صراعات‎

بينهم عرب وأفارقة.. هجرة قاتلة بين المكسيك وأميركا

نشر

.

Wael Essam

أرض الغابات أصبحت وجهة جديدة للعبور نحو أميركا يسلكها الحالمون هربا من بلدانهم المتعبة.

المكسيك - الولايات المتحدة، طريق يعبره سنويا آلاف المهاجرين غير الشرعيين، حتى باتت القضية تستحوذ على اهتمام واسع من الرأي العام الأميركي. يسلك المهاجرون من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا طريقين للهجرة غير الشرعية نحو أميركا.

من يحالفه الحظ يصل مباشرة إلى المكسيك بلد العبور الوحيد، ومع تنبه السلطات لهذه الظاهرة بات الحصول على التأشيرة المكسيكية معقدا إلى حد ما، فضلا عن رفض بعض خطوط الطيران سفر حتى من يحمل الفيزا المكسيكية إذا شكوا بأنه مهاجر غير شرعي.

الخط الثاني هو الأكثر سلوكا وتعقيدا، ويبدأ من الوصول إلى كولومبيا ثم بنما، تليها نيكاراغوا فالهندوراس وغواتيمالا، وصولا إلى المكسيك، وأخيرا الولايات المتحدة.

تصل تكلفة الطريق إلى 20 ألف دولار، يستغرق فيه المهاجر أكثر من شهر، كما يتعرض خلاله لمخاطر الخطف والاعتقال، وربما الموت على يد عصابات التهريب والجريمة المنظمة.

52 يوما للوصول لأميركا

معاذ البركي، مواطن ليبي وصل مؤخرا للولايات المتحدة بعد رحلة استمرت 52 يوما كانت بمثابة الكابوس. يسرد البركي لبلينكس تفاصيل التنقل بين البلدان والمعاملة السيئة من السلطات وعصابات التهريب، قائلا إنه وصل إلى كولومبيا، ثم شق طريقه نحو بنما، هناك قضى ليليتين برفقة مجموعة من المهاجرين من مختلف الجنسيات، ثم عبر الحافلات المكتظة بالمهاجرين حط رحاله في نيكاراغوا. تأخر البركي بسبب سماسرة التهريب الذين رفعوا تكلفة السكن والنقل، قبل أن يوصلوه إلى الهندوراس وهناك تسلمته عصابة جديدة.

علاقة بين الدليل والمهاجرين غير الشرعيين

ماتياس الذي يتكلم العربية كان دليله الوحيد وسط هذه الوحشة، حيث عامل العرب بشكل جيد، وربما تشير تلك الأدلة إلى أصوله العربية رغم نفيه ذلك، وفقا للبركي.

في الهندوراس، قضى الشاب الليبي ليلة واحدة ثم اتجه بالحافلات التي كدس داخلها 80 شخصا رغم أنها لا تتسع سوى لـ30، ثم استقلوا درجات نارية، وجزء من الطريق تجاوزوه مشيا على الأقدام برفقة المهربين المسلحين.

كان ماتياس بلغته العربية وملامحه الحادة، هو الشيء المألوف الوحيد وسط الغرباء الخائفين من المهاجرين، والمهربين، حيث ذكر القذافي وتكلم عن صدام حسين، وعن النفط وغيرها من قضايا العرب، بحسب البركي.

مجموعة تهريب "منضبطة"

بعد اجتياز الحدود وصل البركي ومن معه إلى غواتيمالا، وهناك التقوا بمجموعة مهاجرين أخرى من العرب، وقبل الانطلاق في المحطة الجديدة نصح ماتياس البركي بتوخي الحذر وضرورة أن يؤكد للعصابات أن لديه من المال ما يكفي للعبور.

"حتى إن وجد ما يدعو للشك، عليك الصبر حتى الاقتراب من الشرطة، عندها اندفع إليهم وادفع لهم"، هذه كانت نصائح ماتياس للبركي ومن معه من العرب.

مجموعة التهريب الجديدة في غواتيمالا كانت أكثر انضباطا من سابقاتها، فوزعت المهاجرين على وسائل نقل مختلفة، ثم اتجهت بهم نحو مزرعة أمضوا فيها ساعات قبل أن يتوجهوا للحدود المكسيكية.

بين الغابات وفي المقابر وقرب الأنهار، كانت قوافل المهاجرين تنتظر ساعات حتى يؤمن الطريق لاجتياز الحدود، ويتنقلون من عصابة تهريب لأخرى وسط حر شديد وأجواء من الخوف والاكتظاظ تجعل كل من يفكر بالهجرة يموت ندما، يقول البركي.

المكسيك المحطة الأخيرة

في فندق رديء قضى المهاجرون ليلتهم بمدينة تاباشولا المكسيكية، حيث يختار معظمهم طريقين لإكمال الرحلة برا إلى مدينة كانكون، أو بحرا إلى مكسيكو سيتي.

ذهب البركي ومن معه في طريق البر، ووصلوا كانكون أهم مراحل الطريق هناك حيث يدفعون قرابة 5000 آلاف دولار للحصول على أوراق قانونية تمكنهم من التحرك داخل البلاد بحرية.

بعد أيام من الانتظار، حصل البركي على إذن بالعبور ليستقل الطائرة باتجاه مدينة تيخوانا الحدودية مع الولايات المتحدة، التي يتجمع بها الآلاف من المهاجرين.

أمضى البركي يومين في كانكون، ثم حط رحاله في الولايات المتحدة بعد رحلة تنوعت بين المشي والدراجة وعبور نهر صغير بالقارب، ثم سلم نفسه لدوريات حرس الحدود الأميركي التي نقلته بدورها لمراكز إيواء لتبدأ بعدها رحلة الحصول على اللجوء التي قد تستغرق سنوات.

أعداد بالآلاف

خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام عبر نحو 1.39 مليون مهاجر غير شرعي الحدود المكسيكية باتجاه الولايات المتحدة، وفقا للمعهد الوطني المكسيكي للهجرات. وذكر المعهد أن غالبية المهاجرين العظمى هم من البالغين الذين يسافرون بمفردهم، في حين أن دخل نحو 3 آلاف قاصر بشكل منفرد، دون عائلاتهم.

وجاء هؤلاء المهاجرون من 177 دولة، أي من غالبية دول العالم تقريبا، بحسب إحصائيات المعهد. وذكرت إحصائيات الهجرة الأميركية أن أكثر من 2.4 مليون مهاجر عبر الحدود مع المكسيك خلال العام الماضي فقط.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة