تروّض "الخيول الجامحة".. لماذا تأخرت إيران في ردها؟

يصف المدير السابق لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض أندرو تابلر العلاقة بين إيران والجهات الموالية لها كعلاقة بين شخص يقود عربة تجرها خيول جامحة.

ففي الوقت الذي تمسك فيه طهران زمام الأمور، فالحلفاء يختلفون حول اتجاه الطريق، ما قد يؤدي إلى حوادث، حسب ما يقول المسؤول السابق في البيت الأبيض لصحيفة وول ستريت جورنال.

على سبيل المثال، يريد الحوثيون في اليمن تنفيذ ضربات ضخمة على السفن الحربية الأميركية والموانئ الإسرائيلية ليس فقط انتقاما لاغتيال مدير المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية ولكن أيضا للرد على الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، بحسب مسؤولين حوثيين وأوروبيين للصحيفة.

على جانب آخر، تواجه إيران معضلة أخرى مع الحشد الشعبي العراقي، الذي يركز على مهاجمة القواعد الأميركية في العراق وسوريا في سعيها لطرد جيش الولايات المتحدة من المنطقة.

خلال الاجتماعات مع الجهات الموالية لها في المنطقة، دعت إيران إلى توخي الحذر بشأن الرد على اغتيال هنية، مشيرة إلى أن "ردها سيكون محدودا، خوفا على برنامجها النووي"، بحسب مصادر مطلعة تحدثت لصحيفة واشنطن بوست.

وأعربت إيران عن قلقها من أن تضرب إسرائيل والولايات المتحدة برنامجها النووي، بذريعة الدخول في صراع واسع النطاق "لتحييده بشكل أساسي".

الأمر نفسه، أكده مصدر لبناني وثيق الصلة بحزب الله اطلع على الاتصالات مع طهران، وكذلك عضو في البرلمان العراقي على صلة بفصائل مسلحة مدعومة من إيران، إذ أشار إلى أن رد طهران سيكون محدودا "لأنها لا تريد توسيع الحرب".

وتقوم عقيدة إيران على تجنب الحرب الشاملة مع استنزاف الخصوم ودفع المخاطر الأمنية بعيدا عن حدودها، بحسب الأستاذ المتخصص في الشؤون الإيرانية في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية في جامعة أوتاو الكندية توماس جونو، تحدث مع صحيفة وول ستريت جورنال.

ويرجع ذلك غالبا إلى أن معظم الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية تعود إلى سبعينيات القرن العشرين قبل العام 1979، بحسب استخبارات الدفاع الأميركية.

من أجل هذا تركز إيران على تجهيز جيشها بقدرات متخصصة مع التركيز على تكتيكات غير متكافئة مثل استخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ التي يمكن أن تستهدف إسرائيل ولكنها لا تفيد في حماية مجالها الجوي.

في هذا الصدد، يقول دوغلاس باري، الزميل البارز في مجال الفضاء العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن لوول ستريت جورنال إن معظم مقاتلات إيران عفا عليها الزمن، إضافة إلى أن المساحة الكبيرة للبلاد تجعل توفير الدفاع الجوي الكامل لجميع الأهداف المحتملة أمرا غير ممكن.

رغم ذلك، تمكنت إيران من شراء عدد صغير من أنظمة الدفاع الروسية S-300 في عام 2016، كما طلبت من موسكو في أغسطس 2024 أنظمة دفاع جوي متقدم، بحسب ما أكد مسؤولان إيرانيان مطلعان لصحيفة نيويورك تايمز.

وأشار المسؤولان إلى أن إيران تقدمت بهذا الطلب فعلا، وقالا إن روسيا بدأت في تسليم رادارات ومعدات دفاع جوي متقدمة.

منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في العاصمة طهران، يتوعد الإيرانيون برد قد يكون أوسع من ذلك الهجوم الذي شنته في أبريل 2024.

وقبيل المفاوضات التي شهدتها الدوحة في 15 أغسطس 2024، قال 3 مسؤولين إيرانيين كبار لوكالة رويترز إن "السبيل الوحيد" لإرجاء رد إيران مباشرة على إسرائيل هو اقتراب التوصل في محادثات هذا الأسبوع، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

وقال أحد المصادر، إن إيران وحلفاء لها مثل حزب الله، سيشنون هجوما مباشرا إذا فشلت محادثات غزة أو إذا شعرت بأن إسرائيل تماطل في المفاوضات.

الأمر نفسه، تحدث فيه الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أعلن أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قد يدفع إيران إلى الامتناع عن شن هجوم على إسرائيل.

ولدى سؤاله عما إذا كانت هدنة بين إسرائيل وحماس قد تحول دون وقوع الهجوم الإيراني، قال بايدن للصحافيين "هذا ما أتوقعه"، مؤكدا أنه "لن يستسلم" في وقت "تتكثف" فيه المفاوضات لتحقيق هذا الهدف.

وخلال المفاوضات، أكد مصدر مقرب من حزب الله، تحدث لصحيفة واشنطن بوست شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الحزب لن يشن عملية انتقامية أثناء انعقادها.