مطار بيروت "تحت الرصد".. من يتولّى أمنه ويُفتّش طائراته؟

تداولت أنباء أن الطائرة الإيرانية حملت أموالا لحزب الله، وقالت بيئة الحزب إن الأموال هدفها المساهمة في إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الإسرائيلية.

أكدت مصادر لبلينكس أن طائرة "ماهان إير" كان على متنها أموال في حقيبتين تابعتين للسفارة الإيرانية، ولم تحمل أموالا إضافية لصالح أي جهات أخرى.

وقالت المصادر: "خلال تفتيش الطائرة من جهاز أمن المطار، كانت الحقيبتان موجودتين مع شخص دبلوماسي، لكنه رفض تفتيشهما وفقا لقواعد حظر تفتيش الدبلوماسيين".

ومن جهتها، قالت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان إن الحقائب التي كانت بحوزة الدبلوماسي الإيراني والتي طُلب تفتيشها، تبين أنها كانت تحمل وثائق ومستندات وأوراقا نقدية لتسديد نفقات تشغيلية خاصة باستعمال السفارة فقط، وبناء عليه، تم السماح بدخول الحقيبتين وفقا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.

وزير الداخلية اللبناني بسام المولوي قال لوسائل إعلام لبنانية إن تفتيش الطائرة الإيرانية بمثابة إجراء روتيني لحماية المطار واللبنانيين، مشيرا إلى أن جهاز أمن المطار يطبق القانون وهناك قرار بتفتيش كل الدبلوماسيين، بمن فيهم الإيرانيون.

عمليات التفتيش التي أقدم عليها جهاز أمن المطار أثارت حفيظة بيئة "حزب الله"، فيما جرى توجيه انتقادات له ولقائده العميد فادي كفوري، فما هي مسؤوليات هذا الجهاز ومما يتألف؟

من يتولى أمن مطار بيروت الدولي وحمايته، يُعرف بـ"جهاز أمن المطار" الذي يضمّ سائر الأجهزة الأمنية اللبنانية وهي: قوى الأمن الداخلي، والجيش، والأمن العام، والجمارك.

ويتألف جهاز أمن المطار من قيادة الجهاز، وقطاعات القوى المسلحة العاملة في المطار، فيما تتألف قيادة الجهاز من قائد الجهاز، وفرع القيادة وتتبع له غرفة عمليات، وفرع الإدارة، وفرع الشكاوى والتحقيقات، ومفرزة استقصاء، وأمانة سر مشتركة وعلاقات عامة، وأيضا، تشترك في جهاز أمن المطار عناصر من الحرس وإطفائية المطار.

على صعيد قوى الأمن الداخلي، فإنها تتولى حماية أمن المطار وتفتيش المسافرين، فيما يتولى الجيش حماية مرافق المطار من أي اعتداء. أما الجمارك فتضبط عمليات التهريب، في حين أنَّ الأمن العام مسؤول عن جميع إجراءات السفر.

ويقولُ وزير الداخلية اللبناني السابق العميد مروان شربل لبلينكس إنّ "قائد جهاز أمن مطار رفيق الحريري الدولي هو المسؤول الأمني في المطار مع الأجهزة التابعة له"، مشيرا إلى أن "الجهاز يتبع تنفيذيا لوزير الداخلية".

وذكر شربل أنَّ وزير الداخلية هو من يُعيّن قائد جهاز أمن المطار، مشيرا إلى أن الضابط الحالي هو العميد فادي كفوري من الجيش، ومن الممكن أن يختار الوزير ضابطا من قوى الأمن الداخلي لنفس المهمة، وهذا أمر طبيعي.

وجود أجهزة أمنية عديدة ضمن "جهاز أمن المطار" يطرح تساؤلات عن "سيطرة" جهاز أمني دون آخر على أمن المرفق العام، لكن مدير عام الجمارك ريمون الخوري قال في حديث مع بلينكس إنه لا صحة لسيطرة جهاز أمني بمفرده على أمن المطار، مؤكدا أن جميع الأجهزة الأمنية تتشارك فيما بينها في قاعدة التعاون الفعال والمشترك والقانوني.

بدوره، ينفي اللواء المتقاعد في الجيش اللبناني عبدالرحمن شحيتلي لبلينكس ما يُقال عن "سيطرة لجهاز دون آخر"، ويضيف "جهاز أمن المطار أنشئ في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وقائد جهاز أمن المطار يطبق القوانين المرعية الإجراء، وفي حال حصول أي تجاوزات أو مخالفة للقانون من قبل الجهاز، فإن من يُسأل عن هذا الأمر هو وزير الداخلية".

يلفت شحيتلي إلى أن كل جهاز أمني يؤدي دوره، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا كبيرا بين قطاعات جهاز أمن المطار، كما أنه ما من إشكالات تحصل فيما التراتبية الأمنية ضمن الجهاز منصوصٌ عليها ضمن القانون ولا يمكن تجاوزها في إطار الهيكلية الموجودة.

وسبق أن حصلت مناوشات بين أجهزة أمنية موجودة في المطار، وأبرز حادثة في هذا الإطار كانت في فبراير من العام 2019 حينما وقع تضارب بين جهاز أمن المطار والجمارك على خلفية قيام عناصر من جهاز "الاستقصاء" بالإصرار على عدم تفتيش حقيبة عائدة لأحد المسافرين عبر صالون الشرف.

حينها، أصرّت عناصر الجمارك على تفتيش الحقيبة، فوقع الخلاف الذي أدى إلى حصول تضارب داخل المطار.

عملية تفتيش الطائرة الإيرانية التي أكدها وزير الداخلية بسام المولوي لم تكن الوحيدة التي حصلت، فما يجري داخل المطار هو أنهُ تُفتَّش جميع الطائرات من دون استثناء وليس الإيرانية فقط.

ويوم 7 أكتوبر 2024، أعلن وزير الداخلية بسام المولوي عقب اجتماع في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه أعطى تعليمات مشددة لجهاز أمن المطار ولقائده ولكل عناصر الجهاز ليكونوا على جهوزية أكبر، لإجراء كل عمليات التفتيش والعمليات اللازمة لعدم ترك ثغرة في مطار رفيق الحريري الدولي.

ويقول الوزير السابق مروان شربل "لا شكّ أن الظروف التي مرّ بها لبنان لاسيما الحرب الإسرائيلية الأخيرة والتهديدات المتزايدة بقصف المطار، دفعت الدولة وأجهزتها لتشديد إجراءاتها خصوصاً بعد المزاعم عن تهريب أسلحة".

شربل اعتبر أيضا أنَّ الدولة مضطرة للوقوف في وجه التهديدات الإسرائيلية المتعلقة بالمطار عبر زيادة إجراءاتها لضبط الوضع فيه.

وخلال الحرب الإسرائيلية التي شهدها لبنان، زعمت إسرائيل مرارا أن حزب الله يحاول تهريب الأسلحة عبر مطار بيروت، فيما نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا قبل أكثر من أسبوعين قالت فيه إن إيران تنوي نقل أسلحة إلى الحزب في لبنان عبر جسر جوي وذلك لانقطاع الطريق السوري بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد يوم 8 ديسمبر الماضي.

وفي تصريح سابق عبر بلينكس، قال النائب اللبناني المعارض لـ"حزب الله" أشرف ريفي إن أمن المطار ممسوك من قبل الجيش، مشيرا إلى أن أي محاولة إيرانية لنقل الأسلحة إلى لبنان هي خرق للقرار الدولي 1701 الذي تتمسك به السلطات اللبنانية لوقف الحرب مع إسرائيل.

ريفي أوضح أنه لم يعد لدى إيران قدرة على تهريب أسلحتها إلى لبنان كما السابق، كما أنه ما من طيران سيسمح لنفسه بالانخراط بهكذا عمليات تضر به، وقال "مطار بيروت خرج من يد حزب الله ولم يعد يستطيع فعل أي شيء".

تقولُ الباحثة في القانون المالي الدولي والجرائم المالية، محاسن مرسل في حديث مع بلينكس إنّ أي دولة عليها عقوبات اقتصادية ومالية، مثل إيران، لا يمكنها نقل أموال إلا إذا كانت هناك استثناءات من الدولة التي فرضت العقوبات، كالولايات المتحدة الأميركية.

وذكرت مرسل أن "البلد الذي يتلقى مبالغ من الدول التي تواجه عقوبات سيتضرر"، وتابعت "هذا الأمر ينطبق على لبنان وأي دولة أخرى، كما أنّ أي عملية نقل للأموال لا يجب أن تتم بشكل نقدي، إذ إن هناك آليات قانونية متبعة وتحويلات عبر القنوات والمصارف المركزية. لذلك، هناك واجب لاحترام الدولة".

وأكدت مرسل أن أي أموال تدخل إلى المصرف المركزي اللبناني خاضعة للرقابة، مشيرة إلى أنه ليس صحيحا ما يقال بأن الدبلوماسيين لا يخضعون للتفتيش، كما أنه يحق للدولة اللبنانية أن تحتجز أموالا لم تظهر وجهتها المشروعة، وهذا أمر أساسيّ.