الضربات الأميركية على إيران.. نجاح باهر أو مبالغة سياسية؟
في وقت تواصل فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الترويج لما تصفه بـ"النجاح الكامل" في الضربات التي استهدفت منشآت نووية إيرانية نهاية الأسبوع الماضي، تبرز مؤشرات على انقسام حاد داخل المؤسسات الأميركية بين التقييمات العسكرية والاستخباراتية وبين الخطاب السياسي في البيت الأبيض.
قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال دان كي إن البنتاغون لم يتعرض لأي ضغوط سياسية لتعديل تقييمه للضربات على إيران، نافيًا بذلك تقارير عن تدخل سياسي للتأثير في تقديرات الأثر العسكري للعملية.
وأكد أن التقييمات الميدانية لا تزال قيد الدراسة، في ظل معلومات متضاربة حول مدى الضرر الذي لحق بالبنية التحتية النووية الإيرانية.
وقال كين إن المعلومات التالية قد تبينت: "أولا، تم صنع الأسلحة واختبارها ثم تحميلها بالذخيرة. ثانيا، تم إطلاق الأسلحة بسرعة ووفقا للإحداثيات. وثالثا، تم توجيه الأسلحة إلى أهدافها. ورابعا، عملت الأسلحة كما كان مصمما لها، بمعنى أنها انفجرت".
"مخابرات جديدة" تدعم رواية ترامب
لكن تقريرًا لصحيفة
الغارديان البريطانية كشف عن جهود مكثفة من إدارة ترامب لإضفاء الشرعية على رواية "النجاح الساحق"، بالاستناد إلى ما سُمّي بـ"معلومات استخباراتية جديدة".
ووفقًا للتقرير، دافعت شخصيات بارزة في الإدارة عن الخطاب الرئاسي، من بينها مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، التي أكدت في منشور على منصة "إكس" أن "المنشآت النووية الإيرانية دُمّرت بالكامل، وإذا أرادت طهران إعادة بنائها، فستحتاج لسنوات".
وفي السياق نفسه، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف إن مصدرًا استخباراتيًا "موثوقًا تاريخيًا" أكد تدمير عدة مواقع رئيسية للبرنامج النووي الإيراني.
التوتر تصاعد بعد تسريب تقييم استخباراتي أولي لوكالة استخبارات الدفاع (DIA) قدّر أن إيران لا تزال قادرة على إعادة تشغيل برنامجها النووي خلال أشهر، وأن جزءًا كبيرًا من مخزون اليورانيوم العالي التخصيب قد تم نقله قبل الضربات، وهو ما أكده أيضًا تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA).
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز الخميس أن دولا أوروبية تعتقد أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب لا يزال سليما إلى حد كبير.
وأضافت الصحيفة، نقلا عن مصدرين مطلعين على تقييمات أولية للمخابرات، أن العواصم الأوروبية تعتقد أن مخزون إيران البالغ 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بما يقارب مستويات الأسلحة لم يكن مُركزا في فوردو، أحد موقعيها الرئيسيين للتخصيب، وقت الهجوم الأميركي.
وسرعان ما جاء الرد من ترامب الذي أكد أنه "لم يُنقل أي شيء من المنشأة"، مُكررًا ما قاله وزير دفاعه في وقت سابق من يوم الخميس، بأنه لا علم له بأي معلومات استخباراتية تُشير إلى أن إيران نقلت اليورانيوم لحمايتها من الضربات الأميركية".
وكتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي: "السيارات والشاحنات الصغيرة في الموقع كانت لعمال الخرسانة الذين كانوا يحاولون تغطية الجزء العلوي من الأعمدة. لم يُنقل أي شيء من المنشأة. سيستغرق نقلها وقتًا طويلاً وخطيرًا للغاية، كما أنها ثقيلة جدًا ويصعب نقلها!"، دون تقديم أي دليل.
وردًا على هذه التسريبات، صعّد البيت الأبيض من لهجته، وقالت المتحدثة باسم الرئاسة كارولين ليفيت إن هذه التقارير "خاطئة تمامًا"، مؤكدة أن المنشآت النووية الإيرانية "مدفونة تحت أطنان من الركام" بعد إسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز GBU-57.
وفي خطوة أثارت انتقادات من الكونغرس، تحدثت تقارير عن نية البيت الأبيض الحد من مشاركة المعلومات السرية مع المشرعين، في ما اعتبره بعض النواب "إضعافًا للرقابة التشريعية".
وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "لمجلس لشيوخ الحق في معرفة ما يجري، والحكومة ملزمة قانونًا بإطلاعنا".