في غياب الكهرباء.. كيف تعمل مستشفيات غزة؟

عندما نُقل أيمن زقوت إلى مستشفى كمال عدوان، بسبب معاناته من نوبات حادة من المغص الكلوي، وجد نفسه في مواجهة واقع مأساوي، يعكس حجم الأزمة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة.

وصل زقوت إلى المستشفى بعد رحلة شاقة ومرهقة، تحت القصف الإسرائيلي وأوامر الإخلاء المتكررة التي جعلت التنقل شبه مستحيل، لكن ما صدمه أكثر من الألم الجسدي هو مشهد المستشفى الذي يعاني من نقص حاد في الموارد الأساسية.

ووصف زقوت المشهد قائلا: "بصعوبة وصلت إلى المستشفى. لكن كما ترون، لا كهرباء ولا أي شيء. لا أعرف كيف سيتمّ العلاج، ربنا يعيننا".

وتعد كلمات زقوت انعكاسا للإحباط واليأس الذي يعاني منه المرضى الذين اضطروا إلى مواجهة ظروف غير إنسانية، تتفاقم يوما بعد يوم.

فالانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، جعل معظم المناطق في المستشفى غارقة في الظلام، ما ضاعف معاناة الأطباء والممرضين، نتيجة ضغط عمل هائل وتحت ظروف قاسية، مضطرين إلى استخدام مصابيح هواتفهم النقالة، لتأدية أبسط المهام وإضاءة الملفات الطبية وكتابة التقارير.

أدى التصعيد العسكري المستمر إلى تدمير شامل للقطاع الصحي في غزة، إذ خرجت 32 مستشفى عن الخدمة، ومن أبرزها مجمع الشفاء الطبي، الذي يُعد الأكبر في فلسطين. يشمل هذا المجمع 3 مستشفيات، ويضم نحو 740 سريرا، وقد تأثر بشكل كبير، مما يشكل ضربة قاسية لقدرة القطاع الصحي على تقديم الرعاية اللازمة للجرحى والمصابين.

إلى جانب المستشفيات، طالت الأضرار مراكز الرعاية الأولية ومؤسسات صحية أخرى، إذ تم استهداف نحو 159 منشأة صحية، مما يزيد من تعقيد تقديم الخدمات الطبية الأساسية.

كما تعرضت 126 سيارة إسعاف للاستهداف في مدينة غزة، وهو ما فاقم من أزمة النقل الطبي، وأدى إلى نقص حاد في وسائل النقل الطارئة. في ظل هذا الوضع الكارثي، لم تُترك أي مؤسسات صحية أو مستشفيات أو مراكز رعاية أولية تعمل بكفاءة، ولا حتى كادر بشري أو سيارات إسعاف، مما يضع القطاع الصحي في غزة في حالة من التدهور الشديد ويزيد من معاناة السكان.

منذ بدء الحرب، شددت إسرائيل حصارها على غزة، مما أدى إلى قطع إمدادات الكهرباء، وتوقف محطة إنتاج الطاقة الوحيدة في القطاع عن العمل.

ومع استمرار الحرب، والمماطلة في اتفاق الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل، تدخل شاحنات الوقود بكميات قليلة، أي دون حاجة السكان الفعلية.

على سبيل المثال، في مستشفى العودة شمال غزة، يعاني القائم بأعمال المدير محمد صالحة، من نقص حاد في الوقود، ما يجبر المستشفى على تأجيل العمليات المجدولة وتقديم الخدمات بالحد الأدنى.

في هذا السياق، حذر صالحة من الخطر المحتوم على المرضى والجرحى، نتيجة التأخر في علاجهم، نظرا للظروف القاهرة والخارجة عن سيطرة إدارة المستشفى، مشيرا إلى أن المستشفى استطاع "استلاف" بعض الوقود من مستشفيات أخرى في غزة.

بسبب نفاد شحن البطاريات، توقفت الأجهزة الطبية بالمستشفيات، مما ينذر بكارثة حقيقية، خاصة بالنسبة للأطفال الخدّج والرضع.

"الأطفال الموجودون في حضانات الأوكسجين مهددون بتوقف القلب ومفارقة الحياة بسبب نقص الوقود. كما أن العناية المركزة للأطفال، التي تحتوي على 7 حالات حرجة، مهددة بالموت نتيجة توقف الخدمات الطبية الأساسية"، بحسب ما يقول الطبيب محمود أبوعمشة، لفرانس برس.

الطبيب أشار إلى أن مستشفى كمال عدوان، حيث يعمل، يواجه أزمة غير مسبوقة، تجبره على إعلان "توقف كامل عن خدمة المرضى"، بسبب نقص الوقود وتوقف إمدادات الجهات الدولية.

وأضاف أن "لدينا نقصا حادا في الأوكسجين، إذ توقفت محطته بالكامل".

يظل لمستشفى كمال عدوان القليل من الأمل في الطاقة الشمسية، لكن استخدامها محدود بسبب الظروف الحالية. يوضح الطبيب أبوعمشة قائلا: "لا نستطيع تشغيل الطاقة الشمسية إلا في حالات الطوارئ الكبيرة جراء الاستهداف. الطاقة الشمسية غير كافية لتلبية احتياجات المرضى على مدار الساعة، في ظل انقطاع الكهرباء المستمر".