"رسائل تركية".. ماذا وراء هجوم الفصائل على الجيش السوري؟

تشترك في الهجوم "هيئة تحرير الشام" وفصائل مسلحة أخرى تتلقى دعما من تركيا، بينها "الجبهة الشامية" و"حركة نور الدين الزنكي"، حسبما قالت مصادر مطلعة من شمال سوريا لبلينكس.

وانضمت إليها، خلال مساء الأربعاء، فصائل أخرى كانت قدمت من المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش السوري في شمالي حلب.

الهجوم يسير على الأرض في إطار 3 محاور، تمثلت آخر محطاته في سيطرة الفصائل المسلحة على الفوج 46 بالجيش السوري، بعد أكثر من 4 ساعات من محاصرته.

كما يقول "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إن الفصائل باتت تبعد عن مدينة حلب 10 كيلومترات فقط، وبضعة كيلومترات عن بلدتي نبل والزهراء، اللتين تنتشر فيهما مجموعات موالية لإيران وأخرى تتبع حزب الله.

وفقا لبيان أصدرته غرفة عمليات عسكرية تجمع الفصائل المهاجمة، يهدف الهجوم إلى تأمين المناطق الخاضعة لسيطرتها، خاصة بعد تعرضها لقصف صاروخي ومدفعي من الجيش السوري ومجموعات تتبع لإيران، على حد قولها.

ومع ذلك، يبرز وراء الهجوم عامل يتعلق بالتوقيت وسلسلة التطورات التي سبقته.

ما يحصل غربي حلب جاء بعد تعثر مسار الحوار ما بين تركيا والحكومة السورية، لاعتبارات تتعلق بدمشق وإصرارها على رفض مناقشة أي محطة على صعيد التطبيع قبل إعلان أنقرة نيتها الانسحاب من شمالي البلاد.

وجاء أيضا بعد انتشار معلومات قبل شهرين، أفادت بنية الفصائل استغلال حالة الضعف التي يعيشها حزب الله وإيران لشن هجوم واسع على النقاط الخاضعة لسيطرتهما في ريف حلب.

يوضح الباحث التركي، علي أسمر أن تركيا تراقب ما يحصل بحذر شديد، باعتبارها الجهة الفاعلة الرئيسية في شمال سوريا.

وتعتبر أنقرة، بحسب رأي أسمر، الهجوم بمثابة "انعكاس مباشر لتصعيد الحكومة السورية وإيران"، وكذلك نتيجة لجمود العملية السياسية مع الحكومة السورية.

كما يشير أسمر في حديثه لبلينكس إلى أن تصعيدا للجيش السوري في الشمال "تسبب في موجة نزوح كبيرة تجاوزت 70 ألف مدني".

ويتابع أن "هذه الموجات الجديدة تشكل ضغطا إضافيا على تركيا، التي تستضيف بالفعل ملايين اللاجئين السوريين، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني على حدودها".

رسميا، لم يصدر أي تعليق من جانب دمشق على الهجوم الذي يستهدف نقاطها العسكرية غربي مدينة حلب.

ويقول المحلل السياسي المقيم في العاصمة السورية، غسان يوسف إن ما يجري مرده أمران.

الأول أن الرئيس التركي أراد أن يحرك الجبهة على طريقته، ليقول للدولة السورية "إننا جاهزون لتحريك الجبهات إن لم تطبعوا معنا".

الآخر أن الهجوم يؤكد ارتباط المجموعات بإسرائيل، على حد تعبير يوسف خلال حديثه لبلينكس.

وربط فكرته بالتهديد الذي وجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو للرئيس السوري، بشار الأسد عندما قال "الأسد يجب أن يفهم أنه يلعب بالنار".

منذ سنوات، يحكم مشهد مناطق شمال غرب سوريا سلسلة تفاهمات واتفاقيات جرت في غالبيتها ضمن إطار "محادثات آستانا".

واللافت أن الهجوم الحالي للفصائل المسلحة يأتي بعد أسبوعين من آخر جلسة، شارك فيها مبعوثون من تركيا وروسيا وإيران.

ويقول الباحث أسمر إن "آستانا لم تقدم أي حلول على أرض الواقع"، مضيفا أن الفوضى ستزداد في ظل تجاهل الحكومة السورية للدعوات التركية، على حد تعبيره.

ومن ناحية أخرى، يضيف أن عدم تحقيق أي نتائج ملموسة مؤخرا على خط دمشق-أنقرة ربما "دفع المعارضة إلى الشعور بعدم وجود أفق سياسي، وبالتالي تعزيز خياراتها العسكرية".

ويعتقد أسمر أن الهجوم استباقي لمنع تقدم الجيش السوري، ولوقف موجة جديدة من النزوح التي تضغط على المناطق التي تسيطر عليها تلك الفصائل، شمال سوريا.

لكن المحلل السياسي، غسان يوسف اعتبر أن ما يحصل "لا يمكن أن يكون بريئا".