عملية معقدة.. إسرائيل تكشف دور الرائد G في اغتيال نصرالله

قالت صحيفة "واللا" الإسرائيلية، في تقرير تفصيلي لها عن ليلة اغتيال نصرالله، إن العملية استندت على "استغلال غروره بشكل تدريجي، وتركه يرتكب الأخطاء".

وعلق ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي على سلوك نصرالله في أيامه الأخيرة، قائلا: "لم يفهم أنه في حالة حرب، وحاول الهروب من هذا الموقف، رغم أن إسرائيل كانت تضع حجرا فوق الحجر في حقيبته، تجاهل الثقل الذي حمله على ظهره".

وأشار المسؤول الذي تحفظت الصحيفة الإسرائيلية عن ذكر اسمه، إلى أن نصرالله تلقى "حقنا مخدرة" من إسرائيل، عززت غروره وثقته بنفسه، ورسخت فكرة أن تل أبيب لن تستهدفه ولن تخوض حربا شاملة معه.

وقال مسؤول آخر في المخابرات الإسرائيلية: "تميز نصرالله بالعبقرية على مدى السنين الماضية، وكان يعتقد أنه لا أحد يعرف إسرائيل أفضل منه، لذلك لم يتوقع أن يكون هدفا مباشرا".

وتحدث التقرير الإسرائيلي، أن عملية اغتيال نصرالله خضعت لمناقشات رفيعة المستوى وطويلة استمرت لأيام في قيادة الجيش الإسرائيلي، إذ كان يُخشى أن تفشل العملية فيتحول الأمين العام إلى بطل ويزداد غروره، وفقا للتوصيف الإسرائيلي.

وبعد جمعها المعلومات الاستخباراتية اللازمة، حدد إسرائيل الساعة ١٦:٠٠ بالتوقيت المحلي لتنفيذ عمليتها يوم الجمعة ٢٧ سبتمبر، وسلحت طائراتها المقاتلة واتجهت إلى معقل نصرالله في ضاحية بيروت لتلقي قذائفها الثقيلة التي اخترقت تحصينات تحت الأرض وأودت بحياته.

ولتنفيذ العملية، أطلق سلاح الجو الإسرائيلي ١٤ طائرة مقاتل، محملة بـ٨٣ قنبلة، زنة ٨٠ طنا، وحصل قائد السرب على حرية التصرف واتخاذ قرارات مصيرية، حال تجهيز مبنى حزب الله بأنظمة دفاع جوي دقيقة.

وأسقطت إسرائيل القنابل بالكامل في غضون ١٠ ثوان، وفقا للتقرير، ودمرت منافذ الهروب، لتجعل الجميع في الأسفل يختنق إذا لم يتضرر من الانفجار، أو يدفن مع المبنى الذي هُدم بالكامل.

الرائد G، أعزب يبلغ ٢٩ عاما، وهو من تل أبيب، لكنه كان أحد المقربين للأمين العام لحزب الله بطريقة ما، لم يكشف عنها التقرير الإسرائيلي.

ولعب الرائد المجهول دورا كبيرا في تحديد الوقت المناسب لتوجيه الضربة، دون أن يكون لدى الحزب اللبناني فرصة الرد القوي وإحداث أضرار كبيرة بالعمق الإسرائيلي.

وتلقى الرائد G معلومات ثمينة للغاية في منتصف سبتمبر الماضي، وأبلغ بها الموساد، الذي اجتمع بدوره مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لمناقشة التفاصيل ودراسة إمكانية توجيه الضربة.

وقرر الجيش الإسرائيلي أن تسبق عملية اغتيال نصرالله، تدميرا لقدراته النارية، لينفذ عملية ضخمة يوم ٢٣ سبتمبر الماضي، أطلق عليها "عملية سهام الشمال"، والتي قالت إسرائيل إنها تسببت في تدمير ٨٠٪ من قدرات الحزب النارية.

وقال ضابط في عمليات الجيش الإسرائيلي، إن "الرائد G" قدم معلومات ثمينة أدت إلى اغتيال عدة قادة في حزب الله، مؤكدا أنه كان يصل إليهم بسهولة وبطرق قصيرة.

وبينما كان يعمل الرائد G لجمع المعلومات عن القادة وصولا إلى نصرالله، كان الجيش الإسرائيلي يجرد حزب الله بشكل تدريجي من "أدوات الانتقام"، حتى لا يفهم الأمين العام للحزب أن ذلك تمهيدا لاستهدافه شخصيا.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد كشفت في ديسمبر الماضي، عن اختراق إسرائيلي كامل لحزب الله، سبق عملية اغتيال الأمين العام حسن نصر الله.

وقالت الصحيفة الأميركية إن إسرائيل اعتمدت على خليط من التكنولوجيا والقوة العسكرية، والعمل الاستخباراتي الدقيق، لتحدد أهدافها بنجاح في حربها مع حزب الله.

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل نجحت في رصد تحركات نصر الله على مدار سنوات سابقة، وزرعت أجهزة تصنت داخل المخابئ الخاصة بالحزب، وتتبعت لقاءات قادته، لتكتشف في النهاية مخبئه الرئيسي تحت الأرض.

وكانت إسرائيل تنفذ الكثير من العمليات الحربية استعدادا لاغتيال نصر الله، ليؤكد التقرير الأميركية أن عملية الضاحية الجنوبية ببيروت سبقها ٤٠ مناورة حربية دارت حول قتل الأمين العام وغيره من قادة حزب الله.

وذكرت الصحيفة أن اختراق إسرائيل لحزب الله، وصل إلى حد معرفة عشيقات أحد القادة، إذ قال التقرير إن تل أبيب رصدت اجتماعه مع عشيقاته الأربعة، وكانت ترى بشكل دائم كل تحركاته.