صراعات
حروب عدة يشهدها العالم، تغيرت فيها أدوات القتال فبدلا من الطائرات المقاتلة، صارت المسيرات وما تحمله من قنابل حلا سريعا أقل كلفة وخطورة، وهو ما ظهر جليا في الحرب الأوكرانية، وهو ما يثير المخاوف حول إمكانيات الولايات المتحدة لصد هجمات من هذا النوع من الأسلحة.
تشير "سيناريوهات كارثية مفترضة" يضعها المحللون إلى أنه إذا ما هوجمت الولايات المتحدة بعدد ضخم من هذه المسيرات فإن قدراتها المتمثلة في سلاح الجو قد تتعطل إذا ما هاجمت فقط الطائرات المسؤولة عن التزويد بالوقود..
فما هي خطورة المسيرات على الولايات المتحدة؟
يرى المحلل السياسي داريل اوينز أن الحرب القادمة ربما لا تبدأ بشن هجمات بالصواريخ أو نشر قوات على الأرض، وإنما يمكن أن تبدأ بإطلاق مسيرات صغيرة لا يمكن اكتشافها تسبب تدميرا للبنية الأميركية الأساسية الأكثر الأهمية.
وقال أوينز، هو زميل أول في شؤون الأمن القومي في مجلس السياسة الخارجية الأميركي، إنه في السنوات الأخيرة ، تطورت الطائرات المسيرة تكنولوجيا بسرعة . ولكن بشكل عام لم تتطور الدفاعات الأميركية ضدها بنفس الوتيرة، وإذا استمر هذا الوضع، فإنه يمكن أن يؤدي إلى كارثة.
وأضاف أوينز، وهو أيضا مستشار الأمن القومي السابق للسيناتور الأميركي بات تومي عن ولاية بنسلفانيا، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انترست الأميركية "إننا لسنا في حاجة للنظر بعيدا لنرى الكيفية التي تعيد بها حرب الطائرات المسيرة تشكيل الصراعات".
وأضاف أنه في ميادين القتال في أوكرانيا، أحدثت الطائرات المسيرة ثورة في فنون القتال ومهدت الأرض أمام المدافعين الأوكرانيين، مما سمح لكييف بالرد على القوات الروسية وضرب الأراضي الروسية نفسها.
وهذه المزايا تتوفر في الاتجاه الآخر أيضا، حيث تعزز موقف القوات الروسية بفضل المسيرات الانقضاضية التي سمحت لموسكو بشن هجمات في عمق الأراضي الأوكرانية.
وتابع أوينز أن هذه الطائرات المسيرة متعددة الأدوار وسريعة ورخيصة ومن السهل التدرب عليها ومن الصعب جدا رصدها والتغلب عليها. وتساعد هذه الطائرات المسيرة الاستهداف بالمدفعية وإجراء تقيمات لأضرار المعركة والقاء قذائف على المركبات أو استخدامها كسلاح بشكل مباشر.
وهذا هو السبب وراء دعوة خبراء التكنولوجيا البارزين مثل المدير التنفيذي السابق لشركة غوغل اريك شميدت إلى أنه يتعين على الجيش الأميركي أن يطور طائرات مسيرة بدلا من الدبابات.
ومع توقع إدارة الطيران الفيدرالية بأن الأميركيين سوف يملكون قرابة 1.9 مليون طائرة مسيرة في السنوات المقبلة، أصبحت الحاجة لإجراءات لتعزيز التصدى للطائرات المسيرة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
"تخيل مجموعة من الإرهابيين يطلقون سربا من الطائرات المسيرة التي تحمل متفجرات فوق مطار أميركي مزدحم، في غضون دقائق، تستطيع هذه الطائرات المسيرة، التي بالكاد تكون مرئية، تدمير طائرة على المدرج، مما يودي بحياة ركابها ويشل حركة السفر الجوي في جميع أنحاء البلاد".
وعلى الجانب العسكري، تخيل إذا هاجمت نفس المجموعة قاعدة للسلاح الجوي الأميركي تأوي طائرات لتزويد طائرات أخرى بالوقود في الجو. وتعد ناقلات الوقود الطائرة هذه أصولا استراتيجية، تساعد الطائرات المقاتلة والقاذفة على الوصول إلى أي مكان في العالم.
ويستطيع هجوم تشنه طائرة مسيرة صغيرة، يتسبب في تدمير جزء من القدرة الأميركية على التزويد بالوقود في الجو، أن يوقف ظهور القوت الجوية الأميركية عالميا ويحد من قدرة الوسائل الجوية على الوصول إلى أي مكان على الأقل على المدى القصير.
ولمثل هذه السيناريوهات تداعيات بعيدة المدى، وتتطلب أدنى تكلفة أو تخطيط، وهو الأمر الذي سوف يجعلها جذابة لأعداء أميركا. كما أنها ليست بعيدة المنال، وتتوفر بالفعل التكنولوجيا لإنجاز مثل هذه المهام التي تحدث اضطرابا، ويمكن شراء البعض من هذه الطائرات المسيرة من أرفف سلاسل متاجر التجزئة الكبيرة في جميع أنحاء البلاد، بحسب أسوشيتد برس.
ويرى المحلل السياسي داريل اوينز زميل أول في شؤون الأمن القومي في مجلس السياسة الخارجية الأميركي أن الأمر المثير للقلق هو أن التهديد المتزايد الذي تشكله هذه الطائرات المسيرة للولايات المتحدة ومواطنيها لم يعد نظريا، ففي الأسابيع الأخيرة، ظهرت تقارير عن طائرات مسيرة تحلق قرب منشآت عسكرية مهمة أو حولها في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
إذا تقدمت قدرات الطائرات المسيرة الهجومية بوتيرة سريعة، فإن الدفاعات ضدها لا تحرز تقدما. والأمر لا يتعلق فقط بافتقار للدفاعات والقدرات الملموسة للحماية ضد هذا التهديد الذي يتنامي بسرعة، ولكن يتعلق بتخلف تطوير العمليات لعمل ذلك.
ويعد إسقاط طائرة مسيرة بحجم طائر صغير أمرا صعبا للغاية، ووفقا لعلم قوة الحركة، فإن إطلاق أسلحة على مثل هذه الطائرات المسيرة أمر شبه مستحيل بسبب حجمها وسرعتها.
وسوف تتطلب النظم الرادارية القادرة على اكتشاف هذه الطائرات المسيرة وتحديد موقعها وتتبعها، تحديثات تكنولوجية هائلة وتدريبا وقوة. وعلاوة على ذلك، فإن أي أسلحة حركية جديدة يتم استخدامها للتصدي للطائرات المسيرة يمكن أن تخاطر بإطلاق نيران صديقة أو بالتسبب في أضرار جانبية.
واثبتت الدفاعات التقليدية مثل التشويش الإلكتروني أو نظام تحديد المواقع العالمي أنها غير موثوقة، ويعد اكتشاف الجيل الأحدث من الطائرات المسيرة الصغيرة وتدميرها أكثر صعوبة باستخدام الوسائل الإلكترونية، ولن يتطلب التطوير القادم حتى الاتصال أو استهداف نظام تحديد المواقع العالمي، مما يجعل خطوط الدفاع الجديدة في غاية الأهمية.
وأدركت دول أخرى بالفعل خطورة التهديد وتضخ استثمارات ضخمة في تكنولوجيا التصدي للطائرات المسيرة، وعلى سبيل المثال، طورت إسرائيل منظومة قبة المسيرات، وهى تكنولوجيا الرادار والليزر المتقدمة ومصممة لاكتشاف الطائرات المسيرة القادمة وتحييدها بشكل مستقل.
وتم نشر هذه المنظومة بنجاح في عام 2021 لاعتراض عدة طائرات مسيرة في الوقت الفعلي، ما أثبت فعاليتها في بيئات عالية الخطورة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة