية من الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل ضد الصحافيين، قصف الطيران الإسرائيلي صحافي ومصور تلفزيوني بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة، الأربعاء 31 يوليو.

القصف استهدف بشكل مباشر سيارة كان بداخلها الصحافي إسماعيل الغول، والمصور رامي الريفي، لترتد السيارة إلى الوراء بشكل عنيف بعد إصابتها بالقذيفة التي أودت بحياة من بداخلها في الحال.

وأصدر الاتحاد العام للصحافيين العرب بيانا أدان فيه "بكل قوة" استهداف الصحافيين المتكرر في قطاع غزة، وطالب منظمات الإعلام الدولية، وكذلك المحكمة الدولية بالانتقام من "القتلة" وتقديمهم للعدالة.

وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن الطيران الإسرائيلي قصف منزلا بالقرب من بيت إسماعيل هنية، عقب إعلان اغتياله في طهران، وكانت المنطقة تشهد تجمعا للصحافيين، قبل أن يتم استهداف السيارة التي استقلها الثنائي، الغول والريفي.

الصحافي الفلسطيني معاذ عمارنة تعرض لاستهداف إسرائيلي عام 2019 ليفقده عينه، لتعود إسرائيل لملاحقته مجددا بعد حرب السابع من أكتوبر الماضي، وتعتقله لمدة 7 أشهر من دون توجيه تهما رسميا له.

وتحدثت زوجة مُعاذ، ولاء عمارنة، مع وكالة فرانس برس، عن المعاناة التي قابلتها الأسرة خلال فترة احتجازه، مؤكدة أن إسرائيل رفضت إدخال عين اصطناعية مع المحامي الخاص به، ليستخدمها بدلا من العين التي أصيبت برصاصة مطاطية إسرائيلية.

وكشفت ولاء عن تعرض زوجها للتنكيل من الجنود الإسرائيليين في بداية الاعتقال، وتعرضه لضرب أسفر عن كسر نظارته، قبل أن تسمح إدارة سجن النقب بشراء نظارة جديدة له على نفقة عائلته بقيمة (133 دولارا أميركيا).

ويسمح القانون الإسرائيلي باعتقال أشخاص مشتبه بهم دون توجيه أي تهم أو محاكمتهم، أو مع إبقاء التهم سرية، لفترات طويلة تمتد لسنوات، وهي الطريقة التي تم احتجاز مُعاذ بها وكذلك عشرات الصحافيين.

وأصدر نادي الأسير الفلسطيني، بيانا أكد خلاله أن إسرائيل تتبع خطة ممنهجة لاعتقال الصحافيين "على خلفية ما يسمى بالتحريض عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي".

وقال رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين الفلسطينية، محمد اللحام، إن 90% من الصحافيين المعتقلين في السجون الإسرائيلين عليهم أحكام إدارية، من بينهم نساء، وأشهرهم الصحافية رولا حسنين، وهي أم لطفلة رضيعة.

وتلزم إسرائيل الكثير من الصحافيين بعدم الخروج من بيوتهم فيما يسمى بـ"الحبس المنزلي"، وتعد الصحافية الفلسطينية سمية جوابرة، واحدة من ضحايا هذا الأسلوب، إذ تحتجز في نابس شمال الضفة الغربية من دون سقف زمني لانتهاء هذا الحظر.

وأفرج عن الصحافية التي كانت حاملا في شهرها السابع بشروط أهمها الحبس المنزلي وعدم استخدام الهاتف المحمول أو اقتنائه أو استخدام الإنترنت وعدم الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، إلى جانب دفع كفالة بقيمة تعادل 13.4 ألف دولار أميركي.

ويروي الصحافي مصعب شاور ظروف اعتقاله، قائلا: "تم توقيفي مع زميلين صحافيين واحتجزت مركبتنا وتم تفتشيها وفُحصت بطاقاتنا الشخصية وتمت مصادرة هواتفنا المحمولة وتفتيشها".

ويقول شاور إن التغطية الصحافية بعد اندلاع حرب الـ7 من أكتوبر أصبحت "مخيفة"، بسبب الاستهداف والتضييق الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي ضد الصحافيين، مضيفا: "الآن نفكر مرتين قبل القيام بأي تغطية".

تفرض إسرائيل حظرا إعلاميا وتضع قيودا صارمة على دخول مؤسسات الإعلام العالمية لتغطية الحرب في قطاع غزة، وكذلك بالضفة الغربية، الأمر الذي دعا أكثر من 60 مؤسسة إعلامية لتوجيه رسالة إلى السلطات الإسرائيلية بإنهاء فوري للقيود والسماح لها بالعمل في غزة.

وتضامنت سي إن إن، وبي بي سي، وفرانس برس، وأسوشيتد برس، مع 60 وسيلة إعلامية، من أجل السماح بالوصول إلى قطاع غزة، وتقديم تقارير إعلامية من هناك عن الحرب.

وأصدرت المؤسسات الإعلامية المتضامنة رسالة موحدة، جاء فيها: "نطالب السلطات الإسرائيلية بإنهاء القيود على دخول وسائل الإعلام إلى غزة فورا، لأنه بعد 9 أشهر من الحرب ما زال المراسلون الدوليون ممنوعين من الوصول إلى غزة باستثناء رحلات نادرة تحت تنظيم الجيش الإسرائيلي.

ونددت وسائل الإعلام العالمية بالحظر الإسرائيلي على وسائل الإعلام، وذكرت في بيانها أن ذلك يمثل عبئا كبيرا على المراسلين المحليين لتوثيق الحرب التي يعيشونها.

وذكرت المؤسسات الإعلامية العالمية أن إسرائيل عليها الالتزام بمنح الصحافة حريتها، وأن تفي بالتزاماتها الدولية لحماية الصحافيين كمدنيين، بعد سقوط أكثر من 100 قتيل من الصحافيين.

وكشفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في تقرير لها في الـ8 من يناير الماضي، عن "قلقها الكبير"، بسبب الحصيلة المرتفعة للصحافيين الفلسطينيين الذين قتلوا في قطاع غزة.

ونشرت المفوضية بيانا جاء فيه "قتل جميع الصحفيين بمن فيهم حمزة وائل الدحدوح ومصطفى ثريا في ضربة للجيش الإسرائيلي، يجب أن يخضع لتحقيق شامل ومستقل لضمان الاحترام الصارم للقانون الدولي".

وطالبت المفوضية الأممية أن تخضع جميع الانتهاكات بحق الصحافيين في قطاع غزة لملاحقة قضائية فورية، إذ كان العدد وقتها قد اقترب من 80 قتيلا، بخلاف المعتقلين.

وفي مايو الماضي، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة، غضبه من زيادة عدد القتلى من بين الصحافيين الفلسطينيين، الذين قتلوا باستهداف مباشر من قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

وقال الأمين العام إنه يجب أن تكون للصحافة حرية، لأن من دونها لن يكون لدى الشعوب أي حرية، مضيفا: "من دون الحقائق لن نستطيع مكافحة المعلوامت المغلوطة والمضللة، ومن دون المساءلة لن نمتلك سياسات قوية".