جنين المحاصرة.. تاريخ من المعارك والعمليات المسلحة

في يوليو 2023، خاض مخيم جنين معركة أطلقت عليها الكتائب المسلحة فيه اسم "بأس جنين". العملية بدأت في 3 يوليو 2023 واستمرت لأيام، حيث اقتحمت القوات الإسرائيلية المخيم بأكثر من ألف جندي مدعومين بالطائرات الحربية والمسيرة، وقامت بعمليات قصف مكثف للمنازل والبنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء.

أسفرت العملية عن مقتل 9 فلسطينيين وإصابة أكثر من 100 آخرين، فيما تعرضت عشرات المنازل للتدمير الكلي أو الجزئي، مما أجبر مئات العائلات على النزوح. ومنذ ذلك الحين ومخيم جنين يعاني دمارا كبيرا في البنية التحتية.

تعيد العملية الحالية في جنين ذكريات من العام 2002، عندما شنت القوات الإسرائيلية هجوما واسعا على مخيم جنين ضمن عملية "السور الواقي"، والتي تزامنت مع ذروة الانتفاضة الثانية. هذه العملية استمرت من 1 إلى 11 أبريل 2002، وكانت واحدة من أعنف المعارك التي شهدتها الضفة الغربية.

كانت جنين حينها مركزا للمقاتلين الفلسطينيين، إذ تمركزت مجموعاتهم داخل المخيم وتصدوا للقوات الإسرائيلية المقتحمة.

الهجوم الإسرائيلي الذي شمل حصارا وقصفا مكثفا، أسفر عن مقتل 58 فلسطينيا حسب تقرير الأمم المتحدة، بينما تشير الروايات الفلسطينية إلى أن العدد الفعلي للقتلى تجاوز الـ500 بمن فيهم المصابين الذين توفوا بعد انتهاء الاجتياح.

القوات الإسرائيلية استخدمت في تلك العملية أساليب قاسية تمثلت في القصف العشوائي، واستخدام الدروع البشرية، وقطع الإمدادات الطبية، والتدمير الواسع للبنية التحتية، ما جعل تلك الأحداث تتحول إلى "مجزرة جنين" بحسب تقارير فلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان.

قاد شيخ اسمه فرحان السعدي أولى العمليات المسلحة ضد "الاستعمار البريطاني". السعدي، الذي يُعتبر أحد قادة الثورة الكبرى في فلسطين، ارتبط اسمه بالرصاصة الأولى التي أشعلت فتيل الثورة في عام 1936، عندما هاجم قافلة يهودية. اعتقلته القوات البريطانية وأعدمته عام 1937، ليصبح رمزا فلسطينيا.

وبعد تشكيل كتيبة جنين في 2021، قتل الشاب أحمد السعدي الذي كان أحد مسلحي الكتيبة، وهو أحد أحفاد الشيخ فرحان السعدي.

في عام 1935، قاتل الشيخ عز الدين القسام القوات البريطانية في منطقة خربة "الشيخ زيد" بين مدينة جنين وبلدة يعبد في معركة استمرت لأيام قتل القسام خلالها، ليصبح عز الدين رمزا من رموز الفلسطينيين بعدها، حتى هذا اليوم.

لعب القسام دورا حاسما في تشجيع الفلسطينيين على محاربة المشروع الصهيوني الذي كان ينمو بشكل متسارع وقتها بسبب التسهيلات البريطانية لليهود.

ولم يكن نشاطه مقتصرا على الخطابات والدعوات، بل انخرط في العمل المسلح، وكان من أوائل من تبنى فكرة ما يعرف بـ"المقاومة الشعبية المسلحة ضد الاستعمار البريطاني والهجرة اليهودية إلى فلسطين".

يقع مخيم جنين، الذي أنشئ عام 1953، على أطراف مدينة جنين من الجهة الغربية، ويطل على سهل مرج بن عامر. كان المخيم ملاذا للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا قسرا من قراهم ومدنهم في نكبة الـ1948.

وفي عام 1967، كان عدد سكان المخيم نحو 5 آلاف نسمة، أما اليوم، ووفقا لإحصائيات عام 2023، تجاوز عدد سكانه 11 ألفا و600 شخص.

والمساحة التي يشغلها المخيم شهدت توسعا بسيطا على مر السنين، إلا أنها لم تتجاوز الكيلومتر مربع حتى الآن.