"بطعم التفاح".. سوق جباليا يعيد الحياة إلى شمال غزة

توقف السوق الشعبي في جباليا لأشهر بسبب الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة بداية من 7 أكتوبر 2023، لكن مع وقف إطلاق النار وعودة النازحين إلى الشمال، عاد العمل بصورة بدائية، عمتها الفوضى وسط الركام والمباني المهدمة والطرق غير الممهدة.

ويتجمع سكان جباليا في كل صباح في السوق الذي يعرض خلاله الباعة ما استطاعوا جمعه من خضروات وفاكهة وموادّ غذائية أخرى، وسط الغبار المتناثر والطقس البارد، وخطورة انهيار المباني المتضررة في أي لحظة، إذ نشرت صحيفة نيويورك تايمز تفاصيل العمل في السوق الغزي.

ووجد سكان غزة الطاولات يمينا ويسارا في السوق الذي أعيد افتتاحه في جباليا، بعد أشهر من معاناة الجوع، ليتذوق الأطفال والكبار لأوّل مرّة منذ فترة طويلة طعم التفاح والجزر والطماطم على سبيل المثال، لكن كان ذلك مقصورا على أولئك الذين يملكون المال للشراء فقط.

وتحت الأمطار الغزيرة نصبت خيام سوق جباليا بصورة بدائية للغاية، ما جعلها معرضة للانهيار، بينما وقف بعض الباعة على طاولات خشبية يعرضون ما لديهم من خضروات وفاكهة وأغذية، واستخدم البعض ميزان إلكتروني يعمل بالبطاريات الجافة، والبعض الآخر كان لديه ميزانا يدويا بدائيا.

ولم يعد سوق جباليا بالشكل الذي كان عليه قبل الحرب، إذ أعاد الباعة تدوير مخلفات الأنقاض من أخشاب وموادّ بلاستيكية لصنع أكشاك وخيام متلاصقة.

وفي السوق كان يعرض البعض ما لديه بعيدا عن الغذاء، إذ عرض أحدهم أسطوانة غاز للبيع، كما عرضت دراجات وأشياء ومستلزمات أخرى، لكن العائق الأبرز كان توفير المال للشراء، بعد أن فقد أغلب السكان وظائفهم ومصادر دخلهم وتاليا أموالهم.

ينتظر سكان جباليا الخبز بقدر ما ينتظرون الخضروات والفاكهة وأي مورد غذائي يتاح لديهم، لكن مع هدم المخابز، ونقص الغاز والآلات اللازمة، لجأ البعض إلى موادّ بدائية لتوفير الخبز الساخن إلى السكان العائدين إلى الشمال.

استغل البعض مبنى مهدم في جباليا، به جدار مال على آخر، ليصنع ما يشبه كوخا بشكل مثلث، من أجل بناء مخبز بدائي يتم تجهيزه على الحطب، من دون حاجة إلى أسطوانات الغاز أو الأفران الضخمة.

وقام عبد الكريم وإخوانه بعمل مخبزهم الخاص في الكوخ المعرض للانهيار في أي لحظة، وقاموا بتجهيز الأدوات اللازمة ليتمكنوا من صناعة الخبز الساخن بمبلغ مالي زهيد لسكان المخيم.

يقول عبد الكريم الذي يبيع الخبز للجمهور لأول مرة في جباليا بعد عودة النازحين إليها: "نخبز على الحطب لأنه ليس لدينا غاز، تكسير الحطب يتطلب عملا شاقا".

ويدرك الإخوة الذين يخبزون في جباليا أنهم يدركون قيامهم بمخاطرة كبيرة بالخبر تحت مبنى مُعرّض للسقوط، لكنهم يشددون على أنهم يريدون أن يستمروا في غزة داخل أراضيهم تحت أي ظروف، وسيعملون على مواصلة العمل.

بعد مرور عام على الحرب، نشرت صحيفة نيويورك تايمز في 7 أكتوبر الماضي، تقريرا عن الضرر الذي لحق بالمدن الفلسطينية، ومن بينها جباليا، إذ أكدت الصحيفة أن 81% من المباني في جباليا تم تدميرها بالكامل، وهجر سكانها إلى الجنوب.

واستخدم الجيش الإسرائيلي قنابل تزن ألفي رطل لتدمير مباني وطرق جباليا خلال الحرب على قطاع غزة، واعتبرت إسرائيل أن جباليا كانت معقل حركة حماس وجماعات مسلحة أخرى، لتبرر تدميرها بشكل شبه كامل.

واختفت الأسواق الشهيرة في جباليا بعد التدمير الذي خلفته قنابل وصواريخ المقاتلات الحربية الإسرائيلية، ومن بينها سوق رابعة، الذين كان السكان يترددون عليه لشراء احتياجاتهم اليومية، والجلوس لساعات في مقهى رابعة الذي كان مكتظا بالزبائن قبل أن يتحول إلى أنقاض.

وتشير التقارير إلى أن كلّ 4 من بين 5 منازل في جباليا تعرض للانهيار الكامل، أو ضرر بالغ يجعلها آيلة للسقوط في أي وقت، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية والطرق بشكل شبه كامل في كل أنحاء المدينة.