حرب "بلا نهاية".. أصوات التمرد تتعالى في الجيش الإسرائيلي
اتخذ الجيش الإسرائيلي مؤخرا إجراءات عقابية ضد عدد من جنوده بعد رفضهم أوامر العودة للقتال في غزة، في ظاهرة تشير إلى موجة متصاعدة بين جنود الاحتياط الشباب في إسرائيل الذين يرفضون المشاركة في الحرب على غزة المستمرة منذ ما يقارب عامين.
رفض أوامر العودة للقتال من قبل الجنود الإسرائيليين يأتي في وقت تعاني فيه حكومة بنيامين نتنياهو من أزمة داخلية عميقة مع رفض الجناح المتطرف بوقف الحرب في غزة وإدخال بعض المساعدات، وسط تحذيرات من "انهيار سياسي شامل" قد تواجهه إسرائيل دوليًا، لا سيما في الولايات المتحدة، إذا لم تُبادر إلى خطوات عاجلة تُظهر تغييرًا في نهجها، في ظل ما يحدث من تجويع في غزة.
أفادت قناة "كان" الإخبارية الإسرائيلية الأحد، أن 4 جنود من الكتيبة 931 في لواء ناحال أبلغوا قادتهم رفضهم المشاركة في أي قتال آخر في قطاع غزة.
على الفور تم فصل الجنود الأربعة من الخدمة الفعلية لرفضهم الأوامر، وحُوكم 3 منهم أمام محكمة عسكرية، وحُكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 7 و12 يومًا. أما العنصر الرابع فلم يُحاكم بعد.
خاض جميع الجنود جولات قتال متعددة في غزة، وفقد جميعهم أصدقاء في الحرب. أُصيب أحد الجنود الأربعة على حدود غزة عام 2024، وعاد للقتال طواعيةً بعد شفائه.
قالت إحدى أمهاتهم لموقع كان: "ستُحفر هذه الأمور في أعماق نفوسهم".
ووفقًا لموقع "كان"، أعلن الـ٤ أن رفضهم القتال نابع من "أزمة داخلية عميقة"، وليس خوفًا. ورغم ذلك، زعمت المجموعة أنهم سُجنوا فورًا بدلًا من تقديم العلاج لهم.
موقف القيادة العسكرية الإسرائيلية
وفي ردّه على تقارير رفض الخمة العسكرية، قال الجيش الإسرائيلي إنه يأخذ تقارير رفض الأوامر بجدية بالغة، لا سيما في أوقات الحرب، وسيواصل الحفاظ على الانضباط.
تجدر الإشارة إلى أن ضابط الصحة النفسية فحص الجنود، وقرر جاهزيتهم القتالية. وبعد إجراء تأديبي، أصرّ الجنود على رفضهم، وحُكم عليهم بالسجن.
رفض الجنود العودة للقتال ليست الحالة الأولى كما أنها ليست المرة الأولى التي يتجاهل فيها الجيش الإسرائيلي، على ما يبدو، الصحة النفسية لجنوده، وفق صحيفة "جيروزاليم بوست".
ففي وقت سابق من هذا الشهر، طلب جندي من كتيبة كفير يخدم في غزة مرارًا وتكرارًا مقابلة مسؤول الصحة النفسية، لكن طلبه رُفض، حتى بعد أن هدد بالانتحار عدة مرات. ولم يُسمح له بالزيارة إلا بعد أن أبلغ زملاؤه الجنود قائد كتيبتهم بخطورة الوضع.
في مايو، حُكم على جنود إضافيين من كتيبة "ناحال" بالسجن مع وقف التنفيذ بعد طلبهم الخدمة في مواقع خلفية لأنهم "سئموا من القتال المستمر"، وفقًا لموقع "والا".
كما أن الغضب دفع جنودًا آخرين إلى اتهام الحكومة بتقديم مواصلة الحرب على غزة، على ضرورة إعادة الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس.
ومنذ أكتوبر الماضي، وقّع حوالي 140 جنديًا على رسالة أعربوا فيها عن رفضهم الاستمرار في الخدمة إذا لم تُعط حكومة نتنياهو أولوية للإفراج عن الرهائن في أي صفقة محتملة.
بعد القتال في لبنان، فاينر يرفض الخدمة في غزة
ما يحصل للجنود الإسرائيليين في غزة، حصل للعديد من أمثالهم في الحرب على لبنان في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
في مايو 2025، حُكم على النقيب (احتياط) رون فاينر بالسجن العسكري لمدة 20 يومًا لرفضه العودة إلى الخدمة الاحتياطية بعد قرابة ٣٠٠ يوم من الخدمة.
وأشار فاينر إلى التزاماته الأخلاقية المتعلقة بالحرب وبتعامل الحكومة مع جهود إنقاذ الرهائن.
بدت على وجه رون فاينر ملامح التأمل وهو يشير إلى المكان الذي أصابت فيه الرصاصة خوذته، وطرحتْه أرضًا. بضع مليمترات فقط فصلته عن الموت، الذي حصد أرواح ٦ من رفاقه، عندما دخلوا منزلًا في جنوب لبنان في أكتوبر، وهم يظنون خطأً أنه خالٍ من مقاتلي "حزب الله".
قال فاينر، وهو نقيب في اللواء 933 التابع لفرقة "ناحال" في الجيش الإسرائيلي: "كان يومًا فظيعًا بحق، فتح الجنود الباب، وكان خلفه مقاتلان من حزب الله، باشرا إطلاق النار مباشرة، ٤ جنود قُتلوا على الفور".
لكن اليوم، يختار فاينر طريقًا مختلفًا، فقد أعلن رفضه الالتحاق بالخدمة الاحتياطية من جديد، ورفض احتمال نشره في غزة، احتجاجًا على استمرار الحرب التي حصدت أرواح أكثر من 59 ألف فلسطيني حتى الآن، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس"، بحسب تقرير لصحيفة التلغراف البريطانية.
يقول فاينر: "عندما استؤنفت الغارات الجوية على غزة، أدركت أن حكومتنا لا تريد إنهاء هذه الحرب، بل تطمح لإطالة أمدها.. عندها فهمت أنني لا أستطيع الاستمرار في خدمتها".
ووفق الصحيفة البريطانية فإن العديد من الجنود لا يستجيبون للاستدعاءات العسكرية، بعضهم "يتناسى" رسائل البريد الإلكتروني، وآخرون يتحججون بأعذار طبية أو عائلية.
رأي فاينر في "عبثية الحرب" أن الأمر لا يقتصر عليه فقط، بل يتردد صداه في أوساط عدد متزايد من الضباط الحاليين والمتقاعدين في الجيش الإسرائيلي، الذين باتوا يرفضون نهج نتنياهو ويعارضون إصراره على استمرار الحرب.
يواجه الجيش الإسرائيلي ضغوطًا متزايدة بسبب الوضع الإنساني المتدهور في غزة، وسط تحذيرات من منظمات الإغاثة من كارثة غذائية وشيكة. وفي ظل هذا الضغط، أعلنت إسرائيل وقفًا "تكتيكيًا" مؤقتًا للقتال في بعض مناطق القطاع، بينما أعلنت فرنسا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين.