لا ملاجئ ولا إنذار في طهران.. إلى أين يغادر الإيرانيون؟
استبق آلاف من سكان العاصمة الإيرانية طهران، تحذير الرئيس الأميركي دونالد ترامب فجر الثلاثاء "بإخلاء طهران فورا"، حيث بدأوا الإثنين بمغادرة منازلهم وتخزين المؤن الأساسية خوفا من تصعيد حملة القصف الجوي الإسرائيلية على إيران خلال الأيام القادمة.
وحث الجيش الإسرائيلي المدنيين الإيرانيين عبر سلسلة من الرسائل على مغادرة بعض المناطق حفاظا على سلامتهم، مما يزيد من احتمال اتساع نطاق الهجمات الجوية.
ورفضت السلطات الإيرانية هذه الرسائل ووصفتها بأنها "حرب نفسية" وحثت السكان على عدم الذعر على الرغم من أن التلفزيون الرسمي بث لقطات لاختناقات مرورية على الطرق المؤدية إلى خارج العاصمة.
غير أن مطالبة الرئيس ترامب الإيرانيين بإخلاء "طهران فورا" يؤشر إلى تصعيد مرتقب خاصة بعد أن غادر قمة مجموعة السبع مبكرا ومطالبته فريقه للأمن القومي بلقائه في غرفة العمليات في البيت الأبيض لمراقبة المستجدات، فيما لمّح السفير الإسرائيلي في واشنطن إلى أن ما هو قادم "سيجعل عملية تفجير أجهزة البيجر في عناصر حزب الله اللبناني (سبتمبر الماضي) تبدو كأنها عملية بسيطة". فماذا يقول الإيرانيون عن هذا الوضع؟
لا ملاجئ ولا صفارات إنذار
في مقابلة عبر الهاتف من طهران التي يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة، قال شهريار، 38 عاما، "ليس لدينا مكان نذهب إليه. إلى أين نذهب؟ إلى متى يجب أن نبقى بعيدا عن منازلنا؟".
وقال معلم الفنون أرشيا، 29 عاما، لرويترز إن عائلته ستغادر إلى بلدة دماوند، على بُعد حوالي 50 كيلومترا شرقي طهران، حتى انتهاء الصراع.
وأضاف أرشيا الذي حجب اسم عائلته خوفا من السلطات الإيرانية "والداي خائفان. كل ليلة تُسمع فيها هجمات، ولا صفارات إنذار، ولا ملاجئ نلجأ إليها. لماذا ندفع ثمن سياسات إيران العدائية؟".
وقالت شرارة، ربة منزل في الثلاثين من عمرها وأم لطفلين توأم، إن القوات الأمنية كانت تفتش السيارات وتضايق المدنيين أثناء محاولتهم مغادرة العاصمة نحو منازلهم الريفية، بحسب
صحيفة واشنطن بوست.
وأضافت: "الغارات من الجو، وهؤلاء يفتشون سيارات المدنيين على الأرض بحثاً عن جواسيس! والأسوأ أننا لا نشعر بالأمان حتى من حكومتنا".
وأشاعت الهجمات شعورا بالرعب في جميع أنحاء إيران مترامية الأطراف، كاشفة عن ثغرات خطيرة في إجراءات السلامة، لا سيما نقص الملاجئ الكافية.
ورغم بناء العديد من "مدن الصواريخ" تحت الأرض، تفتقر إيران إلى ملاجئ عامة لكن الحكومة أعلنت أمس الأحد أن المساجد والمدارس ومترو الأنفاق ستكون مفتوحة على مدار الساعة لتكون ملاجئ خلال الهجمات الإسرائيلية.
قال غلام رضا محمدي، 48 عاما، وهو موظف حكومي في طهران "لم تكن هناك صفارات إنذار، ولا ملاجئ نلجأ إليها. والآن الوضع أسوأ، لا يمكننا سحب النقود من أجهزة الصراف الآلي أو البنوك".
وأضاف "من الصعب جدا استئجار مكان خارج طهران... كما أن أسعار المواد الغذائية ترتفع يوميا مع قيام أصحاب المتاجر برفع أسعار السلع".
وتابع قائلا "أنا محبط. طفلاي خائفان ولا يستطيعان النوم ليلا بسبب دوي الدفاعات الجوية والهجمات والانفجارات. لكن ليس لدينا مكان نذهب إليه. اختبأنا تحت طاولة طعامنا".
وأفادت منظمة "نت بلوكس" وهي وكالة مستقلة تتتبع تدفقات الإنترنت بانخفاض في وصول الإيرانيين إلى الإنترنت الدولي بنسبة تقارب 50 بالمئة، مؤكدة بذلك تقارير المستخدمين عن انقطاعات في الإنترنت منذ أن شنت إسرائيل غاراتها الجوية يوم الجمعة.
وأصدرت قوات الأمن تحذيرات من أي اتصالات مع إسرائيل، وفقا لوسائل الإعلام الرسمية، بينما اعتُقل العشرات بزعم "التجسس لصالح إسرائيل أو تحريض الرأي العام بنشر الأكاذيب".
مخاوف بشأن مخزون الغذاء والدواء
ذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية، أن قوات الباسيج المتشددة "وهي قوة من المتطوعين" أقامت منذ الأحد نقاط تفتيش في أنحاء البلاد ونفذت دوريات ليلية لمنع أعمال التخريب وتعزيز الأمن.
وقال محمد، 45 عاما، إنه أرسل زوجته وأطفاله من طهران إلى مسقط رأسه جنوب إيران. وأضاف "لم أستطع المغادرة بسبب عملي، لكنني أردت أن تكون عائلتي بأمان".
وفر العديد من السكان الاثنين بعد أن تعرضت عدة أحياء في طهران لقصف صاروخي إسرائيلي.
وقالت مريم، وهي معلمة في طهران تبلغ من العمر 33 عاما، "كانت الانفجارات أسوأ من الليالي السابقة. انفجار تلو الآخر. غادر العديد من أصدقائنا هذا الصباح، وسنغادر أيضا. نحاول فقط سحب بعض النقود من البنك".
وقال أحد سكان حي اكباتان في طهران "وضع أحد البنوك حدا للسحب عند 150 مليون ريال إيراني (حوالي 160 دولارا)، لكن معظم البنوك كانت تسمح فقط بسحب 30 مليون ريال (32 دولارا)".
وأضافت "ذهبت إلى البنك وأبلغوني أن العملاء لا يمكنهم سحب المبلغ الذي يريدونه من حساباتهم، وإلا فستنفد الأموال من البنك".
وقال ثلاثة من مالكي المتاجر في طهران لرويترز إن الناس يخزنون الطعام وأسطوانات الغاز للطهي والشراب. وقال رامين، البالغ من العمر 48 عاما، إن صيدليته اكتظت بالزبائن.
وأضاف أن "الناس يخزنون الأدوية، وخاصة كبار السن الذين يخشون ندرة احتياجاتهم الأساسية جراء الحرب".
وطمأنت الحكومة المواطنين بوجود مخزون كاف من الغذاء والدواء.
وقالت زينب، 67 عاما، وهي موظفة بنك متقاعدة من سكان طهران "لا أثق بالسلطات. قالوا إن إسرائيل لن تجرؤ على مهاجمة إيران، وانظروا إلى مكاننا. لديّ أطفال وأحفاد.. علينا أن نخزن المؤن.. لا أحد يعلم ما سيحدث ومتى ستنتهي هذه الحرب".