الحرب تعمق أزمة سوق العمل.. والإسرائيليون أمام فاتورة مكلفة
يواجه الإسرائيليون فاتورة حرب مكلفة، ومن المرجح أن تعمق الانقسامات الاجتماعية والسياسية، وسط استمرار ضعف سوق العمل بسبب الحرب التي انطلقت شرارتها في الـ7 من أكتوبر 2023 ومازالت مستمرّة.
تقرير جديد لوزارة العمل الإسرائيلية كشف أن الحرب المستمرّة، تسببت في تراجع حادّ في معدلات التوظيف، خاصة بين الشباب والرجال في المناطق التي أخليت، وتحديدا في شمال البلاد.
كما برزت فجوات اقتصادية متزايدة بين المناطق، وتراجعت فرص العمل لدى زوجات الجنود الاحتياطيين، في حين ارتفعت نسبة العمل عن بُعد بفعل ظروف الحرب.
منذ بدء حرب غزة، انخفض معدل التوظيف في الشمال بنحو 15%، وخاصة بين الشباب والرجال والمجتمعات التي أخليت، ولا يزال قطاع البناء يتحمل العبء الأكبر من الأضرار، وفقا لتقرير سوق العمل الإسرائيلي لعام 2024 الصادر عن وزارة العمل، نقله موقع "إسرائيل هيوم".
ففي النصف الثاني من عام 2024، انخفض معدل التوظيف في مناطق شمالي إسرائيل بنحو 14.8% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2022، مقابل انخفاض بنحو 6.4% في قطاع غزة.
وتُظهر البيانات أن الشباب تأثروا بشكل خاص. ففي الشمال، انخفض معدل التوظيف لمن تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عامًا بأكثر من 20٪. وقد قورن ذلك بانخفاضات أكثر اعتدالًا بين البالغين وفي المستوطنات الأبعد عن الحدود، حيث سُجل تحسن طفيف.
تنبع هذه الفجوة أساسًا من استمرار عمليات الإخلاء في الشمال، نتيجةً للوضع الأمني المتدهور، وإغلاق أماكن العمل والمحلات التجارية، وانقطاعات واسعة النطاق في الخدمات الأساسية.
فيما يتعلق بالعمل عن بُعد، يبدو أنه رغم من أن إسرائيل من الدول الرائدة في نسبة العاملين في المهن التي يمكن العمل فيها عن بُعد، إلا أن نسبة العاملين بهذا الشكل بلغت نحو 16% قبل الحرب. هذا باستثناء فترة كورونا، حيث وصلت نسبة العاملين عن بُعد إلى نحو 25%.
ومع بداية الحرب، في الربع الأخير من عام 2023، ارتفعت نسبة العاملين عن بُعد إلى 19.5%، وظلّت مستقرّة طوال معظم عام 2024.
عمل نحو 9.8% من الموظفين أكثر من 60% من وقتهم عن بُعد، بزيادة تجاوزت 3% مقارنةً بالأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023. وتُعزى هذه الزيادة جزئيًا إلى انضمام موظفين جدد إلى العمل عن بُعد، وجزئيًا إلى زيادة عدد أيام العمل عن بُعد للموظفين الذين سبق لهم العمل بهذه الطريقة.
قطاع البناء أحد أبرز ضحايا الحرب
خلال الحرب، كانت هناك فجوات بين القطاعات في التعافي من الأزمة. في بعض القطاعات، وخاصةً البناء، والضيافة وخدمات الطعام، والتجارة والصناعة، ظلت صعوبات التوظيف واضحةً بسبب تداعيات الحرب.
وقد برز قطاع البناء بشكل خاص، حيث ارتفع معدّل الشواغر فيه إلى مستوى قياسي بلغ 10.1% في يناير 2024، ثم انخفض إلى 9.4% بنهاية العام، و9% في مايو 2025.
ويُقارن هذا بمعدل 6.7% قبل الحرب. بسبب إغلاق المعابر أمام العمال الفلسطينيين وانتشار التجنيد في قوات الاحتياط، انخفض عرض العمالة في الاقتصاد وانخفض عدد الوظائف المشغولة، وخاصة في قطاع البناء.
وبحسب تقرير سوق العمل الإسرائيلي فإنه بالإضافة إلى ذلك، كان هناك تحول للعمال العرب الإسرائيليين غير المهرة إلى قطاع البناء. ونتيجة لذلك، زاد الطلب على العمال غير المهرة في جميع الصناعات بشكل ملحوظ.
ففي الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024، قفز عدد الوظائف الشاغرة في هذه المهن بنسبة 42%، بينما انخفض عدد الوظائف الشاغرة في المهن اليدوية لغير العمال اليدويين (المديرين والأكاديميين والمهندسين والكتبة وموظفي المبيعات) بنسبة 5%. بلغت الوظائف الشاغرة للعمال اليدويين 33% من إجمالي الوظائف الشاغرة، مقارنة بمتوسط 23% في الفترة 2014-2023.
واعتبر التقرير قطاع البناء في إسرائيل أحد أبرز ضحايا الحرب، حيث سُرّح نحو 90 ألف عامل غير إسرائيلي من العمل في القطاع في نهاية عام 2023، معظمهم فلسطينيون عملوا فيه.
وفي نهاية عام 2024، كان نحو 9% من مواقع البناء لا تزال متوقفة عن العمل، وانخفض عدد تصاريح بدء وإكمال البناء بنسبة 16% مقارنةً بعام 2023.
وللتخفيف من حدة نقص العمالة، اتخذ الاقتصاد خطوات مثل:
- زيادة عدد حصص استقدام العمال الأجانب بمقدار 33 ألف عامل في عام 2024
- برنامج منح للعمال الإسرائيليين لدمجهم في القطاع، وهو برنامج لم يُستخدَم إلا قليلاً.
وبنهاية عام 2024، ظلّ هناك نقصٌ في القوى العاملة في هذا القطاع يُقدّر بنحو 28 ألف عامل.
وقدّرت وكالة بلومبرغ فاتورة الحرب أنه مع بداية عام 2025 ستبلغ نحو 40 مليار شيكل (11 مليار دولار) وهو ما سيزيد الضغوط على جميع الإسرائيليين.