3 أسرار لفوز السنوار على مشعل برئاسة حماس

خالد مشعل، أطول من بقي في رئاسة حماس في تاريخ الحركة، وأحد أبرز شخصياتها القيادية كان الشخصية الأولى التي تكهن الخبراء الإسرائيليون بأنه سيخلف هنية.

فمشعل سياسي محنك يُنظر له في العديد من الأوساط كـ"شخصية معتدلة" في قيادة الحركة، وله شبكة علاقات واسعة وصلت حتى رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير.

لكن مشعل، لديه نقطتا ضعف:

1. الأولى أنه ليس من غزة، نظرا لرغبة بعض القيادات أن يكون رئيس الحركة من القطاع، لأنه مركز ثقل حماس ومكمن قوتها.
2. علاقته متوترة بطهران والنظام الإيراني منذ عام 2012، عندما أعلن معارضته للرئيس السوري بشار الأسد والتدخل الإيراني في الحرب الأهلية السورية.

موسى أبو مرزوق المقرب من مشعل والمحسوب على تياره أيضا يعد من الشخصيات التي أغضبت طهران بعد تسريب مكالمة له عام 2016 ينتقد فيها النظام الإيراني ويتهم قادته بالنفاق.

وتحتاج "حماس" لاستمرار الدعم الإيراني لأسباب برغماتية بحتة، مع عدم حصولها على أي تبرعات، ومحاصرتها ماليا على المستوى الدولي.

وبحسب مصدر مقرب من الحركة لبلينكس فإن هنية ذكر قبل نحو عامين أن مجموع ما يصل الحركة من تبرعات من العالم أجمع يغطي فقط ما يقدر بـ1% من ميزانيتها، بينما تغطي إيران وحدها 99%.

أما طهران فتستفيد من تحالفها مع الحركة الحاكمة لغزة وضمها لما تسميه بـ"محور المقاومة" لخلق طوق حول إسرائيل.

بالمقابل، فإن السنوار دأب على مدح إيران بشكل علني في عدة مناسبات رسمية للحركة، وقال إنها "الداعم الأكبر بالسلاح والمال والتدريب لكتائب القسّام"، كما عمل السنوار على تقوية علاقات حماس الاستراتيجية والميدانية مع حزب الله في لبنان والحرس الثوري الإيراني.

اعتقلت إسرائيل يحيى السنوار للمرة الأولى وهو بالكاد ابن العشرين ربيعا عام 1982 بسبب مشاركته في أنشطة لجماعة الإخوان المسلمين في غزة وبناء الجامعة الإسلامية، قبل إطلاق الحركة رسميا في العام 1987.

كان للسنوار في ذلك الوقت شقيق أصغر لم يتجاوز عمره 7 سنوات، هو محمد السنوار، الذي تأثر كثيراً بشقيقه يحيى وما حل به.

واعتقل يحيى مجددا عام 1985، وعندما خرج من السجن، أسهم في تأسيس منظمة "مجد" مع روحي مشتهى، والتي تخصصت في جمع معلومات وإعداد ملفات حول أشخاص مشتبه بتورطهم بالتعاون مع إسرائيل والتحقيق معهم وتصفية من تثبت إدانتهم منهم.

تأسست حماس رسمياً عام 1987 وأصبح جهاز "مجد" بمثابة شرطتها على الرغم من كونه تنظيما صغير الحجم وبدائي التسليح.

وجرى اعتقال السنوار للمرة الثالثة بتهمة التخطيط لخطف جنديين وقتل 4 عملاء وحكمت إسرائيل عليه بالسجن أربع مؤبدات، وكان عمر شقيقه محمد في ذلك الوقت 14 عاما.

خلال سنوات السجن، أتقن السنوار العبرية بطلاقة وترجم السير الذاتية لرؤساء الشاباك لتعلم استراتيجياتهم وأسلوب تفكيرهم، وكان قائدا لسجناء حركة حماس في السجن.

أما على الجانب الآخر، انخرط الشقيق الأصغر، محمد، في حماس وتدرج في صفوفها وصنع من أخيه "أسطورة" في أوساطها، حيث بات يعرف جميع أعضاء القسام عن "القيادي الفذ يحيى السنوار" الذي أسس "الجهاز الاستخباراتي الهائل مجد".

خرج يحيى من السجون الإسرائيلية عام 2011 في صفقة "جلعاد شاليط" ليرى شقيقه الأصغر محمد بات أحد كبار قادة المجلس العسكري لكتائب القسام وقائدا للواء خان يونس، وأنه صنع لشقيقه يحيى أسطورة داخل الحركة.

السنوار الأكبر سارع للسفر لإيران بعد عام على خروجه من السجن والتقى قاسم سليماني في طهران عام 2012، وبعد عودته أصبح حلقة الوصل بين المكتب السياسي لحماس والجناح العسكري الذي كان شقيقه قيادياً بارزاً فيه.

وفي عام 2017، انتخب يحيى السنوار رئيساً لمكتب حماس السياسي في قطاع غزة بينما أصبح إسماعيل هنية رئيس الحركة خلفاً لخالد مشعل.

انتخاب السنوار أثار حفيظة العديد من قيادات حماس الذين يطلق عليهم اسم "الحرس القديم" لأنه همّشهم فيما عرف بأحداث "الفتنة الداخلية" عامي 2017-2018، وزاد من نفوذ الشق العسكري على السياسي وأدخل مروان عيسى وأيمن نوفل لمكتب الحركة السياسي على الرغم من كونهم قيادات عسكرية للقسام.

في الوقت نفسه، تضاعفت قوة محمد السنوار بعد اغتيال إسرائيل قائد القسام في قطاع غزة مروان عيسى، وزعمها اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف.

قبل السابع من أكتوبر، اختلف العديد من قادة حماس مع السنوار، ولم يحبذوا بقاءه كرئيس لمكتب الحركة السياسي، وهو ما ظهر جلياً في انتخابات عام 2021، عندما فاز نزار عوض الله في الجولة الأولى على أبو إبراهيم قبل أن تعاد تلك الانتخابات.

أحد الخلافات البارزة، كانت بين السنوار وفتحي حماد وزير داخلية حماس السابق، واضطر حماد لمغادرة قطاع غزة لتركيا على إثر ذلك الخلاف.

وبعد السابع من أكتوبر، زادت رغبة بعض قادة الحركة في اختيار قيادي آخر في غزة، خاصة وأن السنوار أعطى الضوء الأخضر للهجوم دون إخطار أو طلب مشورة أغلب كبار قادة الحركة الذين تفاجأوا بالأخبار صباح يوم السبت الذي تم فيه الهجوم.

بعض المصادر المقربة من الحركة قالت في وقت سابق لبلينكس إن السنوار لن يفوز في انتخاباتها الداخلية القادمة التي كان من المخطط عقدها نهاية هذا العام بعد انتهاء ولاية إسماعيل هنية، وهو ما يجعل قرار حماس الأخير تنصيب السنوار خليفة لهنية مفاجئة للعديد.

إسرائيل ساهمت في رفع أسهم السنوار داخل الحركة بشكل كبير "دون قصد على صعيدين":

• الأول، فشل الجيش الإسرائيلي حتى اللحظة في الوصول للسنوار بعد أكثر من 10 أشهر على بدء الحرب الطاحنة الجارية واجتياح الجيش معظم القطاع دون نجاح في تحديد مكانه.

• الثاني، فهو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيشه والإعلام الإسرائيلي عكفوا منذ بدء الحرب على تصوير السنوار كعقل مدبر عبقري، وحملت تلك الروايات شيئاً من التضخيم والمبالغة في قدرات وسلطات ونفوذ السنوار.

تارة يستضيف الإعلام الإسرائيلي المحقق الذي استجوب السنوار قبل نحو أربع عقود، وتارةً أخرى يسلط الإعلام الضوء على الطبيب الذي عالج السنوار من ورم دماغي عام 2004، أو حتى طبيب أسنان السنوار الذي أفردت له صحيفة نيويورك تايمز مساحة ليتحدث بإسهاب عما يجري في عقل السنوار.

بجانب زعم قنوات إسرائيلية القبض على أريكة السنوار، في مرة أو حذاؤه في مرة أخرى، أو شبيهه في مرة ثالثة.