أردوغان وتحذيرات "احتلال إسرائيل لدمشق".. تقييم برسالتين

يعتقد الباحث في الشأن التركي، محمود علوّش، أن تحذير أردوغان "مبنيّ على تقييم تركي بأن إسرائيل، وبعد تصعيد حربها على حزب الله في لبنان، أصبحت أكثر تحررا في نشر الحرب في المنطقة، لا سيما في سوريا".

ويشير علوّش إلى أن أردوغان أراد من خلال ربط دمشق بشمال سوريا أن يقول "أي تهديد لدمشق هو تهديد لتركيا أيضا، كونها تمتلك قوات عسكرية في شمال البلاد، ولديها حضور ومصالح مؤثرة هناك".

ويقول علوش لبلينكس إن أردوغان أراد أيضا "توجيه رسالة للداخل التركي، لا سيما المعارضة"، التي انتقدت حديثه بأن إسرائيل تشكّل تهديدا لتركيا.

يرى المحلل السياسي التركي مهند حافظ أوغلو، أن تحذيرات الرئيس التركي بشأن دمشق، تبعث برسائل للداخل والخارج.

رسائل الداخل مفادها بأن "ما تشهده المنطقة مقلق، لدرجة أن الهدف البعيد لإسرائيل هو الوصول إلى تركيا".

وترتبط رسائل الخارج بأن "أنقرة متخوفة من الخطط الإسرائيلية، وعلى الدول الحليفة بقيادة الولايات المتحدة أن تتنبّه لذلك".

ويضيف حافظ أوغلو لبلينكس أن الرئيس التركي أراد الإشارة إلى أن "لبنان كان خط الدفاع الثاني، وسوريا خط الدفاع الأول عن تركيا".

وإضافة إلى ذلك، حاول تأكيد أن "الأمر سيتوسَّع، ولن يقف على فتح جبهات ضد حماس وحزب الله ليصل إلى سوريا"، بحسب أوغلو.

ما قاله أردوغان تزامن مع تصعيد إسرائيل لحملتها في لبنان، إذ بدأت إسرائيل أيضا عمليات إزالة ألغام أرضية وإقامة حواجز جديدة على الحدود بين هضبة الجولان المحتلة، وشريط منزوع السلاح على الحدود مع سوريا.

تصرُّ الحكومة السورية على شرط انسحاب القوات التركية من سوريا قبل البدء بأي عملية تطبيع، وتؤكد تركيا أن وجودها هناك لا يزال مرتبطا بمنع التهديدات المتعلقة بأمنها القومي.

ويوضح الباحث علوّش أن أي تطور للدور الإسرائيلي في سوريا سيؤدي إلى إعادة تشكيل الصراع، وقد يكون أحد المستفيدين من هذا التحول "هو وحدات حماية الشعب الكردية"، مؤكدا "لذلك تبدو تركيا قلقة فيما يتعلق بهذه المسألة".

ويشير الباحث إلى أن أردوغان عندما دعا إلى تعاون بين أنقرة وطهران وموسكو ودمشق، أراد "إرسال رسالة إلى طهران وموسكو بأن التطبيع بين سوريا وتركيا هو إحدى أدوات الردع المهمة لأي تهديدات إسرائيلية لسوريا".

قد يكون تكرار التحذيرات التركية مبنيا على تقييم سياسي، وقد تكون هناك معطيات استخباراتية تركية تشير إلى أن إسرائيل تستعد لتصعيد نشاطها العسكري في سوريا، بحسب علوّش.

يشرح الباحث أن "أردوغان يعتقد بأن التهديد الإسرائيلي لسوريا ينبغي أن يدفع القيادة السورية وحلفاءها إلى التفكير في مزايا التطبيع مع تركيا".

كما يقول إن "تركيا تراهن اليوم على أن ارتفاع أخطار انجرار الحرب إلى سوريا، سيضغط على دمشق وحلفائها، من أجل الدفع في مسار التطبيع التركي-السوري".

ومن جهته، يرى المحلل حافظ أوغلو أن مسار التطبيع توقف بين أنقرة ودمشق لعدة عوامل؛ أبرزها عدم رغبة إيران في استمراره، ورفض الحكومة السورية، واليأس الروسي المؤقت من أي نتائج حقيقية منه.

ويضاف إلى ذلك زيادة الضغط الروسي على واشنطن من خلال قصف إدلب، بعد شهور طويلة من التهدئة.

وعليه قد تنفجر الأوضاع الأمنية في سوريا وفي عدة أماكن، جراء خلط الأوراق المتعدد الأطراف والأهداف، وفقا للمحلل السياسي المقيم في إسطنبول.