تجلس دعاء تركي العائدة إلى حمص مع أسرتها في بيتها المتهالك المُطل على شارع اختفت معالمه وحدوده، وسط جدران تخترقها الثقوب الكبيرة والصغيرة إثر طلقات الرصاص والقنابل، لكنها لا تنوي الرحيل.
وتعيش عائلة تركي بالقرب من مسجد خالد بن الوليد التاريخي المجاور للحي المنكوب، وعلى وقع الأذان الذي يخترق كل أرجاء المنطقة، تقول: "نحن سعداء بالعودة رغم كل هذا الدمار، هذا حيّنا وهذه أرضنا".
وقررت دعاء العودة مع زوجها وأطفالها الأربعة قبل شهر، ويخلو بيتهم من كل شيء باستثناء بضع أوان وضعت على رفوف خشبية، وجهاز تلفاز لا تصل إليه الكهرباء.
يحاول زوج دعاء البحث عن عمل في أي مكان، ويقضي وقته في ذلك، بينما تمضي وقتها مع أولادها، وجاراتها العائدات إلى حمص، يترقبن الوضع في الحي الذي كان أشبه بـ"حي للأشباح" قبل عودتهم إليه.
وتنتظر النساء في أحياء المدينة المدمرة مرور العاملون في المؤسسات الإنسانية، أملا في الحصول على بعض الأشياء والمواد الإغاثية والغذائية، لتأمين الحد الأدنى لأساسيات الحياة لأولادهن.
وكانت حمص من أوائل المدن التي عُزلت أجزاء كبيرة من مناطقها خلال المواجهات المسلحة بين الجيش السوري وفصائل "الجيش السوري الحر" وباقي الفصائل المسلحة المحتجة على نظام بشار الأسد، ليتم قطع الكهرباء والاتصالات ووقف الإمدادات.
وخلال فترة الحصار اضطر سكان حمص لأكل العُشب والنباتات والأطعمة المجففة، ليعودوا بعد سقوط نظام الأسد، ولا يجدوا شيئا يقتاتون عليه، إذ يتعين عليهم البدء من جديد مرة أخرى.
وعن الذكريات المريرة تقول تركي: "حوصرنا لخمس سنوات في حمص، لا أكل ولا شرب، وأخرجتنا الأمم المتحدة إلى مخيمات الشمال على وقع القصف الجوي".