قلق بشأن التعويضات.. الإعمار يهدد لبنان بـ"اللائحة السوداء"

تكشف معلومات بلينكس أن حزب الله كلف فرقا لمسح الأضرار في مختلف المناطق اللبنانية، باستثناء تلك الحدودية والتي ما زال يتواجد فيها الجيش الإسرائيلي، حيث من المُفترض أن ينسحب منها خلال شهر يناير 2025، عملا باتفاقية وقف إطلاق النار.

تلفت المعلومات إلى أن الحزب حصل على بيانات بشأن المباني المدمرة وأعدادها، موضحة أنّ مرحلة العمل ترتبط الآن بـ"وضع خطوات تنفيذية لآلية تعويض جديدة ستكون مختلفة عن تلك التي كانت قائمة إبان حرب يوليو بين لبنان وإسرائيل عام 2006".

حينها، وفور انتهاء الحرب قبل 18 عاما، بادر حزب الله فورا إلى البدء بدفع التعويضات على المواطنين، حيث جرى توزيع أموال نقدية عليهم. حينها، جرى دفع 8 آلاف دولار بدل أثاث منزل، و4 آلاف دولار بدل إيواء سنوي، و40 ألف دولار لـ"وحدة سكنية" أو منزل.

أما الآن، فإنّ الأمور مختلفة، فحتى الآن لم يجر توزيع أموال لإعادة الإعمار أو تحديد تكاليف الترميم، لكن ما دفعه الحزب الآن لـ"مناصريه حصرا" قبل وقف إطلاق النار هو أموال مرتبطة بتأمين بدلات إيواء عبارة عن 300 دولار أميركي بالإضافة إلى 100 دولار لقاء "تدفئة" في الشتاء.

إلى ذلك، تقول معلومات بلينكس إن حزب الله وزع مؤخرا على مسؤوليه ضمن المناطق المتضررة "خطة التعويضات"، موضحة أنه جرى الطلب من المواطنين الذين تضررت منازلهم وبإمكانهم إصلاحها، تصوير الأضرار وتقديم فواتير بها بعد إعادة تأهيلها من أجل تقاضي الأموال لقاء ذلك.

حاليا، باشرت الدولة اللبنانية إجراءاتها بشأن تقييم الأضرار، لكنها حتى الآن لم تبدأ عمليات دفع التعويضات، وفق ما كشف مصدر حكومي لبناني لبلينكس.

وفي جنوب لبنان، المنطقة الأكثر تضررا جراء الحرب، فإنّ الجهة الموكل إليها تقييم الأضرار وإحصائها وإدارة التعويضات فيها هي مجلس الجنوب، ومن خلال الأخير سيكون التحرك على صعيد مواكبة عمليات الإعمار.

في السياق، يقول رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر لبلينكس إن المجلس قام بمسح الأضرار في مختلف مناطق الجنوب، موضحا أنّ الفرق الفنية أنجزت نسبة كبيرة من الإحصاءات وسيصار البحث الآن في مسألة التعويضات.

وعلى صعيد الهيئة العليا للإغاثة، فإن عملها دخل مرحلة جديدة الآن على صعيد التعويضات، فالأمور ليست واضحة لاسيما بعدما اتخذ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قرارا باستبدال رئيس الهيئة اللواء محمد خير بالعميد بسام النابلسي، وذلك إثر حلقة تلفزيونية كشفت عن وجود تجاوزات بشأن آلية توزيع المساعدات على النازحين خلال الحرب، وفق ما ذكرت قناة الـ"MTV" اللبنانية.

الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور بلال علامة يقول لبلينكس إنّ تقدير الخسائر في لبنان سيكون على صعيد القطاعات، موضحا أن قطاع الإسكان هو الأكثر تضررا، وأضاف "هناك 80 ألف وحدة سكنية دُمرت، بالإضافة إلى 70 ألفا أخرى دُمرت بشكل جزئي".

وذكر علامة أن لبنان مُني بخسائر مباشرة وغير مباشرة بـ15 مليار دولار تقريبا، موضحا أن القطاع الزراعي خسر 1.5 مليار دولار، بينما الصناعة تضررت بـ2.5 مليار دولار، بينما السياحة تلقت خسائر بـ3 مليار دولار.

وأوضح علامة أن لبنان الرسمي غير قادر على إعادة الإعمار بسبب أزمة البلاد المالية، مشيرا إلى أن الحل يكمن في حصول لبنان على دعم كبير من الخارج وتحديدا من الدول العربية، وأضاف "أيضا، فإن إيرادات الدولة لن تكون مرتفعة في العام 2024 بسبب الانكماش الاقتصادي والحرب، وبالتالي يجب أن يكون هناك قرار دولي لدعم لبنان وتأمين جسر مفتوح معه يشمل دعما ماليا وقروضا لإعادة دعم الإقتصاد".

وأردف "حاليا، عملية إعادة الإعمار ستبدأ وسط تعقيدات عديدة، وعلى الدولة أن تبادر لمنح القطاعات المتضررة حوافز جديدة للنهوض مجددا".

يعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومالية، كما أنه يعيش أيضا وسط "اقتصاد الكاش" الذي يساهم بتبييض الأموال وغيرها من ممارسات مالية غير شرعية.

وفي تصريح سابق لبلينكس، شرح كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس، نسيب غبريل، معنى "اقتصاد الكاش" قائلاً إنه ينص على أن التعاملات المالية تتم نقدا من دون المرور بالمؤسسات المصرفية.

بدورها، تقول الخبيرة الاقتصادية والمالية ليال منصور لبلينكس إن "اقتصاد الكاش" هو آلية لتسديد الأموال نقدا في السوق، وسط عدم استخدام البطاقات أو الشيكات المصرفية، مشيرة إلى أن الأموال التي تدفع في ظل هذا الاقتصاد لا تكون معروفة المصدر.

وبسبب "اقتصاد الكاش"، فقد جرى وضع لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي خلال شهر أكتوبر الماضي، فيما المطلوب منه اتخاذ إجراءات مالية لتعزيز الثقة وتقليص "اقتصاد الكاش" عبر تفعيل وتعزيز عمل المؤسسات المالية الشرعية.

وسط كل ذلك، يُطرح السؤال، ما علاقة الإعمار بـ"اقتصاد الكاش" الذي على لبنان التخلص منه وما هي مخاطر هذا الاقتصاد على لبنان؟

هنا، يشير علامة إلى أنّ الحديث عن تلقي لبنان مساعدات مالية نقدية من دول عديدة كإيران وغيرها من دون المرور عبر المؤسسات المالية الشرعية، سيعني إدخال لبنان في خطر جعله على اللائحة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية، بعدما انتقل بصعوبة إلى اللائحة الرمادية قبل شهرين، وهو أمر خطير من الناحية المالية، وفق علامة.