"يزن" أضعف من البكاء.. الجوع ينهي تعابير وجوه الأطفال في غزة
في مخيم الشاطئ بغزة، خلعت نعيمة، والدة يزن أبو الفول- الذي لم يتجاوز عمره العامين- ملابسه لتكشف عن جسده النحيل.
فقراته وأضلاعه ولوحتا كتفيه بدا وكأنها ستخرج من جلده، أما أردافه فقد ذبلت تماما.. وجهه لم يبد أي تعبير.
بأعداد أكبر من أي وقت مضى، يتدفق أطفال أنهكهم الجوع على مستشفى "أصدقاء المريض"- وهو مركز الطوارئ الرئيسي لعلاج الأطفال الذين يعانون سوء التغذية في شمالي غزة.
وفي ذات السياق، قالت الأمم المتحدة ووكالات إنسانية إن الأغذية العلاجية المتخصصة في علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد واللازمة لإنقاذ حياتهم على وشك النفاد في غزة.
من جهتها أكدت منظمة أطباء بلا حدود الجمعة، أن ربع أطفال غزة بين سن الستة أشهر و5 سنوات والنساء الحوامل والمرضعات الذين قصدوا عياداتها للمعاينة الأسبوع الماضي، كانوا يعانون سوء التغذية.
وأوضحت المنظمة الخيرية في بيان "استخدام التجويع كسلاح حرب من جانب السلطات الإسرائيلية في غزة بلغ مستويات غير مسبوقة... المرضى والعاملون في القطاع الصحي، يعانون من الجوع". فهل من يتحرك؟
سجلت مستشفى "أصدقاء المريض" خمس وفيات نهاية الأسبوع الماضي وكانت بمثابة تغير ملحوظ، إذ كانت أول حالات وفاة يسجلها المستشفى لأطفال لم يعانوا من أي أمراض سابقة.
توفي الأطفال الخمسة أيام الخميس والسبت والأحد الماضية على التوالي.
وقالت أخصائية التغذية الطبيبة رنا صبح، إن الأعراض تزداد سوءا، إذ أصبح الأطفال أضعف من أن يبكوا أو يتحركوا.
وأضافت أن معظمهم تحسنت حالتهم في الأشهر الماضية، رغم نقص الإمدادات، لكنهم الآن يبقون في المستشفى لفترات أطول دون تحسن.
وأوضحت رنا، التي تعمل مع منظمة "ميدغلوبال" الأميركية للمساعدات الإنسانية، والتي تدعم المستشفى في مدينة غزة، أن الوضع في غزة كارثي.
أسوأ الحالات تبقى لمدة تصل إلى أسبوعين في جناح المركز الذي يضم عشرة أسرة، والذي استقبل هذا الشهر نحو 19 طفلا في وقت واحد.
مستشفى "أصدقاء المريض" يعالج الأطفال دون سن الخامسة فقط في المعتاد، لكنه بدأ في استقبال بعض الأطفال بعمر أحد عشر واثنى عشر عاما جراء تفاقم الجوع بين الأطفال الأكبر سنا.
الجوع ينال من طاقم العمل بالمستشفى أيضا. تقول رنا صبح إن ممرضتين وضعتا نفسيهما على محاليل وريدية للحفاظ على حياتهما.
أغذية علاج سوء تغذية الأطفال على وشك النفاد
قالت الأمم المتحدة ووكالات إنسانية إن الأغذية العلاجية المتخصصة في علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد واللازمة لإنقاذ حياتهم على وشك النفاد في غزة.
وقال سليم عويس، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في عمان بالأردن، لرويترز أمس الخميس، "نواجه الآن وضعا حرجا تنفد فيه الإمدادات العلاجية".
وأضاف أن إمدادات الأغذية العلاجية جاهزة الاستخدام، وهي علاج أساسي للأطفال، ستنفد بحلول منتصف أغسطس إذا لم يتغير شيء.
سوء التغذية ينهش أطفال غزة
قالت منظمة أطباء بلا حدود اليوم الجمعة، إن ربع أطفال غزة بين سن الستة أشهر وخمس سنوات والنساء الحوامل والمرضعات الذين قصدوا عياداتها للمعاينة الأسبوع الماضي، كانوا يعانون سوء التغذية.
وأوضحت المنظمة الخيرية في بيان "استخدام التجويع كسلاح حرب من جانب السلطات الإسرائيلية في غزة بلغ مستويات غير مسبوقة... المرضى والعاملون في القطاع الصحي، يعانون من الجوع".
وقالت كارولين ويلمن، منسقة المشاريع في عيادة أطباء بلا حدود في مدينة غزة، إن الطاقم الصحي يسجل الآن "25 حالة جديدة من سوء التغذية يوميا".
ففي هذه العيادة، تضاعف عدد المصابين بسوء التغذية أربع مرات منذ 18 مايو، كما تضاعف معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة، ثلاث مرات خلال الأسبوعين الماضيين.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود "هذه مجاعة متعمدة، تسببت بها السلطات الإسرائيلية في إطار حملة الإبادة الجماعية المستمرة. إن تجويع وقتل وإصابة من يحاولون تلقي المساعدات بشكل يائس أمر غير مقبول".
"لا دليل على سرقة حماس للمساعدات بشكل ممنهج"
لم يتوصل تحليل داخلي أجرته الحكومة الأميركية إلى أي دليل على حركة حماس بسرقة ممنهجة للإمدادات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة، وهو ما يشكك في المنطق الرئيسي الذي تطرحه إسرائيل وواشنطن لدعم آلية مساعدات خاصة مسلحة تحت مسمى "مؤسسة غزة الإنسانية".
وأجرى مكتب تابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية هذا التحليل، الذي لم يُنشر من قبل، واكتمل في أواخر يونيو. ودرس التحليل 156 واقعة سرقة أو فقدان لإمدادات ممولة من الولايات المتحدة، والتي أبلغت عنها منظمات مساعدات أميركية شريكة في الفترة من أكتوبر 2023 وحتى مايو من هذا العام.
ووفقا لشرائح عرض للنتائج اطلعت عليه رويترز، لم يجد التحليل "أي تقارير تزعم أن حماس" استفادت من الإمدادات الممولة من الولايات المتحدة.
من جانب آخر، نفى متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية صحة هذه النتائج، زاعما وجود أدلة مصورة على نهب حماس للمساعدات، لكنه لم يقدم أي فيديوهات، واتهم المتحدث المنظمات الإنسانية التقليدية بالتستر على "فساد المساعدات".
وقال مصدران مطلعان على الأمر إنه جرى تسليم النتائج لمكتب المفتش العام للوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومسؤولي وزارة الخارجية المعنيين بسياسة الشرق الأوسط، في الوقت الذي يتفاقم فيه النقص الحاد في الغذاء في القطاع المدمر.
وتقول إسرائيل إنها ملتزمة بالسماح بدخول المساعدات لكن يتعين عليها السيطرة عليها لمنع سرقتها من قبل حماس. وتحمل إسرائيل الحركة مسؤولية الأزمة.
ويقول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن ما يقرب من ربع سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة يواجهون ظروفا أشبه بالمجاعة.