"قاتلوا وحدكم".. هل تقطع إيران ذراعها اللبناني؟

في ما يخص المفاوضات النووية، يرى رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الدكتور سيد غنيم، أن تلميح إيران للتفاوض مع الولايات المتحدة بالاستغناء عن البرنامج النووي غير السلمي هو عودة للاتفاقية النووية عبر التوقف عن الاستمرار في تخصيب اليورانيوم، وليس استغناء عن البرنامج النووي ككل بصورته السلمية.

وفي هذا الصدد، يشير غنيم لبلينكس إلى أن تفاوض طهران مع واشنطن على حساب البرنامج النووي غير السلمي وعلى حساب دعم روسيا، يهدف لحماية البرنامج النووي ولو من دون تخصيب وحماية حزب الله، وليس التضحية بهما مع الإبقاء على البرنامج الصاروخي، مضيفا أن هذا قد يكون مضيعة للوقت وتفويت الفرصة على إسرائيل لاستكمال إجراءاتها للهجوم البري.

في الجانب الآخر، يرى الباحث في الشؤون العسكرية والأمنية، أحمد عادل، صعوبة استخدام إيران لورقة المفاوضات مقابل التخفيف عن حزب الله، وذلك لأن الولايات المتحدة لا تملك أوراق ضغط على إسرائيل، وأن موقف واشنطن مختلف في هذه المرة عن غزة.

ويشير عادل، في تصريحات لبلينكس إلى أن واشنطن كانت تعترض على سلوك إسرائيل في ما يخص الأوضاع الإنسانية، ولكن في هذه المرة فواشنطن تصنف حزب الله تنظيما إرهابيا وتضع عددا من قيادته على قوائم الإرهاب.

وعلى الجانب الآخر، فإن الغرب كان يجلس على طاولة المفاوضات مع إيران في السابق لأن لديه أوراق ضغط لدى طهران ترتبط بالأسلحة، ولكن ضربة طهران لإسرائيل في أبريل الماضي كشفت حقيقة القوة الإيرانية.

ويضيف عادل أن الغرب أصبح يرى في طهران رد فعل وليس طرفا فاعلا، لأن أدواته الاستراتيجية، أصبحت غير فعالة، وليس لديها قدرة على ضغط الداخل الإسرائيلي عسكريا.

أما في ما يخص مسألة إنقاذ حزب الله، فإن طهران تحتاج ٤ أضعاف القوة النيرانية التي استخدمتها في أبريل الماضي ضد إسرائيل، كحد أدنى للتأثير، وذلك بحساب قدرات الصد الإسرائيلية منفردة لمختلف نماذجها الصاروخية والجوية، وربما لا تنجح أيضا في ذلك، وتاليا سيكون أمام طهران فقط توجيه ضربات لمصالح تل أبيب في الخارج وهو ما سيشكل لها أزمة مع الدول التي ستضرب فيها هذه المصالح.

يرى أليكس بيتساس على موقع أتلانتيك كاونسل أن إيران قد تدفع باتجاه نهاية سريعة للحفاظ على حزب الله، خاصة وأنه يلعب دورا انتقاميا رئيسيا إذا ما وجهت إسرائيل ضربة إلى المواقع النووية الإيرانية.

في الجانب الآخر، فإن حزب الله يسعى جاهدا ألا يستفز إسرائيل أو يضطر إلى استخدام وإهدار أصوله العسكرية الأكثر قيمة، وخاصة الصواريخ الدقيقة، التي تعتبرها إيران بمثابة بوليصة تأمين لها، بحسب ما ترى الباحثة حنين غدار على فورين بوليسي.

وتشير غدار إلى أن السيناريو الأفضل هو أن قبول حزب الله وقف إطلاق نار منفصل عن غزة، لأنه بالنسبة لإيران والحزب، فلا شيء أهم من أصولهما العسكرية، وخاصة الصواريخ الدقيقة.

وتؤكد غدار أهمية تركيز المفاوضات على منع حرب شاملة، والسماح للسكان من كلا الجانبين بالعودة إلى ديارهم، وتقويض مزاعم حزب الله وإيران عن "النصر والمقاومة".

في وقت يدلي الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بتصريحات لـCNN تقول إن حزب الله لن يستطيع مواجهة إسرائيل وحده، يرى الباحث السياسي يوسف دياب أن طهران نأت بنفسها عن الحزب وتركته وحده وكذلك أذرعها في المنطقة.

ويفسر دياب الأمر في تصريحات لبلينكس، أن إيران ليس لديها سوى حلين للتخفيف عن حزب الله وهما:

• العمل الدبلوماسي: وفيه لا تملك أوراق ضغط كافية لا سيما مع علاقاتها السيئة مع الولايات المتحدة وعدد من الأطراف الغربية والدولية.
• العمل العسكري: وهي لن تكون طرف في حرب من أجل حزب الله، على الأقل في الوقت الحالي، وخاصة أن الحل العسكري مكلف بالنسبة لها وقد يكلفها استهداف إسرائيل لمنشآتها النووية والعاصمة طهران.

وفي ما يخص ورقة المفاوضات، يرى دياب أن "طهران تستخدم حزب الله وغيره من الأذرع العسكرية في المنطقة لتحسين موقفها التفاوضي في برنامجها النووي"، وأنها متعجلة للتوصل لاتفاق مع الإدارة الديمقراطية الأميركية الحالية، ولكن الوقت ضاغط لا سيما مع اقتراب الانتخابات الأميركية.

في أول زيارة له لنيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، ظهر بزشيكان أمام الصحفيين ليقول إن بلاده مستعدة لخفض التوتر مع إسرائيل إذا ما التزمت تل أبيب، بحسب ما أفادت بلومبرغ.

وقال بزشكيان للصحافيين "نحن على استعداد لوضع كل أسلحتنا جانبا طالما أن إسرائيل مستعدة للقيام بنفس الشيء". "نحن لا نسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة".

في الوقت نفسه فإن بزشكيان اتهم إسرائيل بالسعي إلى جر إسرائيل إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط باستفزاز طهران، وحين سئل عن تدخل بلاده في صراع إسرائيل وحزب الله كانت الإجابة "سندافع عن أي مجموعة تدافع عن حقوقها وعن نفسها". ولم يسترسل في تفاصيل، بحسب ما أفادت رويترز.

لكن على الجانب الآخر، خرج وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي "لينفي بشدة" ما أوردته وسائل الإعلام حول هذا الأمر.

وأشار في تصريحات نقلتها وكالة أنباء إرنا الإيرانية إلى أن حتى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في طهران، لن يمر من دون رد.