مرونة وضغط وتفاوض.. عوامل ترجح قرب هدنة غزة

تغيرت النبرة الإسرائيلية حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإبرام صفقة الرهائن مع حركة حماس، استجابة للمتغيرات الإقليمية والدولية، والضغط الأميركي الذي يمارسه فريقي الرئيس الحالي جو بايدن، والرئيس المنتخب المقبل دونالد ترامب.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن وقف إطلاق النار في لبنان، وتغيير الإدارة الأميركية، والتطورات الأمنية في المنطقة، كلها أشياء تغير الخطة في قطاع غزة، وتدفع نحو وقف إطلاق النار.

وتلقى المستوى السياسي في إسرائيل توجيهات من نتنياهو ومجلس الحرب، بالعمل على صفقة تبادل الرهائن، والموافقة على "وقف مؤقت" للحرب على غزة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس ٢٨ نوفمبر، بعد نحو ٢٤ ساعة من تنفيذ الهدنة في لبنان، إنه منفتح لوقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف نتنياهو: "عندما نعتقد أننا قادرون على إطلاق سراح الرهائن، نفعل ذلك، لكن هذا لا يعني أن الحرب ضد حماس ستنتهي، حيث يعد هذا طلبهم الأساسي، لكننا لن نتوقف حتى تدميرهم عسكريا، ونشل قدرتهم على العودة للحكم".

ومن جانبه اجتمع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ مع عائلات الرهائن، وأخبرهم أن العمل يجري "خلف الكواليس" من أجل التوصل إلى صفقة مع حماس، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

وبحسب بيان صادر عن مكتبه قال هيرتسوغ: "بعد أن توصلنا لاتفاق في لبنان، حان الوقت لصفقة مماثلة في غزة وإعادة الرهائن إلى ديارهم، لكننا نتفاوض مع عدو مرير وقاس".

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، السبت ١ ديسمبر، إن هناك مؤشرات على إحراز تقدم نحو التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن مع التأكيد على أن شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية "لديها رغبة في التقدم في هذا الاتجاه".

قال مسؤول كبير في وكالة فرانس براس، إن حركة حماس أبدت مرونة وانفتاحا على كل الأفكار والمقترحات، قبل إجراء المحادثات الجديدة في القاهرة.

وقال المسؤول في حماس الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن الحركة مستعدة لمناقشة كل الأفكار التي تؤدي إلى وقف الحرب في النهاية وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة.

ووضعت حماس شروطها المعتادة في كل مرة، والتي من بينها عودة النازحين إلى منازلهم، وخاصة في الشمال، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بكثافة، والتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى.

وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن حماس أبدت مرونة متزايدة في المحادثات المتوقفة منذ فترة طويلة، وترغب بشدة في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن تشدد حماس وإصرارها على انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، تلاشى، وأبدت الحركة موافقتها على "بقاء مؤقت" لإسرائيل.

واستقبلت القاهرة وفدا من حماس، السبت ٢٠ نوفمبر، استعدادا لبدء المحادثات الجديدة حول التوصل إلى هدنة غزة ووقف إطلاق النار.

اعتبر جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، أن الاتفاق بين إسرائيل وحزب الله ودخول هدنة لبنان حيز التنفيذ، ينبغي أن يقود إلى حل مماثل في غزة.

وأوضح سوليفان في تصريحات نشرها موقع "فويس أوف أميركا"، قائلا: "اتفاق إسرائيل وحزب الله يشكل خطوة كبيرة إلى الأمام في الشرق الأوسط، لقد بات الطريق ممهدا للسكان في جنوب لبنان وشمال إسرائيل الآن للعودة إلى منازلهم في أمان".

وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي أن الوقت الحالي يشهد فرصة سانحة، للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، مضيفا: "أصبح الاتفاق أقرب من أي وقت مضى".

وأشار سوليفان إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع "المفاوضين الآخرين" لإنهاء ١٤ شهرا من القتال في قطاع غزة، لكنه رفض الإدلاء بتوقع حول موعد الهدنة المحتمل، مكتفيا بالتصريح "اقتربنا جدا".

لم تكشف مصر أو أي أطراف أخرى عن تفاصيل المقترح الذي أعدته القاهرة لوقف إطلاق النار في غزة، والذي على أساسه تم إعادة فتح المفاوضات، لكن نُشرت بعض تفاصيله في وسائل إعلامية مختلفة.

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن المقترح المصري ينص على وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين، ويتم خلال هذه الفترة إطلاق سراح بعض الرهائن لدى حماس.

وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن وفدا مصريا ذهب إلى إسرائيل لإطلاعها على المقترح الجديد لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، وذكرت أنه يقدم "رؤية شاملة" للاتفاق.

ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرا عن المقترح المصري، وأكدت بالفعل وصول وفد من القاهرة لمناقشته قبل بداية المفاوضات بشكل رسمي.

وذكرت الصحيفة بعض التفاصيل في المقترح، وأكدت أنه يتضمن وقفا لإطلاق النار بالتزامن مع إطلاق سراح الرهائن بشكل تدريجي لمدة تتراوح بين شهر إلى شهرين.

ووفقا للمقترح، تعمل حماس على إعداد قائمة بأسماء الرهائن الذين مازالوا على قيد الحياة، لتنفيذ عملية التبادل خلال فترة الهدنة ووقف إطلاق النار.

وتتضمن الخطة المصرية كذلك فتح معبر رفح على الفور منذ اليوم الأول، تحت إشراف السلطة الفلسطينية ودول أوروبية أخرى، مع التزام مصر بضمان عدم سيطرة حماس على المعبر.

ونص المقترح المصري كذلك على ضرورة إدخال المساعدات والمواد الإغاثية من خلال معبر رفح، من سيناء إلى غزة، خلال فترة الهدنة.

وتحدثت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مفاوضات مصرية مع فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب، لحثه على الضغط على إسرائيل وإقناعها بالتنازل عن بعض نقاط الخلاف الرئيسية التي أعاقت الاتفاق قبل ذلك، وخاصة رغبتها في إنشاء منطقة عازلة بينها وبين غزة.