بيروت تتحول لباركينغ النازحين

لم يعد سائق التاكسي جمال عضاضة البالغ 25 عاما قادرا على التحرك في العاصمة بيروت لأداء عمله، فهناك أزمة سير تعصف بالطرق وتجعل التحرك أمرا في غاية الصعبة.

وقال عضاضة في حديث لوكالة "فرانس برس" إن بيروت تحولت إلى موقف سيارات بعد النزوح، مشيرا إلى أن البلاد كانت تشهد أزمة ازدحام وتكدس في الطرق قبل الحرب.

وعن سوء حالة الطرق قال عضاضة: "من المفترض أن يتسع الطريق هنا لسيارتين، لكن السيارات ركنت يمينا ويسارا، وأصبح هناك خط واحد للمرور، ما تسبب في زحام خانق".

وفي وقت تعاني خلاله العاصمة من أزمات عدة، قال الملازم أول فادي بغدادي التابع لخلية إدارة الكوارث في بيروت: "البنى التحتية بحالة يثرى لها لأن عدد الناس المقيمين بها الآن كبير جدا".

وأشار بغدادي إلى أن عدد النازحين الموزعين على 169 مركز إيواء تخطى 55 ألفا، بينما يقطن نحو 200 ألف نازح في منازل داخل العاصمة.

وذكر بغدادي أن مئات الآلاف الذين دخلوا العاصمة بحاجة إلى مياه، ويتركون نفايات بأعداد أكبر من القدرة الاستيعابية للمحافظة، كما تحدث أزمة في الصرف الصحي.

وفي وقت تعاني خلاله بيروت من شح المواصلات العامة، باتت السيارات الخاصة للمواطنين أفضل وسيلة تنقل، بالإضافة إلى سيارات الأجرة، لكن مع تقلب الأحوال بسبب الحرب، ركنت أغلب هذه السيارات قرب بعضها على الطرق في صف ثان وعلى الأرصفة.

الأعداد الهائلة التي تعيش في بيروت تسببت في تراكم النفايات في الشوارع، وكانت العاصمة اللبنانية تعاني بالفعل قبل الحرب من أزمة تراكم النفايات، وترزح تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة منذ 5 سنوات.

وصرح المدير العامة لشركة "رامكو" لجمع النفايات في بيروت وليد بو سعد بأن الأزمة ازدادت بعد النزوح، لكن المشكلة ليست في زيادة الأعداد وتراكم النفايات فقط، مضيفا: "يمنع الازدحام وتكدس السيارات مرور آلياتنا وسيارات النفايات في الطرق الداخلية لرفع حاويات النفايات وتفريغها".

وتابع وليد: "طوال الوقت نحاول مع القوى الأمنية التحدث مع الناس لإخلاء الطرق، لكن الاستجابة بطيئة جدا، وأغلب الناس لا يستجيبون لطلباتنا، وبالتالي تزداد النفايات وتتراكم حول الحاويات، وتصبح مهمة تفريغها أكثر صعوبة".

ويحاول عمال جمع النفايات القيام بعملهم يدويا عند الحاويات المكدسة، الأمر الذي يحتاج إلى وقت طويل للغاية، بسبب إعاقة الشاحنات الكبرى من الدخول إلى مواقع الحاويات.

التكدس الشديد وتحول العاصمة اللبنانية إلى موقف سيارات ضخم، لم يمنع شاحنات جمع النفايات فقط من القيام بعملها، فقد طال الأمر شاحنات نقل المياه، التي يُعتمد عليها بشكل كبير بسبب ضعف شبكة المياه في بيروت.

ويعتمد الكثير من سكان بيروت على قناني المياه المعدنية للشرب، وعلى شاحنات تعبة المياه للاستخدام المنزلي، لكن هذه الشاحنات تعطلت ولم تعد قادرة على الوصول إلى كل الأماكن بسبب "موقف السيارات الكبير" في شوارع بيروت.

وأعلنت وكالة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" الأسبوع الماضي تقديم 127 ألفا و500 لتر من المياه المعبأة، و2.2 مليون لتر من المياه المنقولة عبر الشاحنات لدعم النازحين في الملاجئ بجميع أنحاء لبنان.

وقال فؤاد السملاوي، المصري الذي يعمل بشركة توزيع مياه في بيروت منذ 3 عقود، إن الطلب ازداد بشكل كبير في آخر أسبوعين بسبب زيادة الأعداد.

ويضيف السملاوي: "كنا نقوم بنحو 20 نقلة يوميا في السابق، لكن حاليا نحتاج إلى نحو 30 أو 33 نقلة يوميا لتلبية الطلب".

ويقول الرئيس التنفيذي للاستدامة في الجامعة اللبنانية الأميركية إن شبكة المياه في بيروت "تحت ضغط كبير، بسبب الطلب المرتفع على المياه، وتراجع مستويات المياه الجوفية بسبب تراجع الأمطار خلال الصيف".