ماذا حدث في جولة مفاوضات القاهرة؟

نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن الوفد المُفاوض في القاهرة، أن الفرص ضعيفة جدا من أجل التوصل إلى اتفاق في الوقت الراهن مع حماس. وذكرت أن الوفد لم يكن يتمتع بسلطات التفاوض حول الوجود العسكري في محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة وسيناء.

ولم يقدم وفد إسرائيل في المفاوضات أي مرونة أو خطوات للوراء فيما يتعلق بالسيطرة العسكرية على مناطق حساسة ومحورية داخل قطاع غزة، مثل ممر نتساريم، ما عقّد المحادثات.

في المقابل، تمسّكت حماس بمسألة الانسحاب الكامل والشامل للقوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا وممر نتساريم، بصفته شرطا أساسيا للمضي قدما في الصفقة.

وقال المسؤول بحركة حماس، أسامة حمدان، في تصريحات نشرتها وكالة "رويترز"، إن كل الشروط التي وضعتها إسرائيل في الاتفاق مرفوضة تماما.

وأكد حمدان تمسك حماس بمقترح 2 يوليو لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، مؤكدا أن الحديث الأميركي عن قرب التوصل إلى اتفاق "كاذب"، ويُروج له لأغراض انتخابية.

وحاول الوسطاء تقريب وجهات النظر بين الطرفين، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وفقا لتصريحات مصادر أمنية مصرية لوكالة "رويترز".

سيطرت إسرائيل على محور فيلادليفا، والمعروف كذلك باسم "صلاح الدين"، ونشرت قواتها العسكرية هناك، وعدّت ذلك نصرا كبيرا على حركة حماس، بغلق حدودها مع مصر، والسيطرة على القطاع من كل الجهات.

واعتبر نتنياهو السيطرة على محور فيلادلفيا أمراً واقعاً، وعلى حماس والعالم التعامل معه، في حين ترفض الحركة الاستمرار في المفاوضات إذا لم تنسحب إسرائيل وتعود إلى حدود ما قبل مايو.

وأصدر مكتب نتنياهو، الأربعاء 21 أغسطس الجاري، بيانا يؤكد فيه تمسّك بلاده بالبقاء في فيلادلفيا، مشيرا إلى أن السيطرة على الحدود الجنوبية ترتبط بوضع الشريط الحدودي بين غزة ومصر تحت السيطرة.

ويعد نتنياهو أن حماس لن تستطيع تشكيل أي تهديد أمني لإسرائيل مرة أخرى إذا بقيت تحت السيطرة من كل الجهات، إذ يُعد شريط فيلادلفيا الحدودي هو الوحيد الخارج عن السيطرة الإسرائيلية قبل مايو الماضي.

وذكرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية أن هناك اتفاقا بين إسرائيل وأميركا على سحب بعض القوات لكيلومترين من محور فيلادلفيا، بموافقة نتنياهو، لكن حماس رفضت المقترح، وتمسّكت بالانسحاب الكامل واستعادة السيطرة على حدودها مع سيناء.

ولا يعد محور فيلادلفيا هو نقطة الخلاف الوحيدة في المفاوضات، إذ يأتي ممر نتساريم، أو المحور الأوسط في قطاع غزة، على رأس الطريق المفخخ نحو صفقة إنهاء الحرب وتبادل الرهائن.

ونتساريم هو ممر طوله 6 كيلومترات من الحدود الإسرائيلية إلى الساحل جنوب مدينة غزة، ويفصل شمال القطاع الفلسطيني عن جنوبه، وتتمسّك إسرائيل بالبقاء فيه، في حين تعد حماس ذلك احتلالا عسكريا يجب أن ينتهي فورا.

بالإضافة إلى أزمتي فيلادلفيا ونتساريم، وجدت بعض الخلافات بين حماس وإسرائيل في المفاوضات، حول الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل، وعدد الرهائن الإسرائيليين المفرج عنهم، لكنها أمور قابلة للحل عند إعادة فتح باب التفاوض عقب حسم معضلتي فيلادلفيا ونتساريم.

ذكر مصدر مصري رفيع المستوى، في تصريحات لقناة "القاهرة الإخبارية"، تجديد رفض مصر أي وجود عسكري إسرائيلي في محور فيلادلفيا، وكذلك في معبر رفح.

وأشار المصدر إلى أن مصر أبلغت كل الأطراف المعنية بعدم قبولها أي وجود إسرائيلي على الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وغزة، وذلك خلال جولة مفاوضات القاهرة.

وأكد مصدر، في مفاوضات القاهرة التي انتهت أمس الأحد، على أنها تدير الوساطة بين طرفي الصراع في غزة، بما يتوافق مع أمنها القومي، ويحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، وفقا للمصدر رفيع المستوى.

وأوقفت مصر التعامل في معبر رفح، منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه باحتلال محور فيلادلفيا، الفاصل بين مصر وغزة في مايو الماضي، وطالبت بالانسحاب الإسرائيلي لإعادة فتح المعبر.

وافقت حركة حماس على مقترح 2 يوليو لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، وتوقفت عند هذه النقطة، رافضة الدخول في مفاوضات جديدة "بشروط جديدة".

وكان مقترح 2 يوليو ينص على وقف العمليات العسكرية بشكل دائم، في المرحلة الثانية من الاتفاق، في حين ينص المقترح الجديد، الذي يناقش حاليا، على مناقشة ذلك الأمر في المرحلة الثانية.

وشمل مقترح 2 يوليو انسحاب إسرائيل بالكامل من القطاع الفلسطيني، بما في ذلك محور فيلادلفيا وممر نتساريم، لكن المقترح الجديد يضع هذا الأمر محل مباحثات، مع تمسك إسرائيلي رسمي بعدم الانسحاب.

ونصّت وثيقة يوليو على السماح بعودة سكان شمال قطاع غزة إلى مناطقهم في مرحلة الاتفاق الأولى، في حين وضعت إسرائيل شرطا جديدا في المفاوضات الحالية حول "إيجاد آلية رقابة لعودة النازحين إلى الشمال".

وجاء في مقترح يوليو، أن عمليات الإغاثة ستبدأ في اليوم الأول لتطبيق الاتفاق، في حين شُرط ذلك بالموافقة على كل شروط الاتفاق بكل مراحله، في المقترح الجديد.