صور الأطفال القتلى في غزة تزلزل قادة العالم
أثارت صور الأطفال القتلى في غزة موجة غضب وقلق دولي غير مسبوقة، بعدما وثّقت تقارير إعلامية ومنظمات إنسانية مشاهد مروعة لعشرات الأطفال الذين قضوا تحت القصف الإسرائيلي المكثف على القطاع.
ومع تصاعد الانتقادات لسياسات الحكومة الإسرائيلية، تعالت أصوات القادة الدوليين للمطالبة بوقف فوري للحرب وإنهاء معاناة المدنيين، خصوصاً الأطفال، وسط تحذيرات من تحوّل إسرائيل إلى دولة منبوذة دولياً إذا استمر هذا النهج الدموي.
إدارة ترامب تضغط لوقف الحرب
عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "إحباطه الشديد" من استمرار الحرب، مشيراً إلى أن صور الأطفال والرضّع الذين يتعرضون للموت تحت القصف أغضبته بشدة، حسبما نقل موقع
Axios عن مسؤول في البيت الأبيض.
وأضاف المسؤول نفسه أن "الرئيس يريد انتهاء الحرب وعودة الرهائن ودخول المساعدات وبدء إعادة إعمار غزة". كما أكد أن ترامب يرى في هذا النزاع آخر عقبة تعيق الازدهار في الشرق الأوسط.
وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن الرئيس "وجّه رسائل واضحة إلى حماس بشأن إطلاق سراح الرهائن، وأبدى موقفا واضحا بخصوص إنهاء النزاع ككل".
كما كشف تقرير أكسيوس أن كبير مستشاري ترامب، ستيف ويتكوف، يجري اتصالات مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومستشاره رون ديرمر، كما يتواصل مع قيادة حماس عبر قناة خلفية يقودها رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح، إلا أن هذه الاتصالات لم تحرز تقدما حقيقياً.
في الوقت الذي كانت تجري فيه هذه الاتصالات، قرر نائب الرئيس جاي دي فانس إلغاء زيارته المقررة إلى إسرائيل هذا الأسبوع، في خطوة فُسّرت على أنها مؤشر على استياء أميركي متصاعد من سلوك الحكومة الإسرائيلية في غزة.
اليونيسف: "45 طفلا قُتلوا خلال يومين
الصور الدامية التي توثق مقتل عشرات الأطفال دفعت مديرة اليونيسف كاثرين راسل إلى التعبير عن غضبها الشديد، إذ قالت في منشور لها على موقع إكس: "من غير المعقول أن يُقتل أكثر من 45 طفلاً في غزة خلال يومين. هذا الرعب يجب أن يتوقف"، وأضافت أن "العالم يجب أن يشعر بالصدمة، لكن الرد السائد هو اللامبالاة"، مؤكدة أنه "لا مكان آمناً للأطفال في غزة".
قيادات إسرائيلية تنتقد "هواية القتل" في غزة
في الداخل الإسرائيلي، اندلع جدل سياسي واسع بعد تصريحات أدلى بها يائير غولان، النائب السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي وزعيم حزب الديمقراطيين، حيث اتهم الحكومة بقتل الأطفال في غزة "كهواية"، محذرا من أن إسرائيل تسير نحو مصير مشابه لما كانت عليه جنوب أفريقيا كدولة منبوذة دولياً، إذا لم تتوقف عن هذه الأفعال.
وفي مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية، أشار غولان إلى أن "الدولة العاقلة لا تقتل المدنيين ولا تطرد السكان ولا تمارس الانتقام الأعمى".
في هذا الشأن، ردّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعنف، واعتبر تصريحات غولان "تحريضاً دموياً" و"افتراءً معادياً للسامية"، مضيفًا أن "الجيش الإسرائيلي هو من أكثر الجيوش أخلاقية في العالم" وأن هذه التصريحات تأتي في وقت "نخوض فيه حرباً على جبهات عدة ونقوم بجهود دبلوماسية معقدة لتحرير الرهائن".
ضغوط أميركية تفتح باب المساعدات الإنسانية
في السياق الإنساني، مارس ترامب ضغوطا مباشرة على نتنياهو لإعادة فتح المعابر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وهو ما أكده تقرير أكسيوس الذي أشار إلى أن الرئيس الأميركي عبّر عن انزعاجه من استمرار الحصار ومنع الإغاثة، خاصة في ظل معاناة الأطفال.
وتحت هذا الضغط، وافقت الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد على استئناف دخول بعض الشحنات، وتم السماح يوم الإثنين بدخول عدد محدود من الشاحنات التي تحمل حليب الأطفال ومساعدات غذائية.
لكن صحيفة
تايمز أوف إسرائيل كشفت أن العدد لم يتجاوز 5 شاحنات، في حين تقول الأمم المتحدة إن الأزمة تستوجب دخول مئات الشاحنات يوميا، إذ إن غزة على شفا المجاعة، بحسب ما حذر منه مسؤولون داخل الجيش الإسرائيلي أنفسهم، ممن طالبوا القيادة السياسية بضرورة التحرك لتجنب انهيار إنساني شامل.
والثلاثاء 20 مايو، أفادت الأمم المتحدة أن إسرائيل ستسمح بمرور 100 شاحنة إضافية لقطاع غزة، مشيرة إلى أن حجم المساعدات يظل ضئيلا مقارنة مع احتياجات السكان.
لندن وباريس وأوتاوا تهدد بإجراءات ضد إسرائيل
في ظل تعنت الحكومة الإسرائيلية، بدأت حكومات دولية كبرى بالتلويح بإجراءات أكثر صرامة، إذ أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا
بيانا مشتركا يوم الإثنين، وصفوا فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية بأنها "تصعيد غير متناسب تماما"، مهددين باتخاذ "خطوات ملموسة" إذا لم توقف تل أبيب هجومها العسكري ولم ترفع القيود على المساعدات الإنسانية.
وبحسب مجلة
دير شبيغل الألمانية، اعتبر القادة الثلاثة أن "المعاناة الإنسانية في غزة غير مقبولة"، وحذروا من أنهم "لن يقفوا مكتوفي الأيدي"، ملمحين إلى احتمال فرض "عقوبات مستهدفة".
كما أعلنت الحكومة البريطانية من جهتها تعليق مفاوضات اتفاق التجارة الحرة مع إسرائيل وفرض عقوبات على عدد من المستوطنين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، كما استدعت السفير الإسرائيلي للاحتجاج.
في المقابل، اتهم نتنياهو قادة لندن وباريس وأوتاوا بأنهم "يمنحون مكافأة كبرى على الهجوم الإبادي" الذي استهدف إسرائيل في 7 أكتوبر، مؤكدا أن إسرائيل "لن تتخلى عن أهدافها وستواصل الدفاع عن نفسها حتى تحقيق النصر الكامل".