صراعات‎

في غياب الدولة.. "أولاد غمر" تقبض على أموال السودانيين

نشر

.

Wael Essam

في ظل الأوضاع المضطربة والحرب الطاحنة التي يشهدها السودان، ظهرت عصابات الجريمة المنظمة وباتت تحكم سطوتها على طرق التهريب ونقل البضائع مع غياب شبه تام لسلطة الدولة.

"أولاد غمر"

من دنقلا ثم "الخناك" وصولا إلى المثلث الحدودي وانتهاء بمدينة الكفرة الليبية، محطات يتحتم على الفارين من نار الحرب السودانية المرور بها، وهناك "يرون العجائب". تروي المدرسة السودانية، كنوز عمر لبلينكس قصة عصابة تسيطر على الطرق في شمال شرقي السودان، تدعى "أولاد غمر".

تفرض العصابة إتاوات على الطريق وتصادر البضائع. تحكي كنوز، "في الطريق من منطقة الخناك إلى المثلث الحدودي التابع لمحلية وادي حلفا أوقفنا حاجز لمسلحين، وسألوا عن وجهتنا وما يحمله الركاب، وتأكدوا بعد تفتيش سريع من عدم وجود بضائع في العربة".

تقول كنوز: "كنت خائفة وكذلك باقي النسوة، لكن أحد العناصر أخبرنا أنهم يبحثون فقط عن بضائع التجار، كما أمرهم قائدهم عبد العظيم".

اصطياد "التجار"

ضحية أخرى للعصابة، وهو أبو ضياء تاجر سوداني من أم درمان، يرسل البضائع والوقود من ليبيا إلى السودان.

في مارس الماضي، توجه أبو ضياء مع بضاعته إلى المثلث الحدودي، ومن هناك استقل شاحنة نقل صغيرة قاصدا مدينة دنقلا، ومارا بمنطقة "الخناك" نقطة التهريب الأساسية.

أوقف مسلحون يتبعون عصابة "أولاد غمر" أبو ضياء الذي ترجل مبتعدا عن السيارة عندما هرع إليها عدة مسلحين لتفتيشها، فانتهوا لمصادرة جزء من الملابس. وأبدى التاجر السوداني اعتراضه متوسلا بأنها كل ما يملك، فأخبره المسلح، بأن عليه انتظار "العقيد"، فأخبره عضو العصابة أن لديهم "رتبا" خاصة.

على دراجة نارية، وصل "العقيد" لكن باللباس السوداني المعروف حاملا مسدسا فقط. ناشده أبو ضياء إعادة ما سرق منه، ليرد العقيد قائلا، "أنت تدخل البضائع من ملابس وسجائر ووقود دون أن تدفع سوى أجرة الطريق، لذلك عليك اعتبار ما صادرناه من ملابس هو التعرفة الجمركية".

الأموال ليست هدفنا

التقت بلينكس عمار سراج الدين، سوداني يعيش في ليبيا منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد استعار الحرب في بلاده ساعد الكثير من اللاجئين السودانيين في ليبيا، ثم بدأ هو نفسه بإدخال البضائع.

يقول سراج الدين، إنه سمع عن "أولاد غمر" حتى رآهم في رحلته الأخيرة فقط خصوصا أنهم لا ينشطون إلا في نقاط معينة ويظهرون ويختفون سريعا.

اتجه سراج الدين من الكفرة الليبية محملا بالوقود والسجائر بكميات كبيرة، استطاع بيع كل الوقود المهرب في منطقة المثلث، لكنه اضطر للاتجاه إلى دنقلا لبيع ما تبقى من السجائر.

في الطريق أوقفته عصابة أولاد غمر، وكالعادة تفتيش سريع نتج عنه مصادرة كمية كبيرة من السجائر. يقول سراج الدين، رضيت بالخسارة وكان همي أن ينتهي الأمر بسلام، إلا أن السائق دخل في جدال طويل مع العصابة بعد ادعائه سرقة أموال كان يحتفظ بها في السيارة.

ويبدو أن السائق كان على معرفة بتفاصيل العصابة حينما توعدهم، بأن يشكوهم لقائدهم، عندها أمرهم عناصر العصابة بالتوجه معهم إليه. وعلى بعد حوالي 40 دقيقة في الصحراء وصل سراج الدين والسائق برفقة أفراد العصابة لبيت من الطين كان يتواجد فيه "العميد".

سريعا بدأ السائق بسرد شكواه وأن أفراد العصابة صادروا كمية من السجائر وهذا معروف ومقبول، لكنهم سرقوا مبلغا من المال كان مخبأ في السيارة.

بدت علامة الغضب على "العميد" واضحة ووعد السائق باسترداد المبلغ وأنه سيصله إلى المثلث أو منطقة "الخناك"، ثم توجه بالحديث للتاجر سراج الدين قائلا: "نحن نأخذ حقنا من البضاعة بس، لا نسرق أموال ولا احتياجات الناس، عندنا قواعد عسكرية نمشوا عليها".

انتهى اللقاء السريع وعدنا أدراجنا، يقول سراج الدين لبلينكس، إلا أن السائق أخبره بأن الشكوى لدى زعماء هذه العصابة تؤتي ثمارها، وأنه سيسترد المال قريبا، فالمتعارف عليه أن "أولاد غمر" تستولي على جزء من البضائع فقط.

مطاحن الذهب

على مقربة من المثلث الحدودي يقع سوق للذهب، هناك يباع المعدن النفيس بعيدا عن رقابة السلطات.

تسيطر عدة عصابات على الوضع هناك، وتفرض حالة من توازن الخوف بين الجميع، خصوصا أن سوق "مطاحن الذهب" يباع فيه كل شيء بدءا من المخدرات والمعادن، وحتى السلاح.

ويعد السوق أول محطة لعصابات التهريب القادمة من ليبيا حيث تفرغ البضائع في السوق وما يزيد عن الحاجة ينتقل بشاحنات إلى الداخل السوداني. يقول هاشم، أحد السكان القريبين من موقع السوق لبلينكس إن من يملك الحماية الكافية يستطيع تكوين ثروة كبيرة، خصوصا أن بيع الذهب تشترك فيه حتى جهات رسمية، هذا فضلا عن عصابات من التشاد وتجار من مصر وليبيا.

ويضيف، بعض العصابات تكونت أصلا في السوق، إذ يجتمع فيه المال والسلاح والسطوة، فضلا عن المعدن الأصفر النفيس.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة