بعد مقتل السنوار.. هل تعود قيادة حماس للخارج؟

يكشف مطلعون على المحادثات بين قادة حماس في غزة وقطر حجم الخلاف بين الجانبين لصحيفة وول ستريت جورنال ، إذ قالوا إن السنوار انتقد مسؤولي الحركة الموجودين في الخارج بسبب ما يعيشونه من رفاهية، وأن التوترات بينه وبين سلفه الذي قتل في يوليو الماضي، إسماعيل هنية، تصاعدت إذ رأى الأخير أن نظيره فشل في فهم أن حماس بحاجة إلى تصوير نفسها كحركة سياسية شرعية للتعامل مع الدول العربية.

وفيما يخص هجوم السابع من أكتوبر، فرغم مدح قادة حماس في الدوحة للأمر، والذي كانوا على علم به بحسب الصحيفة، إلا أن التوقيت فاجأهم، وانتقدوا خلف الغرف المغلقة السنوار واعتبروه "مغرورا"، وفقا لمسؤولين.

وفي أعقاب اجتياح إسرائيل لغزة، اجتمعت حماس مع الفصائل الفلسطينية الأخرى من أجل المصالحة وخطة ما بعد الحرب دون السنوار، وكان هنية منفتحا على نزع السلاح والضغط على السنوار لوقف إطلاق النار الذي رد بأن الأمر "مخجل وغير مقبول"، وبدأ بانتقاد هنية وخالد مشعل بشكل خاص.

وأصبح السنوار لاحقا، مع تورط إسرائيل في الصراع بصورة أكبر، أكثر ثقة بأن الانتقادات الدولية لتل أبيب ستجبرها على قبول وقف إطلاق النار.

وبعد اغتيال هنية، أرسل مسؤولو حماس في غزة والضفة الغربية وأولئك الموجودون خارج الأراضي الفلسطينية، رسائل تسعى إلى اختيار مرشح إجماعي ليخلف هنية، وفقا لمسؤولين عرب وحماس مطلعين على المناقشات.

واقترح الأعضاء في البداية خالد مشعل، لكن السنوار بعث برسالة مفادها أن القائد الجديد يجب أن يكون شخصا قريبا من إيران، وبناء عليه أرسل الجناح المسلح لحماس رسائل عدة تطالب بتولي السنوار للمنصب.

منذ عهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والذي قتل في العاصمة الإيرانية طهران في يوليو 2024، يقود خليل الحية المقيم في الدوحة، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، مفاوضات الهدنة وإطلاق سراح الأسرى إضافة للمصالحة مع حركة فتح.

وبعد تولي السنوار للقيادة في الحركة، جددت الثقة في الحية المكنى بأبي أسامة، إذ يعتبر شخصية إدارية فاعلة داخل الحركة، وله رصيد قوي داخلها بعد مقتل اثنين من أبنائه في غزة، حمزة وأسامة، كما حاولت إسرائيل اغتياله شخصيا مرات عدة، إضافة إلى علاقته الجيدة بإيران. وسلطت عليه الأضواء في عام 2022 عندما زار العاصمة السورية دمشق، لإعلان فتح صفحة جديدة مع سوريا برئاسة بشار الأسد.

في الجانب الآخر، يبرز اسم خالد مشعل، رئيس الحركة في الخارج، الذي يعتبر الشخصية "الدبلوماسية" داخل الحركة وعراب علاقات حماس مع الدول العربية والغرب، وأجرى مشعل سلسلة لقاءات مع رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، بين عامي 2015 و2017، قال بعدها بلير إن "الغرب كان مخطئا" عندما قاطع حكومة حماس في 2006.

الأهم من ذلك، ينسب لمشعل استصدار وثيقة حماس السياسية لعام 2017 التي قبلت فيها الحركة "بحل الدولتين ومنظمة التحرير، ونبذ معاداة السامية والتفريق بين الصهيونية واليهود والقول إن العداء للصهيونية فقط".

علاوة على ذلك، فمشعل بعيد عن إيران، بسبب مساندته المعارضة المسلحة السورية على حساب الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت تُعتبر إيران الداعم المالي الأكبر للحركة.

وفي حال اختيار الحية، فيرجح استمراره على نهج السنوار في استمرار الحرب والحفاظ على علاقاته مع طهران، أما مشعل فربما يكون أكثر اهتماما بوقف إطلاق النار والاستفادة بوضع حماس كطرف فلسطيني أساسي في أي حوار.

لكن مع ذلك، لا يملك الحية ومشعل القدرة على السيطرة على كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، فبينما يتمتعان بنفوذ سياسي داخل الحركة، فإن مكانتهما العسكرية ليست كالسنوار، لا سيما بعد اغتيال قائد الجناح العسكري محمد الضيف ونائبه مروان عيسى، بحسب مقال غيث العمري ونعومي نيومان، في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.

من غزة، يبرز اسم شقيق يحيى السنوار، محمد، الذي يعد أحد أبرز وأقدم قادة كتائب القسام، الجناح العكسري لحركة حماس المولود في 15 سبتمبر 1975، ونادرا ما ظهر في مناسبات عامة أو تحدث للإعلام.

ومثل شقيقه يعد محمد السنوار أحد أهم العناصر على قائمة المطلوبين لدى إسرائيل، وذكرت مصادر من حماس إنه نجا من محاولات إسرائيلية عدة لاغتياله، من بينها غارات جوية وهجمات بعبوات مفخخة على جانب الطريق.

وقالت المصادر إن آخر محاولة لاغتياله قبل اندلاع الحرب في غزة كانت في عام 2021، بحسب رويترز.

وخلال الحرب الدائرة حاليا منذ أكثر من عام، زعم الجيش الإسرائيلي مداهمة مكتبه أوائل نوفمبر، قائلا إنه عثر على "وثائق العقيدة العسكرية"، ثم بث فيديو في الشهر التالي لما قال إنه مقطع فيديو لمحمد في سيارة داخل نفق في غزة، بحسب واشنطن بوست.

في الجانب الآخر يبرز اسم عز الدين حداد، رئيس الجناح العسكري لحماس في شمال غزة، وعضو المجلس العسكري للحركة، بحسب العمري ونيومان في مقالهما.

ويشير الباحثان إلى أن اغتيال السنوار سيؤدي إلى فوضى وتداعيات خطيرة محتملة على الأسرى الموجودين في غزة، فيما ستسعى القيادات المتبقية من الحركة إلى إظهار عدم تراجعها من خلال استمرار إطلاق الصواريخ ومحاولة تحريك الأمور في الضفة الغربية، رغم قدرتها المحدودة على ذلك.