تجنيد بالوعود.. إسرائيل تزجّ بأفارقة في حرب غزة

تُجنّد إسرائيل طالبي لجوء أفارقة للقتال في قطاع غزة، مقابل وعود بالحصول على إقامة دائمة.. هذا ما كشفته صحيفة هآرتس، الأحد.

وتقول "تستخدم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية طالبي اللجوء من أفريقيا في المجهود الحربي بقطاع غزة، وتُخاطر بحياتهم، وفي المقابل، تقدِّم لهم المساعدة في الحصول على وضع مقيم دائم في إسرائيل".

وتنقل الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية، لم تسمّها، قولها إن هذه الإجراءات تتم "بطريقة منظّمة، وترافقها مشورة قانونية للمؤسسة الأمنية، لكن الجانب الأخلاقي لتجنيد طالبي اللجوء لم يُناقَش على الإطلاق".

وعلمت الصحيفة أيضا أن وزارة الداخلية بحثت إمكانية تجنيد أبناء طالبي اللجوء، الذين تلقوا تعليمهم في المدارس الإسرائيلية، بالجيش الإسرائيلي.

لكن حتى الآن، لم يتم منح أي وضع لأيٍّ من طالبي اللجوء الأفارقة الذين شاركوا في الحرب الإسرائيلية على غزة، لكن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أدركت أنه من الممكن الاستفادة من رغبة طالبي اللجوء في الحصول على وضع دائم ومساعدتهم، بحسب المصدر.

وبحسب مصادر أمنية، تحدَّثت للصحيفة، "استعانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بطالبي اللجوء في عدة عمليات، خلال الحرب على غزة".

وأوضحت الصحيفة أن "بعض القادة بالجيش الإسرائيلي اعترضوا على تلك الظاهرة، وقالوا إنها استغلال للفارّين من الحروب في بلدانهم، لكن أُسكِتَت هذه الأصوات".

في ديسمبر، حذّرت وزارة الخارجية في جنوب أفريقيا من مشاركة مواطنيها في القتال إلى جانب إسرائيل في غزة، وقالت: "تشعر حكومة جنوب أفريقيا بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن بعض مواطنيها والمقيمين الدائمين انضموا أو يفكّرون في الانضمام إلى قوات الدفاع الإسرائيلية في الحرب بغزة، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة الأخرى".

وحذّرت أنه "من الممكن أن يُسهم مثل هذا الإجراء في انتهاك القانون الدولي وارتكاب المزيد من الجرائم الدولية، مما يجعلهم عُرضة للمحاكمة في جنوب أفريقيا".

وفي مارس، تصاعدت لهجة جنوب أفريقيا على لسان وزيرة خارجيتها، ناليدي باندور، التي أكدت أن هؤلاء سيتم اعتقالهم فور عودتهم إلى جنوب أفريقيا. وقالت "عندما تعودون، سوف نلقي القبض عليكم".

وزارة الخارجية أشارت أيضا إلى أنها ستُجرّد مواطنيها، الذين يقاتلون مع إسرائيل ويحملون الجنسية الإسرائيلية، من جنسيتها.

ويتوافق هذا الموقف، مع مواقف جنوب أفريقيا السياسية المعلنة، إذ رفعت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023، اتهمتها فيها بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية.

ويوجد في جنوب أفريقيا أكثر من 70 ألف مواطن يهودي، بحسب "أسوشيتد برس".

لدى الجيش الإسرائيلي العديد من البرامج لتجنيد الأجانب الذين ليست لديهم عائلات في إسرائيل، بما في ذلك برنامجا "ماهال" لليهود و"جنود وحيدون"، بحسب ما نقل موقع "إن بي سي نيوز".

ويقول مركز "لون سولدجرز" إن هناك أكثر من 7 آلاف من المجندين الأجانب في الجيش الإسرائيلي، 18% منهم من الولايات المتحدة و4% من أفريقيا.

لم تعلّق إسرائيل رسميا على هذه المسألة، إلا أنه لا يبدو أن دولا أخرى غير جنوب أفريقيا ستقوم بإجراءات عقابية ضد مزدوجي الجنسية الذين يقاتلون في إسرائيل.

وفي مارس، قال النائب الفرنسي توماس بورتس، إن 4000 مواطن فرنسي يقاتلون في الجيش الإسرائيلي في الحرب بغزة. وفي رسالة بعث بها في ديسمبر، طالب بورتس وزير العدل الفرنسي بالتحقيق معهم ومحاكمتهم، على الرغم من عدم وجود مؤشرات على أن الحكومة الفرنسية تخطّط لاتخاذ هذه الخطوة، وفق الموقع.

بريطانيا تقول إن المملكة المتحدة "تعترف بحق المواطنين البريطانيين ذوي الجنسيات الإضافية" في الخدمة، ضمن صفوف "القوات المسلحة المعترف بها شرعيا" في تلك البلدان، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي.

وفي الولايات المتحدة، أي جهود لمعاقبة الأميركيين الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، غير مرجّحة إلى حد كبير، بحسب "إن بي سي نيوز".

في يوليو، صوّتت الحكومة الإسرائيلية لصالح مشروع قانون يقضي بتمديد الخدمة الإلزامية للجنود الذكور في الجيش الإسرائيلي إلى 3 سنوات، في تطوّر يُظهر حجم النقص في "القوى العاملة" ضمن صفوف الجيش.

يشير موقع "تايمز أوف إسرائيل" صراحة إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه نقصا في عدد الجنود، بسبب الحرب على حماس في غزة وحزب الله في لبنان.

وتمديد الخدمة الإلزامية ليس سوى أحد الخيارات لدى إسرائيل، فمنذ أشهر والجيش الإسرائيلي يحاول إجبار اليهود المتدينين "الحريديم" على تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية التي يمتنعون عنها في العادة، بحجة تفرّغهم لدراسة التوراة.

سعى وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في يوليو، لإجبار الحريديم على الانضمام للجيش، عبر التجنيد الإلزامي، متجاوزا حسابات التحالف الحاكم، واستدعى الجيش فعلا أكثر من ألف شخص، لكن لم يلبِّ النداء سوى 30 شخصا.

آخر مساعي إسرائيل كانت في أغسطس، عندما كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل تريد إعادة تجنيد عناصر الاحتياط الذين حصلوا على إعفاء من الخدمة العسكرية في الماضي، عبر إلغاء تلك الإعفاءات وإعادتهم للخدمة.

وتقدّر وزارة الدفاع عدد أولئك العناصر بنحو 25 ألف ضابط وجندي، وأنها راسلتهم بالفعل وطالبتهم بالعودة للجيش.

وفي يونيو، أفادت القناة 12 بأن قادة قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي يحذرون من أن نسبة حضور الجنود والضباط لخدمة الاحتياط في انخفاض حاد متزايد، وبلغت نحو 60% في أفضل الحالات.