هدنة غزة تقترب؟.. اتفاق وشيك ونوايا متباعدة
في وقتٍ يشهد فيه الشرق الأوسط تحولات عسكرية وسياسية كبرى، تُحرز مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس تقدمًا ملحوظًا، وسط دوافع متباينة تدفع الطرفين نحو الاتفاق، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وفي أعقاب الحرب القصيرة والمكثفة بين إسرائيل وإيران الشهر الماضي، باتت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمتلك هامشًا سياسيًا أوسع يسمح لها بالتفاوض، بينما تواجه حماس ضغوطًا داخلية غير مسبوقة في قطاع غزة جراء الجوع ونفاد الموارد وتصاعد الغضب الشعبي.
المقترح المطروح حاليًا ينص على وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 60 يومًا، يترافق مع الإفراج عن 10 رهائن إسرائيليين أحياء مقابل عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب تسهيل إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة. وتهدف هذه الخطوة إلى فتح المجال أمام مفاوضات أعمق نحو إنهاء دائم للحرب المستمرة منذ نحو عامين.
وأكد وسطاء عرب أن جولات التفاوض تتواصل في كل من الدوحة والقاهرة، حيث انقسمت الفرق التفاوضية بين العاصمتين، في محاولة لتقريب وجهات النظر.
الغارات الإسرائيلية على إيران في الحرب الأخيرة، والتي أضعفت طموحات طهران النووية وأظهرت تفوق إسرائيل العسكري، منحت نتنياهو ورقة تفاوضية قوية، بحسب الصحيفة، التي نقلت عن مصادر قولها إن "هذه الانتصارات تسمح له بتحدي ضغوط حلفائه المتشددين في الحكومة الذين يرفضون إنهاء الحرب في غزة".
ويقول دانيال ليفي، المفاوض الإسرائيلي السابق: "قد لا تكون التهدئة خياره المفضل، لكن نتنياهو يمتلك الآن سردية جديدة بعد إيران، ويختبر إن كان بوسعه استخدامها سياسيًا".
في المقابل، تبدو حماس تحت وطأة ضغوط غير مسبوقة. القطاع المحاصر يشهد أزمة إنسانية خانقة، مع تقييد وصول الغذاء والدواء، فيما تتوالى الضربات الإسرائيلية التي قضت على قيادات من الصف الأول في الحركة.
وتواجه حماس أيضًا أزمة مالية تمنعها من دفع رواتب مقاتليها بانتظام.
وبحسب طهاني مصطفى، الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية، فإن "الضغط الشعبي في غزة وحده كفيل بجعل حماس تقبل بهدنة مؤقتة تسمح بدخول المساعدات".
في الجانب الإسرائيلي، يواجه نتنياهو انتقادات حادة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى مقتل حوالي 1200 إسرائيلي وأسر 250 آخرين. عائلات الرهائن تنظم احتجاجات متواصلة للمطالبة بإنهاء الحرب واستعادة ذويهم، وقد يشكل المقترح الحالي بارقة أمل إذ يشمل إطلاق سراح نحو 10 من الرهائن الأحياء وجثامين بعض القتلى.
ورغم محاولات نتنياهو استثمار نجاحه ضد إيران سياسياً، إلا أن استطلاعات الرأي لا تزال تشير إلى احتمال خسارته وحكومته لأي انتخابات مبكرة، في حال أُجريت الآن.
ضغوط أميركية.. ومرحلة حاسمة
يلتقي نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن يوم الإثنين، وقد يشكل هذا اللقاء لحظة حاسمة في مسار المفاوضات، في ظل رغبة ترامب بإحراز "اختراق سياسي" في ملف غزة.
من جانبه، يرى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أن الاتفاق يتطلب توازنًا دقيقًا: إذ ترفض إسرائيل التوقيع على وقف دائم للعمليات منذ البداية، بينما تطالب حماس بضمانات بإنهاء الحرب نهائيًا. ولا تزال هناك قضايا عالقة، منها انتشار الجيش الإسرائيلي في غزة وآليات توزيع المساعدات الإنسانية، والتي ستُبحث في جولة تفاوض نهائية قبل إعلان الهدنة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلي عن مصدر فلسطيني، قالت إنه يشارك بشكل يومي في الاتصالات الجارية بين إسرائيل وحركة حماس، تأكيده أن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين "أصبح مسألة أيام فقط"، مرجّحا أن يتم توقيعه خلال هذا الأسبوع.
وأضاف المصدر أن "الوضع هذه المرة مختلف تمامًا لأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساهم بشكل أكبر بكثير"، مشيرا إلى أن "الجانبين سيضطران للتوصل إلى حل، سواء أعجبهم ذلك أم لا"، بحسب تعبيره.