"ضاحية بيروت" تصارع للبقاء.. هل خسر حزب الله قوته؟

في عمق الضاحية الجنوبية حيث تم استهداف صفي الدين، تسعى فرق الإنقاذ لإزالة الركام عبر الجرافات وبواسطة وسائل أخرى، لكن الغارات الإسرائيلية تمنع استكمال المهمات الإغاثية.

الهيئة الصحية الإسلامية هي الجهة الإغاثية الأساسية التي تنشط في الضاحية على صعيد أعمال الإنقاذ والإغاثة، وخلال الأيام الماضية قتلت إسرائيل عددا من عناصر الهيئة في استهدافات مختلفة.

مسؤول الإعلام في الهيئة محمود كركي قال لبلينكس إن المسعفين يرزحون تحت الخطر بسبب القصف الإسرائيلي المتزايد على الضاحية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يمنع فرق الإغاثة من إنقاذ المواطنين، ويضيف "إسرائيل تريدُ أن يموت كل شخص لديه أمل بالنجاة من تحت الركام".

كركي تحدث عن أن إسرائيل قتلت سائق جرافة كان يعمل على رفع ركام أحد المباني في الضاحية عند استهداف الآلية بشكل مباشر، مشيرا إلى أنه تم شن هجمات مباشرة على أفراد الهيئة، ويضيف "لقد تعرضنا لـ39 استهدافا وقتل 70 عنصرا فيما جُرح أكثر من 150 آخرين".

من بلدة مجدل سلم في جنوب لبنان مرورا ببيروت، ووصولا إلى زغرتا في شمال لبنان، قطعت الشابة اللبنانية لمى إبراهيم رحلة نزوح دخلت يومها الـ14، بعدما وسعت إسرائيل هجماتها على لبنان يوم 23 سبتمبر الماضي.

تقول لبلينكس "أريد العودة إلى منزلي في الجنوب.. هذا هو أبسط أحلامي الآن. لا أريد شيئا سوى النوم في سريري".

وتضيف "لعن الله الحرب.. لقد سقطنا في مستنقع ليس لنا أي علاقة به.. غزة ليست أغلى من جنوب لبنان وليست أغلى من أصدقائي وليست أغلى من بلدتي ومنزلي".

"ما بقا حدا يقلّي كيفك".. هذا ما تقوله النازحة سهى التي تمكث في ثانوية شكيب إرسلان بالعاصمة بيروت، واصفة حالتها بـ"التعيسة"، وتضيف "ماذا جنينا من الحرب غير الدمار؟ أيام عدة مضت على نزوحنا، ولم نُحصل أي شيء.. لقد رأينا الموت بأعيننا، من تضامن معنا؟ من ساندنا؟ نريد انتهاء الحرب الآن فلم نعد نحتمل"، تقول متسائلة.

على كورنيش عين المريسة في بيروت، تمكث السيدة نهى على مقعد صغير أمام البحر، وتقول لبلينكس إنها لا تستطيع تحديد مصيرها بعدما باتت تنام في العراء، وتضيف "نزحنا من الضاحية قبل أيام ولم نجد أي مأوى يحمينا من حرارة الشمس ومن برد الشتاء القادم".

وتابعت "هناك هيئات من الحزب تقوم بتوزيع المساعدات المالية والعينية والغذائية على المدارس التي تحولت إلى مركز إيواء.. أما نحن فمن يلتفت إلينا لاحتضاننا؟".

وأكملت "لقد شاهدت فيديو قديم لأحد الإعلاميين في لبنان يقول إن هناك آلاف من مراكز الإيواء ستُفتح إن بدأت الحرب.. ها نحن الآن في صلب المعركة.. أين هي هذه المراكز؟ لا نريد الاصطدام مع أحد لكن الحقيقة مُرة والواقع خطير".

من جهتها، تكشف النازحة فداء التي نزحت من منزلها المحاذي لمكان استهداف قادة فرقة الرضوان التابعة لـ"حزب الله" يوم 20 سبتمبر الماضي، أنها باتت تبحث الآن عن منزل جديد في نطاق بيروت بعدما مكثت لدى أقاربها بضعة أيام في شقة صغيرة.

تقول فداء لبلينكس إنها تأمل الحصول على شقة جديدة لتسكنها مع عائلتها وتضيف "نحن لا ننتمي إلى حزب الله ولا نحصل على مساعدات.. فمن سيساعدنا ويقدم لنا المعونات؟ ما يحصل هو أننا نتكبد عناء النزوح من جيبنا الخاص".

وسط كل ما يجري في لبنان، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن تضرر تشكيلات حزب الله بالفعل، فيما كشف تقرير جديد لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تفاصيل جديدة عن عملية اختراق الموساد الإسرائيلي لـ"حزب الله" من خلال أجهزة الاتصالات المففخة "البيجر".

ضربة "البيجر" وأجهزة اللاسلكي خلال شهر سبتمبر وما تبعها من عمليات اغتيال وآخرها التي أدت إلى تصفية نصرالله، كلها جعلت الحزب أمام "مأزق عسكري"، وفق ما يقول الخبير العسكري خالد حماده لبلينكس.

بالنسبة للخبير اللبناني، فإن الاغتيالات المتتالية والاستهداف لقادة الصف الأول بدءا من نصرالله وانتهاء بهاشم صفي الدين، تمثل ضربات قوية على مستوى القيادة والبنية التنظيمية للحزب، ويضيف "التنظيم يعاني الآن من قصور ميداني وأمني، في حين أنه تلقى ضربات على صعيد بنيته الاقتصادية التي كان يمول من خلالها رواتب عناصره وحاجاته الطارئة".

وفق حماده، فإنه على الرغم من أن "حزب الله" يخوض اشتباكات مع إسرائيل عبر قوة "الرضوان"، إلا أن هذه المجموعة وغيرها قد لا تكون قادرة على شن حرب ومواجهة ضد إسرائيل.

يضيف "قد تكون قوة الرضوان وغيرها قادرة على الاشتباك محليا وليس أكثر من ذلك، في حين أن العمليات البرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان يمكن تصنيفها في إطار الاستطلاع بهدف التعرف على مدى قدرة الحزب على القتال واستدامة ذلك، ومعرفة الذخيرة المتبقية على الجبهة ونوعيتها".

في المقابل، يرى الخبير العسكري مصطفى الأسعد أن تدمير الهرمية التنظيمية لحزب الله لم يؤثر على تماسك الجبهات لغاية اليوم، وقال لبلينكس "حتى الآن، ما زلنا نرى اشتباكات وكمائن على مقربة من الحدود وفي خطوط المواجهة الأولى، وهذا يعني أن القيادة المركزية وفقدان عوامل الإتصال لم تؤثر بشكل جوهري على الحزب".

الأسعد يتفق مع حماده على أمر أساسي وهو أنّ "إسرائيل لم تقم بأي خطة حقيقية على الحدود بعد"، مؤكدا ما قاله حماده عن أن إسرائيل ما زالت في مرحلة الاستطلاع بالنار، ويضيف "لهذا اليوم، لا يمكن تقييم مدى تماسك الجبهة الحقيقي إذ لم يحصل اجتياح بعد بمعناه الحقيقي".