ماذا وراء عمليات إسرائيل بشمال الضفة؟

يكشف حجم ونمط التوغل الإسرائيلي في الضفة الغربية أن الهدف الأساسي، ليس تحييد الفصائل الفلسطينية، بقدر انتهاز فرصة تاريخية لتهيئة ظروف الاستيطان في الجانب الشمالي منها، لضمها لاحقا إلى الأغوار والساحل، بحسب ما يكشف الدكتور أحمد الباز، محلل شؤون الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي.

ويشير الباز، في حديثه لبلينكس، إلى أن إسرائيل تعمل على خلق ظروف ميدانية، تساعد في مرحلة فصل شمال الضفة عن جنوبها.

وتتمثل الفرصة التي تستغلها إسرائيل في انشغال العالم بالحرب في غزة، والولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، أما نمط التوغل فهدفه تهيئة ظروف الاستيطان، إذ يتعمد تدمير البنية التحتية وخلق ظروف الرعب وحالة الحرب بالشكل الذي قد يدفع السكان للنزوح، بحسب الباز.

ويؤكد الباز أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يتحرك بأريحية مستثمرا للأضواء الخضراء التي منحت له خلال الفترة الماضية، وفي دعم المستوطنين للحرب في الضفة الغربية للسيطرة على أراضيها، مشيرا إلى أن الموقف السلبي في إسرائيل مرتبط بملف الأسرى بصورة أكبر من رفض الحرب ذاتها.

ويقول إن إسرائيل ستبدأ في الترويج لخطر يهددها على الحدود الشرقية بين فلسطين والأردن، لتخلق المبرر لضم الأغوار أو السيطرة الكاملة على الحدود للتصدي لتهريب الأسلحة، ولذلك يتم الترويج إعلاميا داخل إسرائيل في الوقت الحالي بمحور فيلادلفيا الشرقي.

وثّقت منظمة "السلام الآن"، المناهضة للاستيطان، في يوليو 2024، استيلاء إسرائيل على أراضٍ في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق منذ 3 عقود.

وقالت المنظمة إن السلطات الإسرائيلية وافقت على مصادرة 12.7 كيلومتر من الأراضي في غور الأردن، وهي أكبر مساحة من الأراضي تسيطر عليها إسرائيل منذ اتفاقات أوسلو 1993 في بداية عملية السلام.

وتقول وول ستريت جورنال، إن عام 2024 هو عام الذروة لمصادرة إسرائيل لأراضٍ في الغور، ويبدو أن الأراضي تكمل بعضها البعض لتشكل أرضا كبيرة واسعة، بحسب "السلام الآن".

وكانت هذه الأراضي على النحو التالي:

• في فبراير، صادرت إسرائيل 2640 دونما في الأغوار.

• في مارس، كانت المنطقة الكبرى المصادرة ومساحتها 8 آلاف دونم.

• بعدها، صادرت إسرائيل 170 دونما لتوسيع مستوطنة متوسطة.

• مؤخرا، استولت إسرائيل على 12 ألفا و700 دونم وأعلنتها أراضي دولة.

ليكون مجموع ما صادرته إسرائيل في الأغوار الفلسطينية، في 202٤، هو 23 ألفا و357 دونما.

تنفِّذ القوات الإسرائيلية، المزودة بمدرعات، مداهمات مدمّرة في المدينة التي لا يملك مسلحوها سوى مجموعة من الأسلحة الخفيفة وترسانة من المتفجرات.

وجنين هي مدينة صغيرة تقع في أقصى شمال الضفة الغربية، وتضم مخيما مكتظا باللاجئين، يحمل الاسم نفسه، ويبلغ عدد سكانه نحو 14 ألفا من أحفاد فلسطينيين هُجّروا في العام 1948، وتنحدر عائلاتهم من مناطق تشمل حيفا والناصرة.

ويعاني معظم سكان جنين من الفقر والبطالة، وتقول منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن مخيم جنين يعاني من أعلى معدلات البطالة والفقر بين 19 مخيما للاجئين بالضفة الغربية.

ويشكّل جيل جديد من الفلسطينيين، مجموعة من الجماعات المسلحة في الضفة الغربية، مثل كتيبة جنين التي تضم مسلحين من حماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، بحسب وكالة "رويترز".

وخرج من جنين الكثير من المسلحين الذين قادوا الانتفاضة الفلسطينية الثانية، خلال الفترة من عام 2000 إلى 2005.

وكانت جنين، خلال فترة الإدارة البريطانية، معقلا للتمرد، للدرجة التي دفعت الجيش البريطاني لـ"نسف ربع المدينة عام 1938 بعد مقتل أحد الضباط"، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وفي أعقاب حرب عام 1948، أصبحت جنين تُعرف بأنها المدينة التي لم تستسلم أبدا، بعد أن صدّ المقاتلون الفلسطينيون محاولة إسرائيلية للاستيلاء عليها.