هل بدأت إسرائيل الحكم العسكري في غزة؟

الصحافي يانيف جوكوفيتش كشف في برنامج من إنتاج صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن خطة غير معلنة تنفذها إسرائيل في القطاع الفلسطيني تهدف إلى البقاء لفترة طويلة، ولا تشير إلى وجود نية لمغادرة المكان قريبا.

وأكد جوكوفيتش أن "خطة الجنرالات" يتم تنفيذها بدقة في غزة، من دون أن تفصح عنها الحكومة الإسرائيلية، مشيرا إلى أن كل الشواهد تؤكد بقاء إسرائيل لسنوات طويلة في القطاع الفلسطيني.

وكان الجنرال الإسرائيلي المتقاعد غيورا آيلاند كشف عن "خطة الجنرالات" في سبتمبر الماضي، بعد اقتراحها على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تهدف لتهجير نحو 1.2 مليون شخص من شمال غزة قسريا، وفرض حصار كامل على المنطقة ورفض دخول المساعدات لتجويع المدنيين ومقاتلي حماس.

وتقضي الخطة بتحويل شمال غزة في النهاية إلى منطقة عسكرية مغلقة، بهدف القضاء تماما على أي وجود مستقبلي محتمل لحركة حماس في المنطقة التي شنت منها هجمات 7 أكتوبر 2023.

وقال الصحافي الإسرائيلي إنه رأى عملية إعادة إعمار جزئي في شمال غزة، بتعبيد طرق وبناء شبكات صرف صحي، وشبكات أخرى للكهرباء والاتصالات، وبناء ممتلكات جديدة إسرائيلية بعيدا عن الفلسطينية المهدمة جراء الحرب.

وتحدث جوكوفيتش عن تحول الجنود في شمال غزة إلى القيام بأعمال شركات المقاولات، بعد انتهاء العمليات العسكرية تقريبا، مضيفا: "لا يعرف الجنود ماذا يفعلون الآن في الشمال، فقد تحول عملهم إلى هدم المباني وإزالة الركام، وتبسيط الأرض، وتعبيد الطرق، وبناء مستودعات لتخزين الطعام وقضاء الحاجة".

وأشار يانيف إلى أن كل الشواهد تؤكد أن إسرائيل تخطط للبقاء في غزة لفترة طويلة، مؤكدا أن الأمور التي تقال للشعب الإسرائيلي تختلف عن التي تُنفذ بالفعل على أرض الواقع.

كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في شمال غزة، خاصة في جباليا، وأصدرت أوامر إخلاء وحولت بعض المناطق إلى ثكنات عسكرية، وقالت إن الهدف من ذلك هو إدخال المساعدات الإنسانية داخل غزة تحت إشرافها الكامل.

إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت إن العملية "واضحة" وهدفها تنظيف المنطقة من أجل إدخال المساعدات من خلال شركة أميركية، تحت رعاية إسرائيلية كاملة في القطاع الفلسطيني.

وأشارت الإذاعة العسكرية إلى أن عملية توزيع المساعدات في القطاع الفلسطيني تستلزم بقاء الجيش الإسرائيلي لمدة 3 أشهر أخرى على الأقل، الأمر الذي يبرر الوجود العسكري حتى بعد انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار، إذا حدث اتفاق قريب.

وفي تصريحات لصحيفة يديعوت أحرونوت قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن إسرائيل ستحكم قطاع غزة وتديره لسنوات مُقبلة.

وردا على إمكانية خضوع القطاع الفلسطيني للحكم العسكري الإسرائيلي، قال سموتريتش إن ذلك لن يحدث، لكن الوزير اليميني المتطرف أصر على أن البقاء في غزة سيعمل على "زيادة الضغط على حماس".

وفي أكتوبر الماضي، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وجود نية لاحتلال قطاع غزة، مشيرا إلى أنه لا يهدف إلى ضم القطاع والسيطرة عليه بعد الحرب، وأن هدفه فقط هو تحقيق الأهداف العسكرية بتفكيك قوة حماس واستعادة الرهائن.

من جانبه، رفض وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، الذي قاد الحرب على غزة لمدة عام تقريبا، فكرة بقاء الجيش في القطاع، والعمل على إدارته وفرض السيطرة عليه بقوة السلاح.

وغادر غالانت منصبه في الحكومة الإسرائيلية بعد خلافات واسعة مع نتنياهو منذ اندلاع الحرب العام الماضي، حتى أعلن رئيس الوزراء رحيله بعد الوصول إلى طريق مسدود.

واعتبر غالانت الانتشار العسكري الإسرائيلي الحالي في مناطق محددة داخل غزة بهدف توزيع الأغذية، وبرعاية إسرائيلية كاملة، يرسخ فكرة "الحكم العسكري" في القطاع.

وكتب غالانت عبر حسابه على موقع "إكس" أن الحكم العسكري الإسرائيلي في غزة سيدفع ثمنه الجنود الإسرائيليون بدمائهم، مضيفا "لم يكن ذلك ضمن أهداف الحرب أبدا، فهو عمل سياسي خطير وغير مسؤول".

ودعا وزير الدفاع السابق إلى البحث عن "بديل" لحركة حماس، لتسليمه إدارة وحكم قطاع غزة، بدلا من سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه واستمراره هناك لسنوات وترسيخ وضع جديد.

واتهم غالانت من قبل، نتنياهو، بأنه يبتعد عن أهداف الحرب، ويعرض حياة الجنود الإسرائيليين للخطر بزيادة أمد البقاء في القطاع الفلسطيني، ليستمر في الحديث عن الأمر نفسه حتى بعد ابتعاده عن السلطة.

التصريحات الرسمية الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية لم تتحدث فقط عن إدارة قطاع غزة لمدة زمنية معينة، وتوزيع المساعدات برعاية إسرائيلية لترسيخ وضع جديد، بل زاد الأمر كثيرا عن ذلك.

ونشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" تصريحات وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، التي قالها خلال تجمع حاشد داخل بلدة سديروت القريبة من حدود غزة، في حضور 50 ألف شخص، حول ضرورة احتلال قطاع غزة للأبد.

وطالب بن غفير بطرد الفلسطينيين من قطاع غزة، من أجل إعادة توطين الإسرائيليين هناك عن طريق بناء مستوطنات جديدة، بعد التخلص من ركام المنازل المهدمة في القطاع.

كما طالب بتسلئيل سموتريش بضرورة تجويع الفلسطينيين في غزة، من أجل الضغط عليهم، بينما اعتبر إسرائيليون آخرون أن "سلاح التجويع" سيساعد على خروج الفلسطينيين من القطاع.

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية ذاتها إلى تسلل جنود إسرائيليين خلال الفترة الماضية داخل قطاع غزة، مع ناشطين من اليمين المتطرف، لاستكشاف فرص الاستيطان في القطاع.

وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى دخول سيارة تقل المستوطنة اليمينية المتطرفة الشهيرة، دانييلا فايس، وعددا من زملائها إلى ممر نتساريم وسط غزة.

وقالت فايس إنها لا تنوي مغادرة غزة، موجهة الدعوة إلى المئات للانضمام إليها، "حتى يصعب على الجيش الإسرائيلي إخراجهم"، من أجل أن تمثل هي ومن معها بداية الاستيطان في القطاع الفلسطيني.