لقاء ترامب ونتنياهو.. قمة "الفرص الهشة"
يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض اليوم الإثنين، في لحظة تبدو مختلفة جذريًا عن المشهد الذي كان عليه الشرق الأوسط قبل أشهر قليلة فقط.
وبعد أن كانت المنطقة غارقة في الحروب والمخاطر، بدأت ملامح دبلوماسية جديدة في الظهور، لكن التساؤلات تبقى قائمة: إلى متى ستستمر؟، بحسب
تقرير تحليلي لصحيفة "وول ستريت جورنال" رصدت فيه نقاط التلاقي والخلاف في اللقاء المرتقب.
"ترامب الارتجالي" قد يعرقل التقدم
تأتي القمة في وقت تعود فيه إسرائيل وحماس إلى محادثات غير مباشرة حول وقف لإطلاق النار في غزة، بعد شهور من الهجمات العسكرية الإسرائيلية المكثفة. كما بدأت إيران، التي تلقت ضربات من الولايات المتحدة وإسرائيل، تبعث بإشارات استعداد للعودة إلى المفاوضات النووية.
وفي سياق موازٍ، تسعى واشنطن إلى فتح قناة تواصل مع الحكومة السورية الجديدة، أملًا بتحسين العلاقات بين دمشق وتل أبيب.
وبالنسبة لترامب، فإن المشهد يبدو كفرصة لتقديم نفسه مجددًا كـ"صانع صفقات" ورئيس يسعى للسلام، كما وصفه وزير الخارجية ماركو روبيو.
لكن غياب خطة دبلوماسية واضحة، واعتماد ترامب على أسلوبه الارتجالي قد يعرقل التقدم، خصوصًا في ظل وجود خلافات عميقة مع نتنياهو حول القضايا الكبرى.
يتفق المراقبون أن وقف إطلاق النار في غزة هو الهدف الأقرب للتحقق، لكن نتنياهو لا يزال يرفض أي اتفاق دائم لا يتضمن إزاحة حماس عن السلطة وتجريدها من السلاح.
وتجري حاليًا محادثات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في قطر. وبحسب مصادر مطلعة، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، إن صفقة تبادل الأسرى هي الخيار الأفضل في الوقت الحالي، إذ أن العمليات العسكرية الإضافية قد تعرض حياة الأسرى للخطر، دون مكاسب استراتيجية واضحة ضد حماس.
وقبيل توجهه إلى واشنطن، صرّح نتنياهو أنه لن يتخلى عن هدفه في إنهاء حكم حماس ونزع سلاحها.
تشرح الصحيفة أن ائتلاف نتنياهو إذا تمكن من الصمود حتى نهاية الشهر الجاري، فسيبقى في منصبه حتى نهاية أكتوبر على الأقل، حيث تدخل الكنيست في عطلة بدءًا من 27 يوليو وحتى 19 أكتوبر، وحتى في حال تفكك الائتلاف بعد العطلة، فإن موعد الانتخابات سيتأخر عدة أشهر.
يرى دانيال شابيرو، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل والمسؤول في البنتاغون سابقًا، أن اللحظة الحالية "تحمل فرصة حقيقية" أمام ترامب ونتنياهو لبناء مسار جديد في المنطقة، لكنه حذر من أنها لحظة "قد تُفلت بسهولة" إذا فشلت الهدنة في غزة، أو أخفت إيران أنشطتها النووية، أو تعرقلت القرارات السياسية في إسرائيل.
إيران.. معركة صعبة وطويلة
بالمقابل، وفي الشأن الإيراني نقلت الصحيفة عن مصادر إشارتها إلى أن إقناع طهران بالتخلي عن خططها لتخصيب اليورانيوم يبدو أيضًا معركة صعبة وطويلة الأمد.
ومع نافذة أمل أن يلتقي المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قريبًا، للتفاوض حول اتفاق يرفع العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، تهدف إلى إغلاق الطريق أمام إنتاج سلاح نووي. لم يُعلن عن أي اجتماع من هذا النوع، ولا توجد مؤشرات على أن المسؤولين الإيرانيين مستعدون للتخلي عن التخصيب، أو الاعتماد كليًا على الوقود النووي المستورد لتشغيل برنامجهم المدني، كما يطالب ويتكوف.
وقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأربعاء، أن الضربة الأميركية الأخيرة أخرت البرنامج النووي الإيراني لمدة تتراوح بين عام إلى عامين.
تنقل الصحيفة عن مسؤول أميركي سابق إن الدافع الحقيقي وراء هذه التحركات المتباينة لترامب، "هو رغبته في أن يُسجل في التاريخ كالرئيس الذي نجح أخيرًا في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط". لكن النجاح في هذا المسعى يعتمد على قدرته على جمع الأطراف الثلاثة على المسار ذاته: نتنياهو، حماس، وإيران، بحسب المصدر نفسه.
بعض المبادرات التي طرحها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض بدت مرتجلة ولم تلقَ صدى، فاقتراحه في فبراير أن يغادر سكان غزة القطاع لإعادة إعماره، قوبل بالرفض التام من سكان غزة والدول العربية.
وتفتقر باقي عناصر استراتيجيته إلى الوضوح، فالحل الطويل الأمد لغزة، كما يرى العديد من المحللين، يحتاج إلى خطة لإدارة فلسطينية بديلة لحماس، بالإضافة إلى خطة شاملة لإعادة الإعمار، وهي تفاصيل لم يعلن عنها أي من مسؤولي إدارة ترامب حتى الآن.
يقول دينيس روس، الدبلوماسي المخضرم الذي عمل مع إدارات جمهورية وديمقراطية في قضايا الشرق الأوسط: "ترامب يريد أن يظهر كصانع سلام، لكنه أيضًا يريد أن يُنظر إليه كمن يعرف كيف يستخدم النفوذ لعقد الصفقات"، لكنه أضاف: "ليست هناك استراتيجية متكاملة حتى الآن، لكن ترامب يستفيد من الإنجازات العسكرية التي حققتها إسرائيل".