جزيرة النفط الإيرانية.. هدف إسرائيل الذي كادت أن تدمره أميركا

على بعد ٣٥ كيلومترا تبعد جزيرة خرج، أو خارك كما تكتب بالفارسية، عن سواحل إيران وتتبع محافظة بوشهر، ويبلغ طولها 8 كيلومترات وعرضها 4 كيلومترات، بحسب موقع شركة موانئ النفط الإيرانية.

وتمثل الميناء الرئيسي لتصدير النفط الإيراني، إذ تبلغ طاقته الاستيعابية بالرسو المتزامن لـ ٩ ناقلات نفط وتخزين أكثر من ٢٣ مليون برميل نفط، فضلًا عن التسليم اليومي للمشتركين أكثر من ١٠ مليون برميل، بحسب الباحث في الشؤون الإيرانية أحمد فاروق في تصريحات لبلينكس.

تاريخيا، ظهر اسم الجزيرة في القرن الخامس عشر كمحطة تجارية للهولنديين، ثم استولى عليها قراصنة عام 1766، وظلت غير مأهولة حتى ازدهار إيران في مجال التعدين خلال قرن العشرين لتصبح محطة النفط الخام لكنها تضررت مؤقتا خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، بحسب موسوعة بريتانيكا.

يشير فاروق في حديثه لبلينكس إلى أن إيران تنتج ما يقرب من ٣ مليون و٢٠٠ ألف برميل نفط يوميا، وفي ظل العقوبات وصل أعلى إنتاج لها خلال الأعوام الماضية ما يقرب من مليون و٧٠٠ ألف برميل يوميًا وتشتري المصافي النفطية الصينية غالبية هذا النفط.

وبالتالي، ففي حال ضرب هذا الإنتاج فستتأثر إيران على الجانبين المحلي والدولي، إذ ستفقد مصدرا رئيسيا للعملة أجنبية بما سيؤثر تباعًا عن مداخيل الحكومة بما سيفاقم من أزمتها المحلية في توفر العملات الأجنبية وتلبية الاحتياجات الاستيرادية الأخرى على المديين القصير والمتوسط، هذه الأزمة ربما ستؤدي بشكل أو بآخر إلى استياء شعبي نتيجة للأزمة الاقتصادية، بحسب فاروق.

أما دوليا، فضرب هذا الميناء سيرفع أسعار النفط فوريا بنسبة تصل إلى 5%، ويتعرض حوالي 4% من إمدادات النفط العالمية للخطر في حالة وقوع ضربات على البنية التحتية للطاقة في إيران، بحسب محللين لشبكة NBC.

وتحتل إيران المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي والرابعة من حيث احتياطيات النفط الخام المؤكدة، ورغم التنوع النسبي الذي تتمتع به إيران كدولة مصدرة للنفط، فإن النشاط الاقتصادي والإيرادات الحكومية لا تزال تعتمد على عائدات النفط، بحسب دراسة للبنك الدولي صادرة في العام ٢٠٢٢.

في الوقت نفسه، حققت صادرات النفط الإيرانية 35.8 مليار دولار في الفترة بين مارس 2023 و2024 بحسب تصريح لرئيس الجمارك الإيرانية، محمد رضواني فر نقلته رويترز.

حينما احتجزت إيران عشرات الرهائن الأميركيين في سفارة واشنطن بطهران لما يربو عن عام، فكر الرئيس الأميركي جيمي كارتر في مهاجمة الجزيرة أو احتلالها، بحسب إي بي سي الأسترالية.

وتشير اجتماعات مجلس الأمن القومي الأميركي عام ١٩٧٩ إلى أن العسكريين الأميركيين تصوروا حينها أن الاستيلاء على الجزيرة لن يتطلب الكثير من الجهد، ولكنهم اكتشفوا في وقت لاحق أن هناك نحو 250 جندياً، و250 آخرين من أفراد الدفاع الجوي، وعدة مئات (حتى 500) من العسكريين يشاركون في برنامج لطائرات الهليكوبتر هناك.

وتساءل كارتر خلال الاجتماع عن إمكانية شن هجوم جوي على الجزيرة، واعتبر أن احتلال الأراضي الإيرانية سيثير معارضة العالم أجمع، وأشار وزير دفاعه هارولد براون إلى أن الضربة الجوية ستكون "أكثر ديمومة لأنها ستدمر المنشأة"، وأن "سبل عيش واقتصاد إيران بالكامل يعتمدان على صادرات النفط من جزيرة خرج".

لكن كارتر لم يكن "متأكداً" من قدرة فرنسا والمملكة المتحدة واليابان وغيرها من الدول على التعامل مع التأثير على إمدادات النفط، "خاصة إذا أغلقت الدول الأخرى المنتجة للنفط عملياتها كعلامة على التعاطف".

واقترح رئيس وكالة الاستخبارات المركزية ستانسفيلد تيرنر "ببساطة تلغيم المياه المحيطة بجزيرة خرج"، لكن كل ذلك لم يحدث.

ويشير تقرير استخباري أميركي عام ١٩٨٤ إلى أن الجزيرة شملت "دفاعاتها الرئيسية" بطاريات صواريخ موجهة من طراز هوك من صنع الولايات المتحدة، و8 مدافع مضادة للطائرات من صنع سويسري مزودة برادار، وما لا يقل عن 8 مواقع أخرى لمدافع مضادة للطائرات سوفييتية الصنع "موزعة حول محيط الجزيرة"، خلال الحرب بين إيران والعراق.