للسفر والطعام.. دوافع "جنود كيم" للحرب في روسيا

قبل سنوات، استطاع الجندي الكوري الشمالي ريو سيونغ هيون الهروب عبر الحدود إلى الجارة الجنوبية، لتتحول حياته بصورة كلية، قبل ذلك كان مثل آلاف بل ما يربو على مليون جندي في بلاده يعيش حياة العسكرية وسط ظروف اقتصادية، وأزمة غذائية تجعل طعامه اليومي الأرز المهروس بالذرة، أما اللحم فلا يراه سوى في مناسبات معينة.

حينما تواردت الأنباء عن انتقال آلاف الجنود من بلاده إلى روسيا للقتال في معركتها الدائرة ضد أوكرانيا منذ قرابة ٣ أعوام لم يكن رد ريو سوى أنه إذا كلف بالأمر فإنه سيتوجه بالشكر لمن كلفوه مبررا خلال حديثه لوول ستريت جورنال "ألن تكون الوجبات على الأقل أفضل؟".

ويشير برنامج الغذاء العالمي عبر موقعه الرسمى إلى أن أكثر من ١٠.٥ مليون شخص من سكان كوريا الشمالية يعانون من سوء التغذية ويعاني ١٨٪ من الأطفال من التقزم الناجم عن سوء التغذية، في بلد يبلغ عدد سكانه زهاء ٢٥ مليون نسمة.

حينما حلت الذكرى العاشرة لوصول كيم جونغ أون لكرسي السلطة نهاية العام ٢٠٢١، نشرت صحيفة "رودونغ شين مون" الناطقة باسم حزب العمال الحاكم مقالة طويلة تحث فيها الجنود على الاتحاد خلف "الزعيم"، لتقول لهم إنهم يجب أن يصبحوا "حصنًا منيعًا وجدرانًا مضادة للرصاص في الدفاع بإخلاص (عن كيم) بحياتهم"، بحسب ما تشير إليه أسوشيتد برس.

هذا هو ما يتعلمه الجنود الكوريون الشماليون دائما، هو الولاء للقيادة والنظام حتى لو كلفهم الأمر حياتهم، وهو ما يتذكره لي هيون سيونغ الذي فر قبل عقد من الزمان إذ كان يخدم في وحدة القوات الخاصة "فيلق العاصفة" الذي تتوارد الأنباء أنه أرسل للقتال في روسيا.

يتذكر لي، الذي يبلغ من العمر الآن 39 عامًا، جلسات التدريب الإيديولوجية اليومية وحفظ أوامر كيم وتكرار استعدادهم للموت من أجل الزعيم الأعلى، وهي ممارسة لا شك أنها مستمرة لأولئك الذين يتم إرسالهم إلى روسيا، بحسب وول ستريت جورنال.

قال لي: "قد يتم التضحية بهم دون إحداث تأثير كبير في الحرب. لكنهم لن يجرؤوا على التشكيك في أوامر الزعيم بالذهاب إلى روسيا".

هناك أمر آخر يرتبط بالحصول على امتيازات مثل أولئك الطيارين الذين شاركوا إلى جانب فيتنام "الشمالية" حينها ضد الولايات المتحدة، إذ عوملوا بعد عودتهم في سبعينيات القرن العشرين كأبطال، وتم ترقيتهم إلى رتب ضباط كبار، حتى زوجات الطيارين الذين قتلوا في ساحة المعركة حصلن على مكانة في حزب العمال، ما منحهن فرص الوصول إلى وظائف مرموقة، بحسب ما يقول شيم جو إل الذي فر من الدولة الشيوعية المعزولة عام ١٩٩٨.

أما فيلق العاصفة، فيضم ١٠ ألوية، منها لواء مشاة خفيف يسمى "البرق"، ولواء جوي بري يسمى "الرعد"، ولواء قناصة يسمى "الصاعقة"، وتقدر وزارة الدفاع الجنوبية العدد الإجمالي للفيلق يتراوح بين ٤٠ إلى ٨٠ ألف جندي ويعود تكوينه إلى عام ١٩٦٩ ونواته كانت الفيلق الثامن خصوصا الوحدة ١٢٤ التي هاجمت البيت الأزرق (مقر رئاسة كوريا الجنوبية) وحاولت اغتيال الرئيس بارك تشونغ هي عام ١٩٦٨.

وزار كيم جونغ أون الفيلق في ١١ سبتمبر و ٢ أكتوبر ٢٠٢٤ بحسب ما تشير الاستخبارات الكورية الجنوبية نقلا عن موقع هانكيوريه الكوري الجنوبي.

رغم امتلاك كوريا الشمالية في الوقت الحالي لرؤوس نووية إلا أنها تفتقر إلى تقنيات متطورة في صناعة السلاح التقليدي، لا سيما الطائرات التي يصل عددها إلى ٤٠٠ وتعود تصميماتها إلى الحقبة السوفييتية أو بعض التصميمات الصينية التي تعود لخمسينيات وسيتينات القرن العشرين.

وخلال زيارته لروسيا في سبتمبر عام ٢٠٢٣، زار كيم جونغ أون مصنعا لإنتاج طائرات سوخوي المتطورة، والتي ربما تكون أحد الأمور التي يرغب في الحصول عليها مقابل المشاركة في هذه الحرب.

ويقدر حجم سلاح الجو الكوري الشمالي بأكثر من 110,000 فرد مع مخزون نظري يزيد عن 400 طائرة مقاتلة، 80 قاذفة خفيفة، وأكثر من 200 طائرة نقل، لكن كوريا الشمالية لا تمتلك القدرة على دفع تكاليف الوقود الكافية، أو تغطية تكاليف الصيانة، أو تدريب طياريها بشكل مناسب، بحسب موقع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عام ٢٠٢٠.

ومن جانب آخر، يفتقر الجيش الكوري الشمالي إلى الخبرة الميدانية، خاصة قواته البرية، إذ أنها لم تخض أي حرب منذ نهاية الحرب الكورية (١٩٥٠-١٩٥٣) وبالتالي هناك حاجة لهذه الخبرة، لكن مع الأخذ في الاعتبار أنها ستكون مرهقة للجيش الروسي وتشكل أحد تحديات هذا التدخل، مع العلم أن بيونغ يانغ يحتل ترتيبها العسكري ٣٦ وتحتل أوكرانيا المرتبة ١٨، بحسب غلوبال فاير باور.