صراعات
.
تتصاعد الأحداث في لبنان، ومعها تتزايد مخاوف الأوروبيين من موجة من المهاجرين، وتأثيرات أخرى وفق المحللين، ورغم ما يمتلكه الاتحاد الأوروبي ودوله من أدوات تمكنه من دفع عملية وقف إطلاق قدما إلا أن الصف الأوروبي يشقه خلاف كبير.
فبينما تنادي فرنسا بوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل، تؤكد ألمانيا إمداد إسرائيل بما تحتاجه من أسلحة "دفاعا عن نفسها"، فيما تتصاعد الحرب الكلامية بين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
من جهة أخرى، تكون دول الاتحاد الأوروبي ثلث قوات حفظ السلام في لبنان اليونيفيل بصدارة إيطاليا التي تزور قائدتها رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني، لبنان، لتكون أعلى زيارة أوروبية منذ بدء التصعيد الإسرائيلي في لبنان..
فكيف انقسمت أوروبا حول لبنان؟
على عكس الأزمات الأخرى، فإن لبنان يؤثر بصورة مباشرة على أوروبا وفي الوقت نفسه لدى أوروبا أدواتها التي قد تعمل على حل الأزمة بحسب الباحثة في معهد كارنيغي، ريم ممتاز، التي تعدد عواقب الأزمة في أوروبا كالآتي:
فيما تشير إلى الأدوات التي يملكها الأوروبيون كالآتي:
تمثل دول أوروبا، ثلثي قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل"، البالغ إجمالي قوامها أكثر من ١٠ آلاف جندي.
وتأتي إيطاليا وفرنسا وإسبانيا في مقدمة الدول كالآتي:
وفي أعقاب إطلاق النار المتكرر من قبل إسرائيل ومطالبتها بسحب اليونيفيل ورفض الأمم المتحدة لذلك، اجتمع وزراء دفاع الأوروبية الـ١٦ المشاركة في القوة في السادس عشر من أكتوبر لتطلب بقيادة إيطاليا "ممارسة أقصى قدر من الضغط على المستويين السياسي والدبلوماسي على إسرائيل" لتجنب "حوادث جديدة"، بحسب فرانس برس.
في الوقت نفسه، اعتبرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، الثلاثاء، أن انسحاب اليونيفيل سيكون "خطأ فادحا"، معلنة نيتها زيارة لبنان في ١٨ أكتوبر ٢٠٢٤، ليس هذا فحسب، بل بررت غيابها عن اجتماع لقادة دول أوروبية بارزين مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، في برلين بزيارتها للشرق الأوسط، في وقت تقود فيه روما مجموعة السبع.
منذ مطلع أكتوبر ٢٠٢٤، تدور حالة من المواجهات الكلامية بين كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لا سيما مع التصعيد الدائر في لبنان، فقد دعا الأول لوقف شحنات الأسلحة إلى تل أبيب، ليرد "بيبي" بـ"عار عليهم".
أما آخر فصول المواجهة بين نتنياهو وماكرون كانت في تصريح الرئيس الفرنسي أن إسرائيل أسست عبر قرار الأمم المتحدة، في إشارة إلى قرار تقسيم فلسطين رقم ١٨١ لعام ١٩٤٧، ليرد عليه نتنياهو أن إسرائيل أسسها ناجون من الهولوكوست "المحرقة النازية"، بما في ذلك من نظام فيشي الذي تعاون مع ألمانيا النازية إبان احتلالها لفرنسا، بحسب بوليتيكو.
ولم يكتف نتنياهو بذلك، بل قال في تصريحات لصحيفة لو فيغارو نقلتها جيروزاليم بوست، إن الأمم المتحدة اعترفت بحق الشعب اليهودي في دولة، لكنها لم تخلقها، زاعما "ارتباط الشعب اليهودي بأرض إسرائيل منذ 3500 عام".
في جانب آخر، ماكرون يقود حراكا من الدول الفرانكفونية لمحاولة وقف إطلاق النار في لبنان إذ صرح خلال القمة الفرانكوفونية التاسعة عشرة في باريس أن 88 دولة ناطقة بالفرنسية دعت بشكل جماعي إلى وقف إطلاق نار "فوري" في لبنان، وموافقتها على عقد مؤتمر دولي لدعم لبنان في ٢٤ أكتوبر، بحسب يورونيوز.
وعلى مستوى آخر، أعلن منظمو يورونافال البحري العسكري عدم استضافة أي جناح أو معدات إسرائيلية خلال دورته المقبلة، بطلب من الحكومة الفرنسية، إذ تشارك وفود إسرائيلية دونها، وأن القرار يتعلق بسبع شركات إسرائيلية.
واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأمر "عارا"، قائلا إن "خطوات (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون هي عار على الأمة الفرنسية وقيم العالم الحر التي يزعم أنه يدعمها".
وأضاف: "قرار التمييز ضد الصناعات الدفاعية الإسرائيلية في فرنسا للمرة الثانية يساعد أعداء إسرائيل أثناء الحرب"، معتبرا أن فرنسا "تبنّت، وتطبّق باستمرار سياسة عدائية حيال الشعب اليهودي"، بحسب فرانس برس.
وكانت مشاركة الشركات الإسرائيلية ألغيت في معرض الدفاع والأمن "يوروساتوري" الذي أقيم في أواخر مايو، بقرار من الحكومة الفرنسية على خلفية العمليات العسكرية التي تقوم بها تل أبيب في قطاع غزة، قبل أن يعاد السماح بها بموجب قرار قضائي.
رغم مشاركتها في اليونيفيل (١١٢ جنديا بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة) فإن ألمانيا لا تزال واحدة من أهم من يمدون إسرائيل بالسلاح، وأكد المستشار الألماني أولاف شولتس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٤، على هامش قمة زعماء الاتحاد الأوروبي أن ألمانيا ستواصل مساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها من خلال إمدادها بالأسلحة، مضيفا أن إسرائيل عليها الالتزام بالقانون الدولي ومشيرا إلى أن حل الدولتين هو الهدف النهائي.
وأضاف شولتس على هامش قمة زعماء الاتحاد الأوروبي "بالنسبة لي، من الواضح أن دعم إسرائيل يعني أيضا أننا نضمن دوما قدرة إسرائيل الدفاعية، على سبيل المثال من خلال توريد المعدات العسكرية أو الأسلحة".
هذا ليس أول تصريح لشولتس حيال هذا الأمر، إذ أشار في وقت سابق من شهر أكتوبر ٢٠٢٤ إلى أن حكومته اتخذت قرارات من شأنها أن تضمن تسليم المزيد من الأسلحة قريبا، متابعا "سلّمنا أسلحة وسنسلم أسلحة".
وأتت هذه التصريحات في رد على المعارضة الألمانية التي أشارت إلى وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، فقال زعيم المعارضة الألمانية المحافظة فريدريش ميرز أمام البوندستاغ إنّه "منذ أسابيع وأشهر ترفض الحكومة الفدرالية تصاريح تصدير الذخائر وحتى قطع غيار الدبابات إلى إسرائيل".
ويشير ذلك إلى مدى الخلاف بين برلين وباريس، إذ قالت المحلّلة السياسية الألمانية وخبيرة العلاقات الدولية، دانييلا شفارتزر، من مؤسسة برتلسمان هذا الأسبوع خلال لقاء مع صحافيين أجانب في برلين إنّ "تصريحات ماكرون أثارت مفاجأة واستياء في ألمانيا".
وأضافت "لدينا مثال جديد لتصريحات ماكرون العلنية التي تخلق الكثير من التوتر وسيكون من الصعب تخطيها من وجهة النظر الألمانية"، بحسب فرانس برس.
وقدمت ألمانيا في عام ٢٠٢٣ نحو ٣٠٪ من أسلحة إسرائيل رغم انخفاضه خلال ٢٠٢٤، بحسب CNN.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة