هشّ أم قوي بضماناته.. هل يصمد "وقف النار" بلبنان؟

يقول جورج نادر، في حديث مع بلينكس، إن الاتفاق الحقيقي لم يحدث بعد، مشيرا إلى أنه سيتبلور خلال فترة الهدنة الحالية.

وأشار نادر إلى أن الاتفاق الحالي وضع أسس الحل، وخطوات عدة يجب أن تحدث مثل تعزيز انتشار الجيش اللبناني بدلا من حزب الله في الجنوب، وانسحاب الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني.

وأضاف نادر: "إيران وافقت على الاتفاق ما دفع حزب الله للقبول به، وصمود الاتفاق قائم إلى حد كبير، نظرا لأنه يحظى بضمانات دولية بقيادة أميركا وفرنسا".

واتفق المحلل السياسي اللبناني، يوسف دياب، مع نادر، وقال في حديث مع بلينكس إن هناك أطرافا تضمن الاتفاق ما يعني استمراريته وعدم خرقه في الفترة المقبلة.

وأوضح دياب: "الرعاية الدولية الأميركية تمنع أي خروقات لوقف إطلاق النار، كما أنها تمنح كل طرف فرصة للدفاع عن نفسه عند الخروقات".

وواصل: "انتظرنا وقف إطلاق النار بفارق الصبر في لبنان، ولذلك سيكون الالتزام كبيرا بمضمون الاتفاق الحالي، خاصة أن حزب الله بات مرغما على التنفيذ، وهو الآن أمام اختبار جديد لمصداقيته".

وبدوره، يقول النائب أيوب حميّد، من كتلة التنمية والتحرير في البرلمان اللبناني، إن "لبنان ملتزم بتطبيق القرار 1701"، مشيرا إلى أن "بيروت فاوضَت على اتفاق يحفظ سيادة لبنان ولم تقدم تنازلات بل التزمت بالقرارات والشرعية الدولية".

هناك وجهتي نظر الآن في لبنان، الأولى تقول إن "لبنان انتصر" بقرار الهدنة، والثانية تذهب إلى أن الاتفاق الحالي هو وثيقة رسمية لإعلان هزيمة حزب الله.

ويضطر حزب الله إلى إنهاء وجوده في الجنوب بالأماكن التي كان يُهدد منها إسرائيل ويقصف أراضيها، كما بات ملزما بعدم توجيه أي ضربات على إسرائيل.

ويرى النائب حميد أن لبنان انتصر على "الأطماع الإسرائيلية، التي كانت تهدف إلى احتلال لبنان"، لكن مواجهة أبناء الجنوب حالت دون ذلك، حسب وصفه.

وفي المقابل، يعتبر نادر أن "بنود اتفاق وقف إطلاق النار فرضت أمورا على حزب الله سيضطر إلى تنفيذها بالإكراه، مثل الانسحاب إلى منطقة جنوب الليطاني وإطلاق يد الجيش اللبناني هناك لضبط مستودعات وأنفاق الحزب".

ورأى نادر أن "الاتفاق الحالي هو هزيمة لحزب الله وليس جيدا له"، مضيفا: "لقد خسر الحزب آلاف المقاتلين كما أن هناك 170 ألف وحدة سكنية مدمرة بشكل كامل أو جزئيا، بينما الأمر الأبرز هو أن حزب الله فك ارتباط الساحات، أي أنه خضع لوقف النار في لبنان من دون وقف الحرب في غزة، علما أنه بدأ حرب لبنان ضد إسرائيل اسنادا للقطاع الفلسطيني يوم 8 أكتوبر 2023".

وأكمل: "موافقة حزب الله على التراجع إلى شمال نهر الليطاني هو انتفاء لحمله السلاح، فماذا تبقى لديه؟ وما هي حجته الحالية لإبقاء سلاحه؟".

واعتبر نادر أن "شعار تحرير القدس الذي أطلقه حزب الله في الماضي كان حبرا على ورق"، موضحا: "سابقا، كان حزب الله متجها على طريق القدس، أما الآن فأصبح متجها على طريق الليطاني لا أكثر".

وجهة نظر نادر يؤكدها المحلل يوسف دياب الذي قال إن "إسرائيل حققت مكاسب من خلال الاتفاق الحالي"، مشيرا إلى أن "حزب الله تراجع خلف نهر الليطاني وأزال بنيته العسكرية. وفي المقابل، فإن الحزب كبّد الجيش الإسرائيلي خسائر عسكرية وبقي يطلق الصواريخ حتى اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، وهذا أمر فعله لكي يحفظ ماء وجهه".

واعتبر دياب أن "الاتفاق غير متوازن"، مضيفا: "لبنان لم يكسب شيئا من الحرب الحالية التي تورط بها بسبب حزب الله، وأمام كل ذلك، فإنه بعد الاتفاق الحالي، لم يعد مسموحا لحزب الله بإعادة بناء نفسه، وهذا الأمر بات من الماضي، والاختبار الجديد للحزب خلال المرحلة المُقبلة سيكون في الداخل وسنرى ما سيفعله سياسيا وشعبيا".

في المقابل، يرى نادر أن "حزب الله" سيكون في صدام مع بيئته، مشيرا إلى أن "الحزب استغل حاجة الناس له وحول منازلهم إلى ثكنات عسكرية وقد اشترى ولاءهم بالمال، لكن في المرحلة المقبلة، سيكون نمط تفكير بيئة حزب الله مختلفا عما قبل هذه الحرب، فما حصل أنهك مجتمعه جدا بفعل النزوح، وما جرى قد يدفع الكثيرين لعدم استغلالهم مجددا لأهداف عسكرية".

أما دياب، فيقول إن حزب الله سيفكك بنيته العسكرية، فهو وافق على تنفيذ هذا الأمر بإشراف الجيش، ويضيف "أعتقد أن بيئة حزب الله لن تسمح له مجددا ببناء ترسانة عسكرية أخرى وأخذها إلى حرب جديدة على غرار تلك التي حصلت مؤخرا".

تتجه الأنظار في الوقت الحالي إلى الجيش اللبناني الذي سيتسلم مواقعه في الحدود الجنوبية للبلاد، بعد أن سيطرت عليها جماعة حزب الله في الفترة الماضي، تنفيذا لبنود القرار الأممي 1701.

وقالت مصادر لبنانية لبلينكس إن الجيش سيعزز مواقعه على الحدود، بعدما أرسل 1500 جنديا على الأقل لتعزيز تواجده في المنطقة الحدودية وعلى الخط الأزرق، ومناطق خلفية جنوب نهر الليطاني.

والأربعاء، أعلن وزير الإعلام زياد المكاري في تصريح تلفزيوني أنّ "هناك الآن زهاء 4 آلاف عسكري من الجيش اللبناني في الجنوب، مشيرا إلى أن خطة الدولة اللبنانية هو انتشار 10 أو 11 ألف عنصر في جنوب لبنان على طول الحدود".

ويعلق نادر: "الجيش اللبناني قادر على تنفيذ مهمته، فالقرار السياسي هو الذي كان يعرقل الأمر، لدى الجيش اللبناني العقيدة والإصرار على حماية الحدود، والأساس أيضا هو تسليحه وتعزيز قدراته".

أما دياب، فيقول إن "الجيش هو المعني الأول اليوم بأمن الجنوب وسيثبت مصداقيته أمام المجتمع الدولي"، ويضيف "ما يجري حاليا هو مقدمة لتعزيز وجود الجيش على كافة الأراضي اللبنانية والحدود، وسيكون هناك دعم كبير لهذه المهمة".