بحضور صيني-روسي.. "طالبان" تحيي ذكرى 3 أعوام في السلطة

وحيد نكزاي لوغاري، عازف الهارمونيوم والساريندا، وهي آلة أوتار أفغانية تقليدية، يعيل عائلته من حفلات الأوركسترا الوطنية التي يسافر معها حتى في الهند.

ذات يوم، اقتحم عناصر طالبان منزل وحيد المتواضع في إحدى ضواحي كابول ليجدوا الآلة الخشبية، ليخبرهم أنه لم يعد يعزف عليها.

لم يحطم عناصر طالبان الآلة، لكن سكن صوتها للأبد، ومعها أصبح وحيد عاطلا عن العمل، ليضطر للتحول إلى قيادة سيارة أجرة.

دخل العازف السابق أصبح لا يتجاوز 5 آلاف أفغاني (عملة البلاد) في الشهر (71.6 دولار)، وهو ما لا يتعدى خُمس ما كان يجنيه من حفلاته الموسيقية، عليه أن يعيل عائلته المكونة من ٧ أفراد بهم.

كان وحيد نكزاي لوغاري، عازف الهارمونيوم والساريندا، وهي آلة أوتار أفغانية تقليدية، من أعضاء الأوركسترا الوطنية ويحيي حفلات موسيقية حتى في الهند.

يروى الأفغاني البالغ 46 عاما في منزله المتواضع في إحدى ضواحي كابول "كنت أعيل عائلتي بكاملها، كنا نعيش حياة جميلة". مضيفا أن طالبان "حظرت الموسيقى. والآن أنا عاطل عن العمل".

يقول وحيد متحسّرا "لم يقل لنا أحد لا تعزف الموسيقى بعد الآن، لكننا سنجد لك وسيلة لإطعام عائلتك".

في تكتم شديد، تدخل عميلات سيدة، ٢١ عاما، وهو اسم مستعار، لصالونها السري للتجميل لتستمر في العمل الذي تمنعه حركة طالبان.

ورغم تحطم قلبها نتيجة أمر إغلاق الصالونات العام الماضي، انتقلت سيدة قبل 4 أشهر إلى مكان آخر من كابول للعمل مع اتخاذ خطوات احتياطية.

فبعض موظفاتها، ٢٥ موظفة، ينمن في المكان حتى يظن الجيران أن عائلة تسكن المكان، بحسب ما تحكي لفرانس برس.

رغم ذلك، خفض تضييق طالبان لأعداد زبائنها بصورة كبيرة، وبالتالي لأرباحها.

وتقول سيدة "كان لدينا في الماضي ما بين 30 و40 زبونة في اليوم، أما الآن فلم نعد نستقبل سوى 6 أو 7 زبونات" غير أنها احتفظت رغم ذلك بموظفاتها الـ25 حتى "يكون لكل منهنّ دخل".

وتراجعت عائدات الصالون إلى الثلث، فيما هبط كسب سيّدة من 25 ألف أفغاني إلى ما بين 8 آلاف و12 ألفا.

وقالت "نختبئ لنعمل من غير أن ندري لكم من الوقت سنستمر".

وأشارت إلى أن الشرطة "عثرت على بعض الصالونات (السرية) فحطمت المعدات وأساءت معاملة الموظفات" وفرضت غرامات.

في المحلات التجارية بمركز للتسوق في حي شهر نو وسط كابول، تُغطّى وجوه مجسمات العرض للألبسة الرجالية بورق ألمنيوم، فيما تُلف وجوه مجسمات الأطفال بكيس بلاستيكي، إذ يحظر تجسيد وجوه البشر، وهو ما لا يقتصر على النساء فقط.

وبعيد استعادتها الحكم في كابول في 15 أغسطس 2021، أرسلت حركة طالبان رسالة واضحة من خلال فرضها تغطية الوجوه في نوافذ مراكز التجميل أو صالونات الحلاقة أو اللوحات الإعلانية بالطلاء.

ويقول أحد التجار إن "وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي التي طلبت" من المتاجر تغطية وجوه مجسمات العرض، إذ "يجب أن تكون البيئة إسلامية".

ويقرّ التاجر البالغ 22 عاما بأن هذا الأسلوب "يجعل الواجهات قبيحة للغاية".

يتم إلباس مجسمات العرض المنزوعة الوجه فساتين زفاف مطرزة بالترتر أو بتصميمات زهرية متقنة.

وفي متجر آخر للملابس داخل مركز تسوق آخر في كابول، يوضح صاحب الموقع أن عناصر وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يأتون "3 مرات في اليوم" للتأكد من أن وجوه مجسمات العرض محجوبة بشكل جيد.

ويقول إن عناصر من شرطة الأخلاق هذه في منطقة كارته نو "قطعوا رؤوس مجسمات عرض بأداة قطع".

اقتصاديا، شهد الناتج المحلي الإجمالي انكماشا حادا بنسبة 26% في 2021 و2022 بحسب البنك الدولي الذي حذر بأن "النمو سيكون بمستوى الصفر للسنوات الـ3 المقبلة وستتراجع عائدات الفرد تحت الضغط الديموغرافي".

ومع عدم اعتراف أي دولة بحكومة طالبان، توقفت المساعدات الإنمائية، وانهارت المساعدات الإنسانية بحيث بات ثلث سكان أفغانستان البالغ عددهم 45 مليون نسمة يعيشون على الخبز والشاي، في ظل انتشار البطالة.

ويقول سليمان بن شاه الذي كان نائبا لوزير التجارة في الحكومة السابقة وهو اليوم مستشارا في مجال الاستثمار، متحدثا لوكالة فرانس برس إن الخروج من التخلف "يحتم إعادة فتح القنوات المصرفية" المتوقفة بفعل العقوبات الغربية وتجميد أرصدة البنك المركزي.