"خطة الجنرالات" لسكان غزة: استسلموا أو موتوا جوعا

من شأن الخطة، التي اقترحها مجموعة من الجنرالات المتقاعدين على نتنياهو والبرلمان الإسرائيلي، أن تزيد من الضغوط، مما يمنح الفلسطينيين أسبوعًا لمغادرة الثلث الشمالي من قطاع غزة، بما في ذلك مدينة غزة، قبل إعلانها منطقة عسكرية مغلقة.

وبحسب نسخة من الخطة التي اطلعت عليها وكالة أسوشيتد برس، فإن من سيبقون سيعتبرون مقاتلين، وهو ما يعني أن اللوائح العسكرية ستسمح للجيش بقتلهم، وسيحرمون من الطعام والماء والدواء والوقود.

وعندما سئل المتحدث العسكري الإسرائيلي، ناداف شوشاني، عما إذا كانت أوامر الإخلاء في شمال غزة تمثل المراحل الأولى من "خطة الجنرالات"، قال: "لا، لم نتلق خطة مثل هذه".

لكن مسؤولا مطلعا على الأمر قال للوكالة إن أجزاء من الخطة يجري تنفيذها بالفعل، دون تحديد الأجزاء.

تهدف المرحلة الأولى من الخطة إلى إخلاء شمال قطاع غزة (شمال ممر نتساريم)، من جميع السكان المدنيين، أي نحو 300 ألف شخص، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وعلى السكان المدنيين الخروج من شمال القطاع خلال مدة لا تزيد على أسبوع واحد، بحسب الخطة التي تحدّثت عنها القناة 12.

بعد ذلك، سيُعلَن شمال القطاع منطقة عسكرية مغلقة، يواجه فيها نحو 5 آلاف مقاتل من حماس خيار الموت أو الاستسلام، ما سيضغط على الحركة للقبول باتفاق، بشروط أكثر ملاءمة لإسرائيل، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وأولئك الذين يبقون في الداخل سيعتبرون مقاتلين وأهدافا مشروعة للجيش.

مهندس خطة الإخلاء والحصار هو رئيس وحدة التخطيط والعمليات السابق في الجيش الإسرائيلي غيورا إيلاند، يقول: "ما يهم يحيى السنوار هو الأرض والكرامة، وبهذه المناورة تُسلب منه الأرض والكرامة معا"، وفق ما نقل موقع "تايمز أوف إسرائيل".

وأكد في كلمة ألقاها أمام الكنيست الأسبوع الماضي، أن الخطة، غير المدعومة من الولايات المتحدة، من شأنها أن تغيِّر الواقع على الأرض في غزة.

تُعنى المرحلة الأخرى من الخطة بإطباق حصار كامل على المنطقة بزعم أنها لا تضم أي مدنيين في شمال غزة.

وستمنع القوات الإسرائيلية دخول أي نوعٍ من المساعدات الإنسانية إليها، كما أنها لن تسمح بدخول أو خروج أحد، وفي حال نجاح الخطة، ستطبّق في مناطق أخرى من القطاع، بحسب ما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست".

ويقول أحد الضباط إن المدنيين الذين لم يستطيعوا المغادرة خلال مهلة الأسبوع، يستطيعون التقدم إلى معابر الخروج الإسرائيلية، حاملين رايات بيضاء، وسيُسمَح لهم بالخروج والحصول على الغذاء والماء.

ويزعم الضباط، الذين رسموا الخطة، إنها ستعجّل من استسلام حماس، بحسب ما نقلت القناة 12.

ولم توضّح الرسالة ما إذا كان سيسمح للمدنيين بالعودة إلى شمال غزة، بمجرد انتهاء القتال أم لا، كما أنها لم تشِر إلى من سيُسيطر على المنطقة إذا سمح لهم بالعودة.

يعتقد الوزراء وأعضاء الكنيست أن هذه الخطة ضرورية، لمنع حماس من الاستمرار في السيطرة على السكان المدنيين، من خلال التحكم بتوزيع المساعدات الإنسانية، بحسب "جيروزاليم بوست".

ويرى الجنرالات في خطتهم أن "الطريقة الوحيدة للإضرار بقدرة حماس على إعادة تأهيل نفسها، هي الإضرار بواحد أو أكثر من العناصر الأربعة (المال، والقدرة على تجنيد المقاتلين، والإمدادات والتحفيز) التي تمكنها من النجاة مع مرور الوقت".

يقول إيلاند إن ما دفع زعيم حماس على قبول اتفاق تبادل أسرى في نوفمبر الماضي، هو نقص الإمدادات، مشيرا إلى أن إسرائيل استطاعت تحرير نحو 10 رهائن كل يوم، بحسب ما نقل موقع "إسرائيل ناشيونال نيوز".

ويضيف "لذلك اشترطت حماس في ذلك الاتفاق زيادة عدد شاحنات المساعدات لأكثر من 200 يوميا".

ويختم "الواقع في غزة اليوم أن السنوار ليس تحت الضغط".

وفي هذا السياق، يقول القائد السابق لكتيبة جنين في الجيش الإسرائيلي، هيزي نيهاما: "لم يكن ينبغي لنا أبدا أن نسمح لحماس بالسيطرة على المساعدات الإنسانية، كان علينا أن ندخل قطاع غزة في البداية من ممر فيلادلفيا"، بحسب ما نقل موقع "جيويش نيوز سينديكيت".

ويضيف "كل يوم، تحصل حماس على مئات شاحنات المساعدات" التي تحتوي على الغذاء والوقود والأدوية. "إنها تحصل على السلع مجانا وتبيعها للسكان بالسعر الكامل".

ويشير "مع كل هذه الأموال، فإن حماس قادرة على دفع الرواتب، وتجنيد أعضاء جدد، والحفاظ على معنويات عالية".

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، قال إن واشنطن تعارض أي خطة من شأنها أن تجلب احتلالًا إسرائيليًا مباشرًا في غزة.

بينما تقول جماعات حقوق الإنسان إن الخطة من المرجح أن تجوع المدنيين وأنها تتعارض مع القانون الدولي، الذي يحظر استخدام الغذاء كسلاح والنقل القسري.

وتشكل الاتهامات بأن إسرائيل تحد عمدًا من وصول الغذاء إلى غزة محورًا لقضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضدها في محكمة العدل الدولية، وهي الاتهامات التي تنفيها إسرائيل، وفق الوكالة الأميركية.

في الوقت نفسه، لم يستجب سوى عدد قليل جدًا من الفلسطينيين لأوامر الإخلاء الأخيرة. بعضهم أكبر سنًا أو مرضى أو يخافون مغادرة منازلهم، لكن الكثيرين يخشون عدم وجود مكان آمن للذهاب إليه وأنهم لن يُسمح لهم بالعودة أبدًا. منعت إسرائيل أولئك الذين فروا في وقت سابق من الحرب من العودة.

وقالت تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة جيشا، وهي منظمة إسرائيلية مكرسة لحماية حق الفلسطينيين في التنقل بحرية داخل غزة: "إنني أشعر بقلق بالغ إزاء الطريقة التي يبدو بها أن الخطة تقول إنه إذا أتيحت الفرصة للسكان للإخلاء ولم يفعلوا ذلك، فإنهم يتحولون بطريقة أو بأخرى إلى أهداف عسكرية مشروعة، وهو ما ليس صحيحاً على الإطلاق".

وعندما سئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر عن الخطة، الأربعاء، قال إن الولايات المتحدة سوف "توضح بشكل قاطع أن الولايات المتحدة ليست وحدها التي تعارض أي احتلال لغزة، وأي تقليص لحجم غزة، بل إن هذا هو الرأي الإجماعي للمجتمع الدولي".

وقال مسؤول كبير في الأمم المتحدة إنه لم تدخل أي مساعدات، باستثناء شحنة صغيرة من الوقود للمستشفيات، إلى الشمال منذ 30 سبتمبر، سواء من خلال المعابر من إسرائيل أو من جنوب غزة. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة معلومات سرية.