"مرتزقة وأسلحة أجنبية".. كيف سيطر جيش البرهان على ود مدني؟
في تطور جديد للصراع في السودان، دخلت وحدات الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، يوم السبت 11 يناير، تحت غطاء من الهجمات الجوية والطائرات المسيرة، وسط تقارير عن دعم خارجي ساهم في تحقيق هذا التقدم.
وكشف قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، عن استعانة قوات الجيش بطائرات مسيرة من إيران، وتشكيلات من عصابات المرتزقة الأفريقية، في حملتها على ود مدني.
وتتحدث تقارير عدة عن تزويد إيران للجيش بطائرات مسيرة، إذ نقلت صحيفة بلومبرغ، العام الماضي، عن مسؤولين غربيين قولهم إن إيران أرسلت مسيرات "مهاجر 6" ومعدات أخرى إلى الجيش، بينما أكد خبراء حللوا صورا للأقمار الصناعية صحة تلك التقارير.
وتابع حميدتي: "انضم مرتزقة جبهة تحرير إرتريا إلى الجيش"، مؤكدا أن قوات الدعم السريع واجهت القوات والمرتزقة والطائرات بشجاعة، موضحا: "كنا ننتظر البراميل المتفجرة في أرض مكشوفة، وهذا لا يفعله أحد غيرنا".
ورغم خسارة قوات الدعم السريع السيطرة على ود مدني، قال حميدتي: "خسرنا جولة لكنها لم تكن خسارة المعركة"، داعيا إلى إعادة تنظيم الصفوف ورفع المعنويات من أجل استمرار الحرب حتى تحقيق الأهداف.
وتحدى قائد الدعم السريع تحالف الجيش مع ما وصفه بـ"المرتزقة" والطائرات المسيرة، قائلا: "نقاتل منذ 21 شهرا، وسنقاتلهم 21 عاما أخرى".
وكانت صحيفة
الراكوبة قد أشارت إلى انضمام أفراد من حزب المؤتمر الوطني المنحل في السودان إلى القتال بجانب الجيش، بالإضافة إلى جماعات الإسلام السياسي، وهو ما يثير مخاوف حول الأبعاد السياسية للنزاع المتصاعد.
تأثير الهجمات الجوية على المدنيين
تقارير حقوقية ومنظمات دولية أعربت عن قلقها من تأثير الهجمات الجوية على المدنيين.
وفقا لتقارير ميدانية، تسببت العمليات العسكرية في سقوط مئات القتلى وإحداث موجات نزوح جماعي، وسط دعوات لوقف إطلاق النار وضمان حماية السكان المدنيين.
يرى مراقبون أن العمليات العسكرية المكثفة تأتي في سياق مساعي البرهان لتعزيز سلطاته السياسية.
وذكرت مصادر محلية أن البرهان يهدف إلى إجراء تعديلات دستورية تمنحه صلاحيات موسعة، بما في ذلك تعيين رئيس الوزراء وأعضاء مجلس السيادة، مما أثار مخاوف من تكرار نمط الحكم الذي مارسه الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
تهدف هذه التعديلات أيضًا إلى دمج اتفاق جوبا للسلام في الوثيقة الدستورية الانتقالية، إلا أن بعض الأطراف المشاركة في الاتفاق تشعر بالتهميش في ظل التطورات الأخيرة.
يترافق النزاع المسلح مع أزمة إنسانية متصاعدة. وفقا لتقرير صادر عن "تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل"، يعاني نحو 24.6 مليون شخص في السودان من انعدام الأمن الغذائي الحاد نتيجة الحرب، والانهيار الاقتصادي، والنزوح الجماعي.
وأشارت منظمات إغاثية إلى أن القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية تفاقم الوضع.
من جهتها، حذرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية من أن استمرار النزاع يهدد بمزيد من التدهور في أوضاع السكان، مع توسع مناطق المجاعة التي بدأت منذ أغسطس العام الماضي، لتشمل أجزاء من دارفور وجبال النوبة.
وسط تصعيد المعارك، دعا خبراء ومنظمات دولية الأطراف المتنازعة إلى العودة لطاولة المفاوضات والعمل على إيجاد حلول سياسية شاملة، بهدف إنهاء الصراع وتجنب مزيد من المعاناة الإنسانية. إلا أن الدعوات هذه تصطدم برفض البرهان الانخراط بمحادثات جنيف الهادفة إلى إيجاد حل سياسي وسلمي للصراع الدائر في السودان.