بعد أعنف ضربة في تاريخه.. ما مستقبل حزب الله؟

يقول نائب مدير الأبحاث في معهد كارنيجي الشرق الأوسط في بيروت، مهند الحاج علي: "المشهد بأكمله سوف يتغير بشكل كبير"، مضيفا أن نصرالله كان مثل الغراء الذي حافظ على تماسك منظمته المتوسعة، موضحا أن نصرالله بالنسبة للشيعة يعتبر شخصية أسطورية إلى حد ما".

وأصبح نصر الله نفسه أمينا عام لحزب الله عندما قتلت إسرائيل سلفه عباس الموسوي عام 1992، وظل معرضا لخطر الاغتيال بشكل مستمر منذ ذلك الحين.

ووصف دبلوماسي أوروبي لرويترز نهج الحزب، بالقول: "إذا قتلت واحدا، يحصلون على واحد جديد". ولكن وسط سلسلة مفاجئة من الضربات الإسرائيلية على حزب الله، فإن مقتل نصرالله من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الصعب الذي يعيشه الحزب بالفعل منذ بدء الاشتباكات في 8 أكتوبر 2023.

تقول الباحثة في معهد تشاتام هاوس للسياسة في لندن، لينا الخطيب: "لن ينهار الحزب إذا قُتل نصر الله، لكن هذا سيكون ضربة قوية لمعنويات المجموعة. كما سيؤكد على تفوق إسرائيل الأمني والعسكري وقدرتها على الاختراق".

والتأثير المحتمل لمقتل نصر الله على القدرات العسكرية لحزب الله غير واضح أيضا. فقد تبادلت إسرائيل وحزب الله إطلاق النار لمدة عام عبر الحدود اللبنانية في أسوأ صراع بينهما منذ عام 2006، والذي اندلعت شرارته في أعقاب الحرب في غزة.

تشرح الخطيب إن "إسرائيل سترغب في ترجمة هذا الضغط إلى وضع جديد يكون فيه شمالها آمنا، لكن هذا لن يحدث بسرعة".

وأعلن الحزب مسؤوليته عن عدة هجمات صاروخية على إسرائيل في الساعات التي أعقبت الضربة على بيروت، فيما قال محللون إنه محاولة لإظهار قدرته على تنفيذ مثل هذه العمليات بعد ضربة الضاحية الجنوبية التي استهدفت مركز قيادة الحزب وقتلت أمينه العام.

أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد فواز جرجس يقول إن "إسرائيل تستغل هذه الفرصة للقضاء على البنية القيادية وتدمير البنية التحتية للحزب"، مضيفا أنهم "يكسرون قوة حزب الله. ليست هناك حاجة لقتل كل عضو في حزب الله، ولكن إذا قمت بتدمير بنيته القتالية وأجبرته على الاستسلام، فإن ذلك يفقده مصداقيته".

عقب تأكيد اغتيال نصرالله، ظهر اسمان لخلافته: نائبه الأول نعيم قاسم الذي سيتولى القيادة حتى انتهاء عمليات الاختيار، والثاني قريبه وشبيهه هاشم صفي الدين.

يشغل قاسم الذي ولد في بيروت عام 1953، منصب نائب الأمين العام منذ عام 1991، ويعتبر أحد المراجع الدينية والفكرية لعناصر الحزب.

على الجانب الآخر، يقول فيليب سميث، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة الشيعية لرويترز، إن أي زعيم جديد يتعين أن يكون مقبولا داخل الحزب وكذلك لدى داعميه في إيران.

وقال مصدر مقرب من حزب الله إن هاشم صفي الدين، الذي يعتبر على نطاق واسع خليفة نصرالله، لا يزال على قيد الحياة بعد هجوم الجمعة.

وصفي الدين، الذي يشرف على الشؤون السياسية للحزب وعضو المجلس الجهادي في الجماعة، هو أحد أقارب نصر الله، ومثله هو رجل دين يرتدي العمامة السوداء.

وصنفت وزارة الخارجية الأمريكية صفي الدين إرهابيا في عام 2017، وفي يونيو الماضي هدد بتصعيد كبير ضد إسرائيل بعد مقتل أحد القادة العسكريين في الحزب، قائلا خلال الجنازة "فليعد العدو نفسه للبكاء والعويل".

وقال سميث إن نصر الله "بدأ في تخصيص المناصب لصفي الدين داخل مجموعة متنوعة من المجالس المختلفة داخل الحزب. وكانت بعضها أكثر غموضا من غيرها"، موضحا أن القرابة العائلية بين صفي الدين ونصر الله وكذلك التشابه بينهما، فضلا عن مكانته الدينية كلها عوامل تصب في مصلحته.